الاستشفاء بالعسل في السنة النبوية

العناية بالأظافر في السنة النبوية

كتبه الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر في 24 / 12 / 1446هـ

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

من غرائب عصرنا تجمل النساء بإطالة الأظافر، مع مخالفة ذلك للفطرة والنظافة الشخصية، مع ما فيها من مخالفة للهدي النبوي.

وتطويل الأظافر وعدم تنظيفها بشكل منتظم يُعد مصدرًا مباشرًا للميكروبات والبكتيريا والطفيليات، مما قد يؤدي إلى أمراض جلدية وداخلية معدية، إضافة إلى مشاكل صحية موضعية في الأظافر نفسها. إليك تفصيلًا لأبرز الأمراض والمخاطر:

أولًا: أمراض ناتجة عن الجراثيم المتراكمة تحت الأظافر

1)    العدوى البكتيرية المعوية (مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية - E. coli)، وتنتقل من البراز إلى اليد ثم للفم عبر الأظافر الطويلة، وتسبب إسهالًا شديدًا، وتقيؤًا، وحمى، ومغص معوي

2)    الدودة الدبوسية (Pinworms)، وهي طفيليات معوية تصيب الأطفال غالبًا، وتنتقل عبر الأظافر عند الحكة حول فتحة الشرج ثم ملامسة الفم، وتؤدي إلى حكة ليلية شديدة، واضطرابات في النوم، وألم بالبطن.

3)     عدوى فيروسية حيث إن الفيروسات تعيش بسهولة تحت الأظافر، وتنتقل باللمس للفم أو العين

ثانيًا: أمراض تصيب الأظافر نفسها بسبب الطول والإهمال، مثل:

1)    تتكون الفطريات تحت الأظافر (Onychomycosis)، وتراكم الرطوبة والأوساخ يوفر بيئة للفطريات. ومن أعراضها: تغيّر لون الأظافر للأصفر أو الأخضر، وهشاشة الظفر، مع وجود رائحة كريهة.

2)    التهاب حول الظفر (Paronychia)حيث يصاب بعدوى بكتيرية أو فطرية تصيب الجلد حول الظفر، وهذا يسبب احمرارًا وتورمًا، وألمًا عند اللمس، مع خروج صديد أحيانًا

3)     كسور أو تمزقات في الظفر، حيث إن الأظافر الطويلة تتعرّض للكسر بسهولة، وهذا يؤدي ذلك إلى جروح ونزف وربما التهاب الجلد المحيط.

 ثالثًا: الرائحة الكريهة وسوء المظهر، حيث إن تراكم البكتيريا والعرق تحت الأظافر يسبب رائحة غير مستحبة، ويُعد مؤشرًا على الإهمال في النظافة الشخصية

رابعًا: نقل العدوى للآخرين، حيث إن الأظافر المتسخة قد تنقل العدوى عبر المصافحة أو لمس الطعام، خاصة عند الأطفال أو كبار السن.

وخير وقاية لصحة الأظافر أن تقص الأظافر أسبوعيًا، مع معاهدة تنظيف ما تحتها يوميًا خاصة بعد استخدام الحمام أو قبل الطعام، وتجنّب قضم الأظافر أو وضعها في الفم، وتعاهد غسل اليدين جيدًا بالصابون، وارتداء القفازات عند استخدام المنظفات أو التعامل مع اللحوم النيئة.

ومن الفطرة السوية قص الأظافر، ففي صحيح البخاري (5889) ، ومسلم (257) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الفِطْرَةُ خَمْسٌ ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ ، وَالِاسْتِحْدَادُ ، وَنَتْفُ الإِبْطِ ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ).وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عشر من الفطرة : قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء . قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة " . رواه مسلم ( 261 ) .

كما وقت لنا النبي صلى الله عليه وسلم, ألا تتجاوز الأشعار المؤذية أربعين يوما دون قص، فقد ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً " رواه مسلم (258). وفي رواية النسائي (14)، قال: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا"، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: "أَرْبَعِينَ لَيْلَةً".

قال النووي رحمه الله تعالى: " معناه: أن لا نترك تركا يتجاوز الأربعين.

وقوله: ( وُقِّتَ لَنَا) هو من الأحاديث المرفوعة، مثل قوله: " أمرنا بكذا "، وقد جاء في غير صحيح مسلم: ( وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم )، والله أعلم " "شرح صحيح مسلم" (3/150).

وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: " وفي الحديث: (وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً). اعلم أنه متى زاد الزمان على هذا المقدار كثرت الأوساخ، وربما حصل تحت الظفر ما يمنع وصول الماء إليه. ثم إنها تعدم الزينة التي خصت بالأظفار والشارب" انتهى من "كشف المشكل" (3/313).

وقال ابن هبيرة رحمه الله تعالى: " هذا الحديث هو الغاية في تأخير ذلك، والأولى أخذ ذلك فيما قبل هذه الغاية " انتهى من "الإفصاح" (5/396).

وقال النووي رحمه الله تعالى: " وأما وقت حلقه – أي شعر القبل - فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق، وكذلك الضبط في قص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وأما حديث أنس المذكور في الكتاب: ( وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )، فمعناه: لا يترك تركا يتجاوز به أربعين، لا أنهم وقت لهم الترك أربعين، والله أعلم " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (3/ 148-149).

وقال النووي رحمه الله تعالى: " تقليم الأظفار، وإزالة شعر العانة، بحلق، أو نتف، أو قص، أو نورة، أو غيرها، والحلق أفضل. ويستحب إزالة شعر الإبط بأحد هذه الأمور، والنتف أفضل لمن قوي عليه. ويستحب قص الشارب، بحيث يبين طرف الشفة بيانا ظاهرا. ويبدأ في هذه كلها، باليمين، ولا يؤخرها عن وقت الحاجة، ويكره كراهة شديدة، تأخيرها عن أربعين يوما، للحديث في "صحيح مسلم" بالنهي عن ذلك " انتهى من "روضة الطالبين" (3/234). وكذا عند الحنابلة، فقد ورد في "مطالب أولي النهى" (1/87): "فإن تركه فوق أربعين يوما: كره ، لحديث أنس قال: ( وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة؛ أن لا يترك فوق أربعين ) رواه مسلم ". وذهب الحنفية وبعض أهل العلم إلى تحريم تجاوز الأربعين دون إزالة لهذه الأشياء المنصوص عليها.

وحيث إن الناس تختلف في سرعة طول الأظافر، حسب العمر وجودة الغذاء والوقت، فقد قرر الفقهاء استحباب أن تقص الأظافر كل جمعة، قال العراقي رحمه الله في "طرح التثريب" (2/ 83): " قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ : وَالْمُسْتَحَبُّ تَفَقُّدُ ذَلِكَ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ ، وَإِلَّا فَلَا تَحْدِيدَ فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَثُرَ ذَلِكَ أُزِيلَ ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمُخْتَارُ: أَنَّهُ يُضْبَطُ بِالْحَاجَةِ وَطُولِهِ " وللاستزادة:"الآداب الشرعية" لابن مفلح (3/328-330) .

وقد ورد في قص الأظافر الجمعة، فقد روى الإمام البيهقي بسنده في "السنن الكبرى" (3/244): عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقلم أظفاره ويقص شاربه في كل جمعة.

وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/65): " عن إبراهيم قال: ينقي الرجل أظفاره في كل جمعة ".

وروى عبد الرزاق في "المصنف" (3/197): " عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: من قلم أظفاره يوم الجمعة، وقص شاربه، واستن، فقد استكمل الجمعة ".

ونقل الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (5/359): " عن راشد بن سعد قال: ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: من اغتسل يوم الجمعة، واستاك، وقلم أظفاره، فقد أوجب ) خرجه حميد بن زنجويه ". والمقصود بـ أوجب: يعني أوجب الأجر.

قال أبو بكر الخلال ت ٣١١ في كتابه الوقوف والترجل من الجامع ‏ لمسائل الإمام أحمد.. ‏قال... ‏قال أحمد ‏.. فأما الشارب ففي كل جمعة لأنك إذا تركته بعد الجمعة تصير وحشا. قال البهوتي الحنبلي رحمه الله: " ( ويكون ذلك ) أي: حف الشارب، وتقليم الأظافر، وكذا الاستحداد، ونتف الإبط، ( يوم الجمعة، قبل الصلاة ) وقيل: يوم الخميس. وقيل: يُخَيَّر "."كشاف القناع" (1/76).

وقال الإمام النووي رحمه الله: " وقد نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله على أنه يستحب تقليم الأظفار والأخذ من هذه الشعور يوم الجمعة ". "المجموع" (1/340).

نسأل الله للجميع الهدى والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.