العناية بالشعر في السنة النبوية

كتبه الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر في 24 / 12 / 1446هـ

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الناس في العناية بالشعر طرفان ووسط، فطائفة تهتم بالشعر عناية يتجاوز عناية الفتيات، وطائفة تترك الشعر شعثا بلا تنظيف، وسنعترض الهدي النبوي في العناية الصحية بالشعر بلا إفراط ولا تفريط.

مشروعية العناية بتنظيف الشعر في الأغسال المشروعة:

يشرع زيادة دلك الرأس وتنظيفه في الغسل من الجنابة، ففي صحيح مسلم برقم 327 عن جبير بن مطعم قال: أنَّهم ذَكَروا عندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الغُسلَ منَ الجَنابةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أمَّا أنا فأُفيضُ علَى رأسي ثلاثًا. وأشارَ بيدَيهِ كلتَيهما

وفي البخاري برقم 255 ومسلم 329برقم عن جابر بن عبد الله قال كان النبي صلى الله عليه وسلم: ((يفرغ على رأسه ثلاثا)).

ويشرع للمرأة أن تدلك رأسها عند الاغتسال بعد الطهر من الحيض والنفاس دركا شديدا، فقد ثبت أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم: " تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً - أي: قطعة قماش فيها مسك - فَتَطَهَّرُ بِهَا، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ ! تَطَهَّرِينَ بِهَا ! فَقَالَتْ عَائِشَةُ لها: تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ. رواه البخاري ومسلم.ولا يشترط أن تفك ضفائرها، فقد روى مسلم (330) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي، فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ: (لا، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ) وفي رواية: (فَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ وَالْجَنَابَةِ ؟ فَقَالَ: لا).

كما في يشرع في الأغسال المستحبة، فقد روى مسلم برقم 849 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حَقٌّ لِلَّهِ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، يَغْسِلُ رَأْسَهُ وجَسَدَهُ.

وفي صحيح البخاري برقم 3486عن أبي هريرة مرفوعا: علَى كُلِّ مُسْلِمٍ في كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، يَوْمٌ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وجَسَدَهُ.

وروى أبو داوود برقم 346 عن أوس بن أبي أوس مرفوعا: من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل.

قال البيهقي:  وإنما أفرد الرأس بالذكر; لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما وكانوا يغسلونه أولاً ثم يغتسلون.

 

استخدام السدر لتنظيف الشعر

يعد السدر: ziziphus، من المنظفات الطبيعية للشعر، ولعل في السدر خاصية تنفع الشعر والجلد وليس فيها ما في المنظفات الكيميائية الرديئة. وقد قال الحافظ الذهبي: الاغتسال بالسدر ينقي الرأس أكثر من غيره ويذهب الحرارة وقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل الميت.

وقد صحت الأحاديث بالحث على استخدام السدر لتنظيف الشعر، في الأغسال الواجبة والمستحبة، وبيانها فيما يأتي:

أولا: مشروعية غسل الشعر بالسدر عند الإسلام:

روى أبو داوود 355 عن قيس بن عاصم -رضي الله عنه- قال: أتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُريدُ الإسلامَ، فأمَرَني أنْ أغتَسِلَ بماءٍ وسِدرٍ. وصححه الألباني في الإرواء جزء ١ صفحة 164.

ثانيا: مشروعية غسل شعر الميت بماء وسدر:

بوب البخاري: باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر وروى فيه برقم ١٢٥٣ عن أم عطية قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فَقالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، بمَاءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فألْقَى إلَيْنَا حقوه فَقالَ: أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ.

وفي حديث ابن عباس عند البخاري ١٢٥٦ ومسلم 1206: بيْنَما رَجُلٌ واقِفٌ بعَرَفَةَ، إذْ وقَعَ عن رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قالَ: فأوْقَصَتْهُ - قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تُحَنِّطُوهُ، ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا.

وقد سئل شيخنا ابن باز رحمه الله: هل في حديث ابن عباس دليل على وجوب استخدام السدر؟ فأجاب؛ هو مشروع، والأمر عند العلماء للاستحباب؛ لأنه أبلغ في الإنقاء، وإذا لم يتيسر سدر فيجعل بدله صابون أو أشنان أو ما يقوم مقامهم. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 13/ 113.

وقال القاري في المرقاة: وإنما أمره -عليه الصلاة والسلام- بالغسل بالماء والسدر؛ للمبالغة في التنظيف؛ لأنه يطيب الجسد.

ثالثا: مشروعية تنظيف الشعر بالماء والسدر بعد الطهر من الحيض:

روى مسلم 332 عن عائشة أنَّ أسْمَاءَ سَأَلَتِ النبيَّ ﷺ عن غُسْلِ المَحِيضِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بهَا فَقالَتْ أسْمَاءُ: وكيفَ تَطَهَّرُ بهَا؟ فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بهَا فَقالَتْ عَائِشَةُ: كَأنَّهَا تُخْفِي ذلكَ تَتَبَّعِينَ أثَرَ الدَّمِ، وسَأَلَتْهُ عن غُسْلِ الجَنَابَةِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا المَاءَ فَقالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ. وفي رواية: نَحْوَهُ، وقالَ: قالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِي بهَا واسْتَتَرَ.

