|
يذكر أحدهم عن أبيه المسنّ , والآخر عن أمه الكبيرة , أنهما عندما يقابلانهما
يشمان منهما روائح كريهة تنبعث منهما بسبب التهابات اللثة أوغير ذلك من العلل
الصحية التي ينشأ بسببها روائح مستقذرة , ولكن البرّ والأدب أمام الوالدين
منعهما من ذكر ذلك بحضرتهما وانتقادهما وتنبيههما خشية إيذائهما , ولذا ربما لا
يفضلان الجلوس بالقرب منهما , وإذا قبّل الرأس قبّله على عجل , ولايخفى على
الجميع مايجده الكبيران المسنّان من المشقة في متابعة الجانب الصحي وجانب
النظافة وغير ذلك , وما كان متيسراً عليهما في زمن مضى , قد يصعب ويتعسر عليهما
حال كبرهما , ولا أظن أباً أو أمّاً في مثل هذا السنّ يرغب في أن يكلّف أولاده
بمتابعة الجانب الصحي وجانب النظافة وما إلى ذلك , وربما عرضنا عليهما تقديم
الخدمة لكن يرفضان لسبب أو لأخر , ومانريده هنا هو : هل نكتفي بالحال التي نحن
عليها الآن ؟ وهل نوّعنا في عرضنا لتقديم خدماتنا بأسليب محبّبة ؟ وهل سعينا في
علاج مامنه يتأذيان ؟ وهل حرصنا على متابعة مواعيدهم في العيادات الطبية
والعلاج ؟ وهل نبّهنا إخواننا وأخواتنا بالصبر والتواصي على حسن التعامل مع
ماقد يبدر منهما أيّأً كان ؟
أحدهم يقول : لم يقرّ لي قرار , وفعلت أكثر من سبب حتى اقتلعنا المرض من جذوره
– بفضل الله تعالى - من والدتي المسكينة التي كانت تعيش وحشة بين أبنائها
وبناتها وجليساتها, بسبب مايفوح من أثر الجروح والدمامل في رأسها , والآن تجلس
عزيزة مكرّمة , والكل يرغب بالقرب منها بسبب مايفوح من دهن العود في رأسها ,
وتحس هي بفرحة غامرة , بعد أيام المرض وتدعو لي قائمة قاعدة , وكم هو جميل أن
نفعل بهم مثل ذلك , لأننا ربما نعاني مستقبلاً كما كانوا يعانون , وبرّوا
آباءكم تبرّكم أبناؤكم , وأبشروا بالخير من رب العالمين , ولئن مدّ في عمرك
لتتذكرنّ ما قلته لك .