|
عندما تتجاذب الأسرة أطراف الحديث في جلسة عائلية جميلة مع بعضهم البعض , أو حتى
مع ضيوفهم الزائرين ثم يتعرضون لمناقشة مسألة من المسائل قد أشكلت عليهم ولم
يحيطوا بها علماً في أيّ فن من الفنون والعلوم المختلفة , يضطرون للسؤال عنها ,
كالخلاف حول معنى آية أو شرح حديث أو عن مدى صحة الحديث الفلاني من ضعفه ,
أوالبحث عن المدلول اللغوي لكلمة بعينها أو مفهوم من المفاهيم ... , وبحكم أن
بعض البيوت لاتكاد تجد فيها مكتبة صغيرة بل ولا كتاباً واحداً , ولاأبالغ إن
قلت : ولامصحفاً , والله المستعان , أقول : يقع الجميع في حيرة ٍ من أمرهم
ولايستطيعون أن يجزموا بشئ من العلم فيما اختلفوا فيه , وربما خلا مجلسهم من
عالم أوطالب علم يكفيهم مؤنة ما تباحثوا فيه وخصوصاً في المسائل الفقهية
المعاصرة , وهذه في الحقيقة مشكلة يواجهها الكثير وقد ينتهي مجلسهم ولم يصلوا
إلى نتيجة واضحة , لأنّ المرجعية لم تكن في المتناول , وأقصد بالمرجعية هنا
وجود مكتبة ولو صغيرة تشتمل كتاب واحد في كل فنّ على أقل تقدير , وهذا لايغني
بحال عن أهل العلم , لكن المكتبة مشعل نور في المنزل , وأذكر أنّ ناساً احتدم
النقاش بينهم في إحدى المسائل الفقهية فما كان من أحدهم إلا أن تناول كتاب
الممتع لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – وقرأ عليهم جواب ما
اختلفوا فيه فاطمأنت نفوسهم وفرحوا بكلام الشيخ – رحمه الله تعالى – كأنه عندهم
, وأذكر آخرين اختلفوا في بيت من الشعر من هو قائله ؟ فأسعفهم أحد الحاضرين بعد
بحث في كتاب متخصص في مكتبة منزله بالقائل , ولم يأخذ وقتاً طويلاً في ذلك ,
وياليت الناس يملأون مجالسهم في مناقشة مسائل العلم بدلاً من القيل والقال
والولوغ في الإثم , والسابقون – حسبما أعرف – من السلف كانت تعمر مجالسهم
بمدارسة العلم ومسائله , وبعض الموفقين من بني زماننا يتناقشون في الغالب.. إن
كان الزمن زمن حج فعن الحج , وإن كان صياماً فعن الصيام , وإن كانت مساهمات
واكتتابات في شركات وبنوك , فعن فقه المسائل المالية , ويتناولون كتب الفتاوى
لأصحاب الفضيلة العلماء بالقراءة والتمعّن , ويفيد بعضهم بعضاً , ويبصّر بعضهم
بعضاً , وهكذا , فإن أشكل عليهم شئ من ذلك , رجعوا لأهل العلم , ولو تعلّم
أحدنا كل يوم مسألة وأتقنها , لكانت حصيلته السنوية قرابة ( 360 ) مسألة !!