أَبٌ أَنْتَ أَمْ صَخْرَةٌ
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
رَأَيْتُكَ تَلْعَـبُ وَقْتَ السَّحَـرْ *** بَعِيْدًا عَنِ الأَهْلِ بُعْدَ الْقَـمَـرْ وَقَبْلَكَ خِنْزَبُ يَرْسُـمُ دَرْبًـا *** مَلِيئًـا بِغَـدْرٍ عَمِيْـقِ الضَّـرَرْ وَخَلْفَكَ يَرْكُـضُ لَيْلٌ بَهِيْـمٌ *** عَلَيْـهِ سِمَـاتٌ تُشِيْنُ الْبَشَـرْ وَحَوْلَكُ رَهْطٌ كَإِعْصَـار ِنَـارٍ *** سَرَتْ فِيْ هَشِيْمٍ قُبَيْلَ الْمَطَـرْ وَوَجْهُكَ فِيْهِ اصْفِـرَارُ الْمَرِيْضِ *** بِدَاءٍ عُضَـالٍ كَـدَاءِ الْبَطَـرْ تَأَمَّلْـتُ وَجْهَـكَ فِي حِيْـرَةٍ *** وَقَدْ سَـالَ دَمْعِـي وَقَلْبِي انْفَطَرْ وَقُلْتُ لِنَفْسِي انْظُرِيْ ( مَعْمَرًا ) *** أَخَا ( قُنْفُذٍ ) قَـدْ عَلاَهُ الضَّجَرْ أَلَمْ يَرْتَدِعْ عَنْ غُوَاةِ الرِّفَـاقِ *** وَأَهْلِ النِّفَاقِ وَ رَهْـطِ السَّهَـرْ أَلَمْ يَبْتَعِدْ عَنْ طَرِيْقِ الضَّـلاَلِ *** وَدَرْبِ الضَّيَاعِ وَ أَهْـلِ الْعَـوَرْ تَقَهْـقَـرَ فِيْ دَرْسِـهِ حِقْبَـةً *** فَـأَيْنَ التَّفَكُّـرُ أَيْـنَ النَّظَـرْ فَقَالَتْ دَعِ الْحُـزْنَ يَـا سَيِّدِيْ *** فَلَيْسَ الْفَتَى وَحْدَهُ مَـنْ غَدَرْ أَبُوْهُ ارْتَقَى فَـوْقَ عَرْشِ التَّسَاهُلِ *** وَالأُمُّ تَعْشَـقُ لَيْلَ السَّـمَـرْ وَلَـمْ يَمْتَلِكْ سُلَّـمًـا لِلـرُّقِيِّ *** وَلَمْ يَعْرِفِ الطِّفْلُ عَـزْفَ الْوَتَرْ وَأَصْبَـحَ يَعْـرُجُ فِيْ قَـوْمِـهِ *** وَلَوْلاَ اصْطِبَـارُ الْفَتَـى لانْتَحَرْ وَخِنْزَبُ يَخْطُرُ مِـنْ فَـرْحَـةٍ *** كَذِئْبٍ رَأَى الضَّأْنَ بَيْنَ الشَّجَرْ فَيَغْـزُوْ الْفَتَـى بَيْـنَ أَفْكَـارِهِ *** فَلَـمْ يَبْقَ لِلْخَيْرِ فِيْهَـا الأَثَـرْ فَيَسْبَحُ فِيْ ظُلْمَـةِ الْمُخْزِيَـاتِ *** وَيَمْشِيْ عَلَى نَـافِثَاتِ الشَّـرَرْ تَغَـذَّى عَلَى اللَّهْـوِ مُسْتَهْتِـرًا *** وَعَاشَ وَ فِيْ نَاظِـرَيْـهِ الْقِصَرْ أَبٌ أَنْـتَ أَمْ صَـخْرَةٌ صَلْـدَةٌ *** وَزَوْجُـكَ أُمٌّ تُـرَى أَمْ حَجَرْ أَبٌ أَنْتَ أَمْ سَـوْءَةٌ فِيْ الْـوَرَى *** وَزَوْجُكَ أُمٌّ تُـرَى أَمْ قَـذَرْ أَتَـتْـرُكُ طِفْـلاً بِـلاَ رَحْمَـةٍ *** وَتَرْمِيْهِ ظُلْمًا فَـأَيْنَ الْحَـذَرْ سَتُسْأَلُ يَـاصَـاحِ فِيْ مَـوْقِفٍ *** مَهِيْبٍ عَظِيْمٍ وَ أَيْـنَ الْمَفَـرْ سَتُسْأَلُ عَـنْ طِفْلَـةٍ أُهْمِلَـتْ *** وَطِفْلٍ وَتَهْوِيْ غَدًا فِيْ سَقَـرْ فَهَـلاَّارْتَـدَعْتَ بِنُصْحِ النَّصِيْحِ *** وَتُبْتَ مِنَ الظُّلْمِ قَبْلَ الْخَطَـرْ وَعَلَّمْـتَ طِفْلَكَ دَرْبَ الصَّلاَحِ *** وَجَنَّبْتَهُ دَرْبَ شُـؤْمٍ وَشَـرْ وَيَا أُمُّ لَسْتِ بِمَنْـآعَنِ الْـوِزْرِ *** حِيْنَ اسْتَهَنْتِ بِطِـفْـلٍ أَغَـرْ فَمَنْ أَهْمَلَتْ طِفْلَهَـا فِيْ صِبَـاهُ *** سَتَلْقَى النَّدَامَةَ عِنْـدَ الْكِبَـرْ وَفِيْ مَوْقِفِ الْحَشْـرِ مَسْؤُوْلَـةٌ *** وَأَيْنَ الْمَفَـرُّ وَأَيْـنَ الْمَقَـرْ فَتُـوْبِـيْ إِلَى اللهِ مِـنْ غَفْلَـةٍ *** هَنِيْئًا لِمَـنْ آبَ ثُـمَّ ادَّكَـرْ ◙ ◙ ◙ ◙ ◙ ◙ ◙