الاستشفاء بالعسل في السنة النبوية

فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء

كتبه الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر في 24 / 12 / 1446ه

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

تعودت من سنين على ترك التنشف بعد الوضوء والغسل، ووجدت لذلك نشاطا في الجسم، فأحببت كتابة هذه التجربة، وفوائدها في بيئتنا الحارة الجافة.

فقد لحظت أن أكثر الأحاديث التي فيها بيان اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم تدل أنه لا يتنشف، ويزيل الماء بيده، وهذا في حال عدم وجود برد مؤذي، وفيما يأتي بعضها:

1)    فقد روى البخاري274 عن ميمونة في صفة غسله ﷺ قالت: فأتَيْتُهُ بخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بيَدِهِ. وفي رواية ٢٥٩: ثم أتي بمنديل فلم ينفض به. وفي رواية ٢٦٦: فناولته خرقة فقال بيده هكذا ولم يردها. وفي حديث أبي هريرة عند البخاري ٢٧٥ ومسلم 605 أنه ﷺ اغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر.

2)    وفي البخاري برقم 640 عن أبي هريرة: فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ ورَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، فَصَلَّى بهِمْ.

3)    وفي البخاري برقم 7239 ومسلم برقم 642 عن ابن عباس قال: أَعْتَمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالعِشَاءِ، فَخَرَجَ عُمَرُ فَقَالَ: الصَّلَاةَ يا رَسولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ والصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ ورَأْسُهُ يَقْطُرُ يقولُ: لَوْلَا أنْ أشُقَّ علَى أُمَّتي - أوْ علَى النَّاسِ وقَالَ سُفْيَانُ أيضًا علَى أُمَّتي - لَأَمَرْتُهُمْ بالصَّلَاةِ هذِه السَّاعَ. وبمعناه عند البخاري برقم 570 عن ابن عمر .

4)    وفي حديث عائشة قالت: لقد رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يخرُجُ إلى الصَّلاةِ ورأسُه يَقطُرُ، كان جُنُبًا فاغتسَلَ، وهو يُريدُ الصومَ. رواه أحمد برقم 24705, وبرقم 25853  وبرقم 25494 وبرقم 24681

5)    في حديث عائشة قالت: كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يَبيتُ جُنبًا فيأتيهِ بلالٌ فيؤذِنُه بالصَّلاةِ فيقومُ فيغتسِلُ فأنظرُ إلى تحدُّرِ الماءِ مِن رأسِه ثمَّ يخرُجُ فأسمعُ صوتَه في صلاةِ الفجرِ. رواه ابن ماجه برقم 1391.وأحمد برقم 24816

6)    وهو هدي الأنبياء، ففي رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري برقم 3439 ومسلم برقم 169 عن أبن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم: وأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ في المَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ ، كَأَحْسَنِ ما يُرَى مِن أُدْمِ الرِّجَالِ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، واضِعًا يَدَيْهِ علَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وهو يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فَقالوا: هذا المَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ.

واختلف الفقهاء في حكم التنشيف من الماء على أقوال ثلاثة:

القول الأول: القول بالكراهة في كل من الوضوء والغسل حُكي عن جابر بن عبد الله وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المسيب، والنخعي، ومجاهد، وأبي العالية بينما ذهب ابن عباس إلى كراهيته في الوضوء دون الغسل.

القول الثاني: بأنه خلاف الأولى أي : يستحب تركه فهو قول الشافعية في المشهور من مذهبهم.

القول الثالث: أنه مباح، وهو قول الجمهور قال النووي: (وحكى ابن المنذر إباحة التنشيف عن عثمان بن عفان، والحسن بن علي، وأنس بن مالك، وبشير بن أبي مسعود، والحسن البصري، وابن سيرين، وعلقمة، والأسود، ومسروق والضحاك، ومالك، والثوري، وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق). وقال ابن قدامه رحمه الله في "المغني" (1/195): "لَا بَأْسَ بِتَنْشِيفِ أَعْضَائِهِ بِالْمِنْدِيلِ مِنْ بَلَلِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ؛ وهو المنقول عن الإمام أحمد، وقد رُوِيَ أَخْذُ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ عن عُثْمَان وَالْحَسَن بْن عَلِيٍّ وَأَنَس، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وهو الأصح، لأن الأصل الإباحة".

ولكن المتتبع للهدي النبوي يلحظ أن ترك الماء ينشف بدون استعمال خرقه هو الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الأنبياء قبله، وعليه عمل الصحابة.

و ترك التنشيف في غير أوقات البرد أو المكوث تحت تيار بارد فيه فوائد:

1)    أنه أثر عبادة، وبقاؤه أفضل كبقية العبادات.

2)    غالبا تتعفن المنشفة بسبب الرطوبة وعدم التهوية الجيدة، فتكون مصدرا للبكتيريا.

3)    والتنشيف بمنشفة يستخدمها أكثر من شخص مدعاة لانتقال العدوى،

4)    وبقاء الماء على الجسم في وقت الصيف والجفاف أنفع للجلد، وأبرد للجسم، وفيه ترطيب للطبقة الجلدية الجافة.

5)    أن في إزالة الماء باليد، وترك التنشف فوائد بيئية من تقليل الغسيل، واستعمال المناديل.

6)    وبعد الاغتسال، ووضع العطر على الجسم المبلل ثم وضع البخور تحت الجسم، تبقى رائحة البخور فترة طويلة.

فهل تتغير عادات أهل عصرنا في التنشيف من الماء في أجوائنا الصيفية الجافة.