وسئل أحمد عن امرأة اغتسلت بعد الحيض بماء فقط فقال: أحب أن تعيد.


سنة إكرام الشعر

صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَن كان له شعر فليكرمه. رواه أبو داود (4163) وحسَّنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/368).، وصححه الألباني.

قوله: " فليكرمه ": " أي فليزينه ولينظفه بالغسل والتدهين والترجيل ولا يتركه متفرقاً، فإن النظافة وحسن المنظر محبوب.." "عون المعبود" (9/1183).

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم شعره، فقد صح عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أرجِّل رأسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض. رواه البخاري (291). ومن إكرامه أن يجعله ضفائر إذا طال، فقد صح عن أم هانئ رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر. رواه الترمذي (1781) وأبو داود (4191) وابن ماجه (3631). والحديث: حسَّنه ابن حجر في "فتح الباري"، وصححه الألباني في "مختصر الشمائل" (23).

 

عدم الإكثار من تسريح الشعر وتمشيطه منعا لتساقط الشعر

( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا ) رواه أبو داود (3628) والترمذي (1678) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.

قال ابن الأثير رحمه الله: الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه.." غريب الحديث (2/494).

وقوله: " إلا غباً " قال الإمام أحمد رحمه الله " يدهن يوماً ويوماً لا " " المغني" (1/67)

وقال الشوكاني رحمه الله: " والحديث يدل على كراهة الاشتغال بالترجيل في كل يوم؛ لأنه نوع من الترفه. وقد ثبت من حديث فضالة بن عبيد عند أبي داود قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه).

والإرفاه: الاستكثار من الزينة وأن لا يزال يهيئ نفسه" "نيل الأوطار" (1/159).

وقال ابن القيم رحمه الله: "والصواب أنه لا تعارض بينهما - أي بين حديث (من كان له شعر فليكرمه)، وبين حديث (النهي عن الترجل إلا غباً) -، فإن العبد مأمور بإكرام شعره ومنهي عن المبالغة والزيادة في الرفاهية والتنعم، فيكرم شعره ولا يتخذ الرفاعية والتنعم ديدنه، بل يترجل غباً، هذا أولى ما حمل عليه الحديثان" "حاشية السنن" (11/147).

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَرَأَى رَجُلًا ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ (أَمَا يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ) رواه أحمد (14321) وأبو داود (3540) والنسائي(5141) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.

وروى مَالِك في الموطأ (1494) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ ثَائِرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ أَنْ اخْرُجْ كَأَنَّهُ يَعْنِي إِصْلَاحَ شَعَرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ ثَائِرَ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ )

قال ابن عبد البر رحمه الله: " ولا خلاف عن مالك أن هذا الحديث مرسل وقد يتصل معناه من حديث جابر وغيره...وفيه الحض على ترجيل شعر الرأس واللحية وكراهية إهمال ذلك والغفلة عنه حتى يتشعث ويسمج " "التمهيد" (5/50).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ويستحب الترجل غباً وهو تسريح الشعر ودهنه وكذلك دهن البدن.... قال أحمد معناه يدهن يوماً ويوماً لا.

والقصد: أن يكون ادهانه في رأسه وبدنه متوسطاً على حسب حاله حتى لو احتاج إلى مداومته لكثرة شعره وقحول بدنه جاز، لما روي عن أبي قتادة أنه كانت له جمة ضخمة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم رواه النسائي.

وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( من كان له شعر فليكرمه ) رواه أبو داود وعن جابر قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ثائر الرأس فقال: أما يجد هذا ما يسكن به شعره رواه أحمد وأبو داود والنسائي".


استعمال زيت الزيتون في الشعر وقاية وعناية

ودليل ذلك ما رواه أبو أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة"([1]). ولا يزال الطب الحديث يكتشف منافع جديدة لزيت الزيتون في الوقاية من أمراض الجلد والشعر.

 وينصح بوضع زيت الزيتون للشعر غير الدهني بكميات مناسبة وينتفع الشعر من عدة جهات:

 1.        ترطيب الشعر الجاف، لكون زيت الزيتون غني بالأحماض الدهنية وفيتامين E، مما يساعد على ترطيب الشعر بعمق.

   2.      تقوية الشعر ومنع التكسر، لكون الزيت يغلف الشعرة بطبقة حماية تقلل من تقصف الأطراف وتكسر الشعر.

   3.      تهدئة فروة الرأس، لخصائص الزيت المضادة للالتهاب، وقد يفيد في تقليل الحكة الناتجة عن الجفاف أو القشرة الخفيفة.

   4.      زيادة لمعان الشعر، فالزيت يعطي مظهرًا صحيًا ولامعًا خاصة للشعر الباهت أو التالف.

   5.      فك تشابك الشعر، فالزيت يساعد في تنعيم الشعر وتسهيل تسريحه، خاصة للأطفال أو لمن يعانون من شعر مجعد.

وينصح بعد وضع قناع الزيت أن يغسل الشعر بالشامبو بشكل جيد.


