|
يقول أحدهم : عندما تجاوزت الثلاثين من العمر بدأت تلوح شعرات بيضاء في رأسي
ولحيتي وهي مرحلة عمرية قطعناها – والله المستعان - ثم ازداد الوقار مع مرور
السنوات وبعدما تجاوزت الأربعين وقفت مع نفسي لم لا أغيّر كما غيّروا , وأدخل
على نفسي عاملاً معنوياً بصبغ الشعر , وفعلاً عدت في الصورة شباباً كأنني ابن
الثالثة والعشرين , ولست كذلك , إلا أنّ ما يقلقني كثيراً أولئك الذين فعلوا
مثل مافعلت , وبدت بعض ممارساتهم وتصرفاتهم أشبه بتصرفات الطائشين , وسوّغوا
لأنفسهم أفعالاً يستحي المرء من ذكر طرف منها حتى قلت في نفسي : أهذا ابن
التاسعة والأربعين من عمره ؟ ثم تجاوز الأمر ماذكرت إلى الجرأة على بعض محارم
الله تعالى والولوغ في معاصٍ لا أتوقع أن يقعوا فيها لوكان الوقار ظاهراً
بادياً لكنهم أخفوه , وبإخفائه اختفت الرزانة والاتزان والحكمة ,
ولك – عزيزي القارئ – أن تتأمل التساؤل التالي : هل تتوقع من امرئ قد امتلأ
رأسه بالشيب وكذا لحيته أن يصدر منه شئ مما أشرت إليه آنفاً ؟ كلا سيضرب ألف
حساب لهذه الشعرات البيض حتى لاينتقد في تصرفاته كيف ومثله ينتظر منه الرزانة
والاتزان والحكمة والمشورة والأبوّة الحانية , وربما يكون من أهل الحل والعقد ,
لاأقول : هذا كل من صبغ شعره بالسواد , وإنما بعضهم , فيا من صبغت شعرك ,
أذّكرك بما يلي :
1 –
تذكّر بأنك لازلت كبيراّ , والكبير يتأكد قربه من الله تعالى لاسيما أن أمامه
قبر وحشر ونشر .
2 –
لايغريك السواد بأن تنسى نفسك فتزلّ بقول أو فعل يقبح صدوره من مثلك .
3 –
إياك والإغراق في الحديث عن النسوان وكثرة المزاح فيما دون السرّة .
4 –
أنت تحت المجهر , والسواد لايحيلك صغيراً , والناس ليسوا بأغبياء فهم إن لم
يعرفوا سنّك فلا أقلّ من قرب توقعاتهم جداً .
5 –
قال الشاعر :
نسوّد أعلاها وتأبى أصولها *** ولاخير في فرع يفضحه الأصل
6 –
لاتستخف دمك في بعض المجالس بتعليق أو طرفة لايحسن صدورها من مثلك .
7 –
تذكّر صورتك قبل أن تصبغ قبل صدور أيّ تصرف قد تندم عليه .
8 –
لاتكثر الحديث عن الأعمار فقد يظن بك ما خفت الوقوع فيه .
9 –
لاتقلل من شأن من لم يصبغ شعره وهو في مثل سنّك .
10 –
وأخيراً : مانصيبك من نوافل العبادات في مثل هذا السنّ من قيام الليل وصيام
النهار وقراءة القرآن , والصدقة .. إلخ
محبك / علي بن صالح الجبر البطيّح
Asb1388@gawab.com