الاستشفاء بالعسل في السنة النبوية

تخليل الأصابع حماية من الفطريات

كتبه الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر في 24 / 12 / 1446ه

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

انتشرت عادة لبس الجزم في بيئات العمل في الصيف، وعند حضور الصلاة يتأذى الناس من روائح تلك الأقدام الممتلئة بالفطريات، حيث تتجمع الأوساخ في المواضع الضيقة بين الأصابع، ومع التعرق ورطوبة المحل، والمشي الطويل تتكاثر الفطريات والبكتيريا الضارة، ولذا فقد أمرنا بتنظيف ما بين أصابع اليدين والقدمين في الوضوء وحال الاغتسال.

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك . رواه الترمذي (38)، والحاكم في المستدرك (1/ 291)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1306).. وفال الترمذي في سننه (1/ 56): إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلِ الْأَصَابِعَ، ... وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ يُخَلِّلُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ" 

وصح عن لَقِيط بن صَبِرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قلتُ: يا رسولَ الله، أخبِرني عن الوضوءِ، قال: أسبِغِ الوضوءَ، وخَلِّلْ بين الأصابِعِ، وبالِغْ في الاستنشاقِ إلَّا أن تكونَ صائمًا. رواه أبو داود (142)، والترمذي (788)، والنسائي (114)، وابن ماجه (448) قال الترمذي: حسن صحيح. وصحَّحه ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/592)، والنووي في ((المجموع)) (6/312)، وصححه ابن حجر في ((الإصابة)) (3/329)، الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (142)، وصحح إسناده ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (80).

ويكون التخليل بين أصابع القدمين بالخنصر، لحديث المُستورِد بن شدَّاد رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((رأيتُ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا توضَّأ دَلك أصابِعَ رِجليه بخِنصَرِه. رواه أبو داود (148)، الترمذي (40) واللفظ له، وابن ماجه (446)، وأحمد (4/229) (18039). حسَّنه الإمام مالك كما في ((السُّنن الكبرى)) للبيهقي (1/77)، وقال البزار في ((البحر الزخار)) (8/390): رُوي نحوه من غير وجه بغير هذا اللَّفظ. وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/264): من رواية ابن لَهيعة، وهو ضعيف، ولكنَّه قد رواه غيرُه، فصحَّ- يعني: الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث- وقال ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (2/226): حسن صحيح. وصحَّحه الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (1/180)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (40).

قال ابن قدامة في المغني: تخليل أصابع اليدين والرجلين في الوضوء مسنون، وهو في الرجلين آكد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: أسبغ الوضوء، وخلل الأصابع. وهو حديث صحيح. وقال المستورد بن شداد: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلك أصابع رجله بخنصره. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة، ويستحب أن يخلل أصابع رجليه بخنصره لهذا الحديث، ويبدأ في تخليل اليمنى من خنصرها إلى إبهامها، وفي اليسرى من إبهامها إلى خنصرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في وضوئه وفي هذا تيمن.

وفي "الموسوعة الفقهية" (11/49):

" إيصَالُ الْمَاءِ بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالتَّخْلِيلِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْغُسْلِ ، فَهُوَ فَرْضٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ ; لقوله تعالى: ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ ).

أَمَّا التَّخْلِيلُ بَعْدَ دُخُولِ الْمَاءِ خِلَالَ الْأَصَابِعِ ، فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ( الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ) أَنَّ تَخْلِيلَ الْأَصَابِعِ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: ( أَسْبِغْ الْوُضُوءَ ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ ) ، وَقَدْ  صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ".

وتنتشر في بيئتنا الحارة وجود روائح وتمزقات بين الأصابع المتلاصقة في القدمين، بسبب عدم النظافة، والرطوبة التي تتعرض لها القدم خاصة مع لبس الجزم، ومن أنواعها : سعفة القدم/قدم الرياضي Tinea Pedisأو Athlete›sfoot. وهي فطريات في القدم، وهو مرض فطري معدي يصيب بين الأصابع خاصة الاصبعين الرابع والخامس، وتخليل الأصابع والحرص على جفاف المنطقة من أسباب الوقاية من هذه الفطريات.

وأما بعد الإصابة فيمكن استخدام بعض المراهم باستشارة الطبيب المختص، وصدق من قال: الوقاية خير من العلاج.

والمسلم يجعل اتباع النبي صلى الله عليه وسلم قبل كل شيء، قَالَ الله تَعَالَى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) الحشر / 7 ، وَقالَ تَعَالَى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم /3-4 ، وَقالَ تَعَالَى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) آل عمران / 31 ، وَقالَ تَعَالَى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِر ) الأحزاب /21 .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه بقوله (فإن خير الحديث كتاب الله. ‌وخير ‌الهدى ‌هدى ‌محمد...الحديث) رواه مسلم (867).

نسأل الله للجميع الهدى والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.