صيد الفوائد saaid.org
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عقد النكاح في المسجد

عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فقد حصلت مباحثة حول ما اعتاده أهل مكة من عقد النكاح في المسجد، ومدى مشروعية ذلك فكتبت خلاصة في المسألة.

‏ استحب الفقهاء عقد النكاح في المسجد ؛ للبركة، ولإشهاره ، كما في " الموسوعة الفقهية " ( 37 / 214 ) .

واستدل الفقهاء بما يأتي:

الدليل الأول: ورود الأمر بعقد النكاح في المسجد

فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ: ( أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف ) ، أخرجه الترمذي، في أبواب النكاح، باب ما جاء في إعلان النكاح: (٢/ ٣٩٠)، (حديث: ١٠٨٩)، من طريق عيسى بن ميمون الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة به، وقال: غريب حسن، لكنه أشار إلى ضعف إسناده، فقال بعد ذلك: «وعيسى ابن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث»، وكذا ضعف إسناده الحافظ ابن حجر، فقال: «سنده ضعيف» كما في «فتح الباري» (٩/ ٢٢٦)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى برقم ١٤٨١٤  وقال: عيسى بن ميمون ضعيف.

 قال عبد القادر الأرنؤوط:"حديث حسن بشواهده"( جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير(11/439))، وضعفه ابن حجر ، والألباني في الإرواء ( 1993 ).

  قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/ 2072، ط. دار الفكر): [قوله: (واجعلوه في المساجد) وهو: إما لأنه أدعى إلى الإعلان، أو لحصول بركة المكان] اهـ..

الدليل الثاني: ثبوت ذلك من فعله ﷺ،

فقد ثبتت مشروعية عقد النكاح في المسجد بما رواه الشيخان في "صحيحيهما" عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا.. قال: «اذْهَبْ، فَقَدْ مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 206، ط. دار المعرفة): [وفي رواية سفيان الثوري عند الإسماعيلي: "جاءت امرأة إلى النبي ﷺ وهو في المسجد"، فأفاد تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة] اهـ. فهذه الرواية تدل على أن النبي ﷺ أجرى عقد الزواج في المسجد وأعلنه.

الدليل الثالث: إقراره ﷺ لعقد النكاح في المسجد

ففي المصنف بَابُ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ، روى عبدالرزاق برقم ١٠٤٤٨ ‏ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَإِبْرَاهِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صالِحٍ، مَوْلَى التوْأَمَةِ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جمَاعَةً فِي الْمسْجِدِ، فقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: نِكَاحٌ قالَ: «هذَا النِّكَاحُ لَيْسَ بِالسفاح». وهو حديث مرسل.

بيان نصوص فقهاء المذاهب الأربعة في استحباب عقد النكاح في المسجد:

أولا: المذهب الحنفي:

قال الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (3/ 189، ط. دار الفكر): [ويستحب مباشرة عقد النكاح في المسجد؛ لأنه عبادة، وكونه في يوم الجمعة] اهـ.

وقال في مجمع الأنهر (1/317) : " ويستحب مباشرة عقد النكاح في المسجد ، وكونه في يوم الجمعة ، واختلفوا في كراهة الزفاف فيه ، والمختار: لا يكره إذا لم يشتمل على مفسدة دينية ".

ثانيا: المذهب المالكي

ففي "منح الجليل شرح مختصر خليل" (8/ 86، ط. دار الفكر): [(و) جاز (عقد نكاح) بمسجدٍ، واستحسنه جماعة] اهـ.

وقال الخرشي في شرح خليل (7/71) : " يعني أنه يجوز عقد النكاح أي : مجرد إيجاب وقبول ، بل هو مستحب".

ثالثا: المذهب الشافعي

قال ابن الصلاح في "شرح  مشكل الوسيط" (3/ 561، ط. دار كنوز إشبيليا): [يستحب أن يكون العقد في مسجد] اهـ.

وجاء في "مغني المحتاج" (4/ 207، ط. دار الكتب العلمية): [ويسن أن يتزوج في شوال، وأن يدخل فيه، وأن يعقد في المسجد، وأن يكون مع جمع، وأن يكون أول النهار] اهـ.

رابعا: المذهب الحنبلي

قال البهوتي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (2/ 368، ط. دار الكتب العلمية): [ويباح فيه عقد النكاح، بل يستحب كما ذكره بعض الأصحاب] اهـ.

وذكر الاستحباب شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٨).

وقد تظافرت عبارات شراح الحديث عند كلامهم على الحديث الأول الذي رواه الترمذي على مشروعية عقد النكاح في المسجد، ولم أجد من استنكر ذلك.

والحمد لله أولا وآخرا.


في 15/10/1446هـ
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية