|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من
لا نبي بعده أما بعد:
فكثيرا ما يتحفنا أحد إخوتنا في مشاة
الفجر بالتلبينة بعد الانتهاء من تمارين الاستطالة، فقد اشتهرت فوائد
التلبينة وصارت تباع جاهزة، وما أجمل أن يحرص الناس على الرجوع للغذاء
الصحي غير المركب، والوقاية خير من العلاج، وفي هذا المقال جمع لما ورد عن
التلبينة في السنة النبوية ضمن موسوعة الطب النبوي.
المطلب الأول:
وصف التلبينة
وقال الحافظ ابن حجر
رحمه الله في تعريف التلبينة:
" طعام يتخذ من دقيق أو نخالة، وربما
جُعل فيها عسل، سميت بذلك لشبهها باللبن في البياض والرقة، والنافع منه ما
كان رقيقاً نضيجاً، لا غليظاً نيئاً " " فتح الباري " ( 9 / 550 ).
قال النووي
رحمه الله: " ( مَجَمَّةٌ ) وَيُقَال: ( مُجِمَّةٌ ) أَيْ: تُرِيح
فُؤَاده ، وَتُزِيل عَنْهُ الْهَمّ ، وَتُنَشِّطهُ " انتهى.
وواضح من الحديثين أنه يعالج بها
المريض، وتخفف عن المحزون حزنه، وتنشط القلب وتريحه.
والتلبينة: حساء يُعمل من ملعقتين من
مطحون الشعير بنخالته، ثم يضاف لهما كوب من الماء، وتطهى على نار هادئة
لمدة 5 دقائق.
وبعض الناس يضيف عليها ملعقة عسل.
وسمِّيت " تلبينة " تشبيهاً لها باللبن
في بياضها ورقتها.
المطلب الثاني:
التلبينة في الأحاديث النبوية
عَنْ عَائِشَةَ
زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ
أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلا
أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ
فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا،
ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُول: ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ
بِبَعْضِ الْحُزْنِ ) رواه البخاري ( 5101 ) ومسلم ( 2216 ).
وعنها رضي
الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ
وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ ( إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ
الْمَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ ) رواه البخاري ( 5365 ) ومسلم
( 2216 ).
وفي رواية: كان إذا أخذ أهله الوعك أمر
بالحساء فصنع ثم أمرهم فحسوا وكان يقول: إنه ليرتو فؤاد الحزين ويسرو عن
فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها"([1]).
وعن عائشة
رضي الله عنها: أنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بالتَّلْبِينَةِ وتَقُولُ:
هو البَغِيضُ النَّافِعُ. رواه البخاري برقم 5690 ومسلم برقم 2216.
المطلب الثاني:
مكونات التلبينة
قال ابن القيم رحمه الله:
" وإذا شئتَ أن تعرف فضل التلبينة:
فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم ؛ فإنها حساء متخذ من دقيق
الشعير بنخالته، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحاً، والتلبينة
تطبخ منه مطحوناً، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن، وقد تقدم أن
للعادات تأثيراً في الانتفاع بالأدوية والأغذية، وكانت عادة القوم أن
يتخذوا ماء الشعير منه مطحوناً لا صحاحاً، وهو أكثر تغذية، وأقوى فعلاً،
وأعظم جلاءً.... " " زاد المعاد " ( 4 / 120 ).
وقالت الدكتورة صهباء بندق – وقد ذكرت
العلاجات السابقة وفصَّلتها -:
وعلى هذا النحو يسهم العلاج بـ "
التلبينة " في الوقاية من أمراض القلب والدورة الدموية ؛ إذ تحمي الشرايين
من التصلب - خاصة شرايين القلب التاجية - فتقي من التعرض لآلام الذبحة
الصدرية وأعراض نقص التروية، واحتشاء عضلة القلب.
أما المصابون فعليّاً بهذه العلل
الوعائية والقلبية: فتساهم " التلبينة " بما تحمله من خيرات صحية فائقة
الأهمية في الإقلال من تفاقم حالتهم المرضية، وهذا يُظهر الإعجاز في قول
النبي ﷺ: " التلبينة مجمة لفؤاد
المريض... " أي: مريحة لقلب المريض ".
المطلب الثالث:
فوائد مكونات التلبينة
التلبينة تحتوي على دقيق الشعير
والحليب، ففيه نسبة عالية من الألياف التي تساعد في تحسين عملية الهضم،
وتقليل مشاكل مثل الإمساك، وزيادة حركة الأمعاء.
كما أن التلبينة تتضمن فيتامين B6)،
والمعادن مثل الحديد والمغنيسيوم. هذه العناصر تدعم الصحة العامة وتقوي
الجهاز المناعي. والشعير يحتوي على مضادات أكسدة وفيتامينات تساهم في تقوية
جهاز المناعة.
و الشعير هو مصدر جيد للألياف القابلة
للذوبان، مثل بيتا-غلوكان، الذي يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار
(LDL)
والتلبينة قد تكون مفيدة في تقليل الوزن
لأنها تحتوي على ألياف تمنح الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل من كمية
الطعام المتناول خلال اليوم.
والتلبينة تحتوي على عناصر غذائية مثل
الكالسيوم والمغنيسيوم، وهما مهمان لصحة العظام.
والتلبينة تناسب مرضى السكري لأنها لا
ترفع مستويات السكر في الدم بسرعة.
والتلبينة مضادة للاكتئاب والقلق فهي
تحوي مادة المغنيسيوم الذي له تأثير مهدئ على الجهاز العصبي.
المطلب الرابع:
طريقة تحضير التلبينة:
يتم غلي الماء أو الحليب في وعاء. ثم يُضاف دقيق الشعير تدريجيًا مع
التحريك المستمر حتى يصبح القوام كثيفًا. ثم يُترك ليغلي على نار هادئة
لبضع دقائق. ويمكن أن يُضاف العسل أو التوابل حسب الرغبة.