تغطية الرأس من الشمس والجفاف

من سنة المسلمين من قرون تغطية رؤوسهم بالعمائم والطاقيات ونحوها، وكانوا يكرهون أن يصلي الرجل حاسر الرأس، ولذا نجد في بعض البلاد قبعات موقوفة عند مدخل كل مسجد، ليرتديها من نسي قبعته، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (22/117):" فَتُؤْخَذُ الزِّينَةُ لِمُنَاجَاتِهِ سُبْحَانَهُ. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِغُلَامِهِ نَافِعٍ لَمَّا رَآهُ يُصَلِّي حَاسِرًا: أَرَأَيْت لَوْ خَرَجْت إلَى النَّاسِ كُنْت تَخْرُجُ هَكَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَاَللَّهُ أَحَقُّ مَنْ يُتَجَمَّلُ لَهُ ".

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يغطي رأسه بالعمامة، وكذا صحابته، بل كان يمسح على العمامة في الوضوء كما في صحيح مسلم برقم 274 عن المغيرة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بناصِيَتِهِ، وعلَى العِمامَةِ وعلَى الخُفَّيْنِ. وفي صحيح البخاري برقم 205  عن عمرو بن أمية قال: رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَمْسَحُ علَى عِمَامَتِهِ وخُفَّيْهِ

وفي تغطية الرأس حماية لفروة الرأس من الجفاف والشمس، ومن تعرضه للأوساخ والغبار.

 

تلبيد الشعر بصمغ ونحوه حماية للشعر من التقصف والتساقط والاتساخ

كما كان في حال سفره صلى الله عليه وسلم يلبد شعر رأسه، ففي حديث عائشة: قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا ولَمْ تَحْلِلْ أنْتَ؟ قالَ: إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وقَلَّدْتُ هَدْيِي، فلا أحِلُّ حتَّى أحِلَّ مِنَ الحَجِّ. رواه البخاري برقم 1697 ومسلم برقم 1229. وفي صحيح البخاري 1540 برقم ومسلم برقم 1184عن ابن عمر قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا.

والتلبيد هو وضع مادة على الرأس كالحناء تلصق الشعر بعضه ببعض وتمنع دخول التراب ونحوه إليه. حتى يجتمع الشعر ويكون أبعد عن الوسخ ولا يحتاج على غسل فيكون أرفق بالمحرم لاسيما فيما سبق من الزمن مع كثرة تعرض المحرم للوسخ وقلة المياه.

 

الحناء للشعر

صح عن أبي ذر عنه ﷺ قال: إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم. رواه الترمذي ( 1753 ) وأبو داود ( 4205 ) وابن ماجه ( 3622 ).قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد خضب أبو بكر رضي الله عنه بالحناء والكتم. رواه مسلم ( 2341 ).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في حديثه عن الخضاب ـ يعني: بالحِنَّاء ـ وخلاف السلف فيه: " الْخِضَاب مُطْلَقًا أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ اِمْتِثَال الْأَمْر فِي مُخَالَفَة أَهْل الْكِتَاب , وَفِيهِ صِيَانَة الشَّعْر عَنْ تَعَلُّق الْغُبَار وَغَيْره بِهِ , إِلَّا إِنْ كَانَ مِنْ عَادَة أَهْل الْبَلَد تَرْك الصَّبْغ، وَأَنَّ الَّذِي يَنْفَرِد بِدُونِهِمْ بِذَلِكَ يَصِير فِي مَقَام الشُّهْرَة: فَالتَّرْك فِي حَقّه أَوْلَى " "فتح الباري" (10/367-368).

وفي " الموسوعة الفقهية " (2/280): " يستحب الاختضاب بالحناء والكتم ؛ لحديث: ( غيروا الشيب )، فهو أمر، وهو للاستحباب، وورد عنهﷺ: ( إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم )، فإنه يدل على أن الحناء والكتم من أحسن الصباغات التي يغير بها الشيب، وأن الصبغ غير مقصور عليهما، بل يشاركهما غيرهما من الصباغات في أصل الحسن ؛ لما ورد من حديث أنس رضي الله عنه قال: ( اختضب أبو بكر بالحناء والكتم، واختضب عمر بالحناء بحتاً ) ".

وفوائد الحناء لفروة الرأس:

1)    .تنظيم إفراز الدهون (الزهم)، فهو مفيد للشعر الدهني، ويساعد في امتصاص الدهون الزائدة من فروة الرأس

2)    مضادة للبكتيريا والفطريات، لما في الحناء من خصائص مطهرة ومضادة للميكروبات، فهو يقلل القشرة والحكة

3)    تهدئة فروة الرأس المتهيجة، وخاصة بعد التعرض لأشعة الشمس أو مستحضرات كيميائية قوية

4)    تحفيز نمو الشعر وتقوية الجذور

5)    تبريد طبيعي لفروة الرأس

نسأل الله للجميع الهدى والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


 

([1])  أخرجه عبد بن حميد (13) وابن ماجه(3319) والترمذي(1851) وهو في صحيح الجامع (4498) وحسنه شعيب الأرناؤوط في شرح مشكل الآثار(4450).