صيد الفوائد saaid.org
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حفظ القرآن أمان من الخرف

عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فإن الإصابة بالخرف وأعراض التقدم في العمر مما يؤرق الكثير من الناس، ولذا فإن من دعاء الصالحين الدعاء بحفظ نعمة العقل والذاكرة، فقد ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ لأَصْحَابِهِ: اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا،  وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا. رواه الترمذي (رقم/3502) وقال: حسن غريب. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي ". ومعنى:  (ومتعنا) من التمتيع، أي: اجعلنا متمتعين ومنتفعين، ومعنى: (بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا) أي: بأن نستعملها في طاعتك. قال ابن الملك: التمتع بالسمع والبصر إبقاؤهما صحيحين إلى الموت، ومعنى: (ما أحييتنا) أي: مدة حياتنا، وإنما خص السمع والبصر بالتمتيع من الحواس لأن الدلائل الموصلة إلى معرفة الله وتوحيده إنما تحصل من طريقهما؛ لأن البراهين إنما تكون مأخوذة من الآيات، وذلك بطريق السمع، أو من الآيات المنصوبة في الآفاق والأنفس، فذلك بطريق البصر، فسأل التمتيع بهما حذراً من الانخراط في سلك الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة. ولما حصلت المعرفة بالأولين [أي: السمع والبصر]، وترتب عليها [أي: على المعرفة بالله] العبادة، سأل القوة ليتمكن بها من عبادة ربه، قاله الطيبي. والمراد بالقوة: قوة سائر الأعضاء والحواس أو جميعها، فيكون تعميماً بعد تخصيص. (واجعله) أي: المذكور من الأسماع والأبصار والقوة. (الوارث) أي: الباقي. (منا) أي: بأن يبقى إلى الموت.

ومن أعظم ما ينشط الذاكرة ويقويها حفظ القرآن وكثرة تلاوته، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «من قرأ القرآن لم يُرَدَّ إلى أرذل العمر، وذلك قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [التين: 5، 6]، قال: الذين قرؤوا القرآن» رواه الحاكم (2/ 528)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والبيهقي في شعب الإيمان (2706) وصحّحه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (1435).

وعن عكرمة رحمه الله تعالى قال: «من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر»، ثم قرأ: ﴿ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ﴾ [النحل: 70] [المصنف لابن أبي شيبة 16/‏ 402]،

وعن السّديّ رحمه الله تعالى في قوله: ﴿ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ﴾ [النحل: 70] الآية قال: «أرذل العُمر هو الخَرَف»،

 وعن طاووس رحمه الله تعالى قال: «إنَّ العَالم لا يخرف».

وعن عبدالملك بن عمير رحمه الله تعالى قال: «كان يقال: إنَّ أبقى الناس عقولًا قُرَّاء القرآن» [الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5/‏ 146].

وقال ابن أبي الدنيا في كتاب العمر والشيب (ص75): عن الشعبي قال: من قرأ القرآن لم يخرف. اهـ.

وقد أكَّد العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان 9/ 334 هذا المعنى بقوله: «وقد تواتَرَ عند العامة والخاصة أن حافظ كتاب الله المداوِم على تلاوته، لا يُصاب بالخرف، ولا الهذيان»

وفي أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي: وقد تواتر عند العامة، والخاصة، أن حافظ كتاب الله المداوم على تلاوته، لا يصاب بالخرف، ولا الهذيان. اهـ. 

وقال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: ويؤيد قوله: - إن العالم لا يخرف - قول عكرمة في قوله تعالى: {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} [النحل: 70] من قرأ القرآن: - أي بحقه - لا يصل لهذه الحالة، فالمراد بكون العالم لا يخرف، أنه لا يصل إلى خرف العوام من عود الكبير كالطفل في سائر أحواله، بل أقبح منه، فهذا هو الذي تصان عنه العلماء بالله. اهـ.

وقد ذكر موقع مايو كلينيك على الشبكة

https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/dementia/symptoms-causes/syc-20352013

أن من أهم ما يؤخر الخرف ويقلل من آثاره قاعدة: أبقِ عقلك نشطًا. والعمل بها قد تؤخر الأنشطة المنبهة للعقل بداية ظهور الخَرَف وتقلل من آثاره. كما ذكروا قاعدة:  اقضِ وقتًا في القراءة وحل الألغاز وممارسة ألعاب الكلمات، وخير من ذلك التفكر في معاني القرآن ففيه تمرين للذاكرة والتفكير.

والحمد لله أولا وآخرا

15 شوال 1446هـ
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية