|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من
لا نبي بعده أما بعد:
فكثيرا ما أسمع عن القسط الهندي
وفوائده، وأن فيه أحاديث عن المعصوم ﷺ
، وفي هذا المقال جمع لما ورد عن القسط الهندي في السنة النبوية، وطرق
استعماله، وخصائصه الدوائية ضمن موسوعة الطب النبوي.
المطلب الأول:
المقصود بالقسط وفوائده واستخدامه

الفرع الأول:
التعريف بالقسط الهندي وأنواعه
القُسط الهندي (Costus / Saussurea
costus)، نبتة طبية عطرية شهيرة في طب الأعشاب، وله نوعان:
·
القسط البحري (الأبيض،
أقل حرارة)
·
القسط الهندي (الأسود أو
البني، أكثر حرارة وتأثيرًا)
يحتوي القسط على مركبات فعّالة مثل
الأحماض الدهنية، ومضادات الأكسدة، والزيوت الطيارة، وله استخدامات غذائية
ودوائية عديدة.
وفي موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن
والسنة: نبات يعيش في الهند، وخاصة في كشمير، وفي الصين وتستعمل قشور جذوره
التي قد تكون بيضاء أو سوداء، وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة
العربية عن طريق البحر لذا سميت القسط البحري، كما كان يسمى بالقسط الهندي.
الفرع الثاني:
الفوائد الصحية والدوائية للقسط الهندي
1. مقوٍّ لجهاز المناعة، لاحتوائه على
مضادات أكسدة قوية تحفّز المناعة. إضافة إلى ذلك فهو يُستخدم في الوقاية من
نزلات البرد والفيروسات الموسمية.
2. مدعم للجهاز التنفسي، فهو يُساعد في
علاج الربو، السعال المزمن، واحتقان الصدر. كما أنه مضاد للالتهابات وموسع
للشعب الهوائية.
3. مطهر ومضاد للبكتيريا والفيروسات،
فهو يحتوي على مركبات لها خصائص مضادة للميكروبات، مما يجعله مفيدًا في
مكافحة العدوى.
4. منشط للكبد والمرارة، حيث إنه يساعد
على تنشيط الكبد وتحسين وظائفه، ويساهم في طرد السموم من الجسم.
5. منظّم لهرمونات النساء، إذ يستخدم في
الطب الشعبي في تنظيم الدورة الشهرية، ومعالجة تكيّس المبايض والعقم الناتج
عن اضطراب الهرمونات. كما أنه قد يساعد في تخفيف آلام الدورة الشهرية.
6. يساعد في الهضم، فهو يساهم في علاج
الغازات، النفخة، الإمساك، والديدان المعوية، ويُحفز على إفراز العصارات
الهضمية.
7. مفيد للبشرة والشعر، حيث يُستخدم
زيته موضعيًا في علاج الأكزيما وحب الشباب. كما يُستخدم في الطب الهندي
لعلاج تساقط الشعر وقشرة الرأس.
8. مضاد للألم والالتهابات، فله له
تأثير شبيه بالمسكنات في حالات آلام المفاصل والروماتيزم.
الفرع الثالث:
استخدام القسط
1.
عن طريق الفم، يُطحن
ويؤخذ مع الماء أو العسل (نصف ملعقة صغيرة مرتين يوميًا)
2.
على الجلد، يُمزج مع زيت
(مثل زيت الزيتون أو جوز الهند) ويوضع موضعيًا
3.
استنشاق، يُستعمل بخاره
للجهاز التنفسي
المطلب الثاني:
الاستشفاء بالقسط الهندي
الفرع الأول:
القسط الهندي للعذرة([1])
ووجع الرأس وذات الجنب:
روى البخاري (5692)، ومسلم (2214) عَنْ
أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ رضي الله عنهأ:
دخلت بابن لي على رسول الله ﷺ قد علقت
عليه من العذرة فقال: " علام تدغرن أولادكم بهذا العلاق، عليكن بهذا العود
الهندي فإن فيه سبعة أشفية، يُسعط به من العذرة ويُلدُّ به من ذات الجنب".
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ
رحمه الله: " كَذَا وَقَعَ
الِاقْتِصَارُ فِي الْحَدِيثِ مِنَ السَّبْعَةِ عَلَى اثْنَيْنِ، فَإِمَّا
أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ السَّبْعَةَ، فَاخْتَصَرَهُ الرَّاوِي، أَوِ اقْتَصَرَ
عَلَى الِاثْنَيْنِ؛ لِوُجُودِهِمَا -حِينَئِذٍ- دُونَ غَيْرِهِمَا.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ مِنْ
مَنَافِعِ الْقُسْطِ: أَنَّهُ يُدِرُّ الطَّمْثَ وَالْبَوْلَ وَيَقْتُلُ
دِيدَانَ الْأَمْعَاءِ وَيَدْفَعُ السُّمَّ وَحُمَّى الرِّبْعِ وَالْوِرْدِ
وَيُسَخِّنُ الْمَعِدَةَ وَيُحَرِّكُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيُذْهِبُ
الْكَلَفَ طِلَاءً، فَذَكَرُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، وَأَجَابَ بَعْضُ
الشُّرَّاحِ: بِأَنَّ السَّبْعَةَ عُلِمَتْ بِالْوَحْيِ، وَمَا زَادَ
عَلَيْهَا بِالتَّجْرِبَةِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا هُوَ بِالْوَحْيِ
لِتَحَقُّقِهِ، وَقِيلَ: ذَكَرَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ
لِأَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ بِتَفَاصِيلِ ذَلِكَ.
قُلْتُ: ويحتمل أَنْ تَكُونَ
السَّبْعَةُ: أُصُولَ صِفَةَ التَّدَاوِي بِهَا، لِأَنَّهَا إِمَّا طِلَاءٌ
أَوْ شُرْبٌ أَوْ تَكْمِيدٌ أَوْ تَنْطِيلٌ أَوْ تَبْخِيرٌ أَوْ سَعُوطٌ
أَوْ لَدُودٌ، فَالطِّلَاءُ يَدْخُلُ فِي الْمَرَاهِمِ وَيُحَلَّى
بِالزَّيْتِ وَيُلَطَّخُ وَكَذَا التَّكْمِيدُ، وَالشُّرْبُ يُسْحَقُ
وَيُجْعَلُ فِي عَسَلٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَكَذَا التَّنْطِيلُ،
وَالسَّعُوطُ يُسْحَقُ فِي زَيْتٍ وَيُقْطَرُ فِي الْأَنْفِ، وَكَذَا
الدُّهْنُ وَالتَّبْخِيرُ وَاضِحٌ، وَتَحْتَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ
السَّبْعَةِ مَنَافِعُ لِأَدْوَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَلَا يُسْتَغْرَبُ
ذَلِكَ مِمَّنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ.
وَأَمَّا
الْعُذْرَةُ فَهِيَ وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يَعْتَرِي الصِّبْيَانَ غَالِبًا،
وَقِيلَ هِيَ قُرْحَةٌ تَخْرُجُ بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْحَلْقِ أَوْ فِي
الْخُرْمِ الَّذِي بَيْنَ الْأَنْفِ وَالْحَلْقِ " "فتح الباري" (10/149).
وذَات الْجنب: قرحة تصيب الْإِنْسَان
فِي دَاخل جنبه، وَفِي الطِّبّ الحَدِيث: التهاب فِي الغشاء الْمُحِيط
بالرئة.
"المعجم الوسيط" (1/ 138)
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ: وَجَعُ
الْكلْيَتَيْنِ، وَقِيلَ: مَرَضُ السّلِّ.
وقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ
رحمه الله: " وَأَمَّا نَفْعُ
السَّعُوطِ مِنْهَا بِالْقُسْطِ الْمَحْكُوكِ ؛ فلِأَنَّ الْعُذْرَةَ
مَادَّتُهَا دَمٌ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْبَلْغَمُ، لَكِنَّ تَوَلُّدَهُ فِي
أَبْدَانِ الصِّبْيَانِ أَكْثَرُ، وَفِي الْقُسْطِ تَجْفِيفٌ يَشُدُّ
اللَّهَاةَ، وَيَرْفَعُهَا إِلَى مَكَانِهَا...
وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ الْمَذْكُورُ
فِي الْحَدِيثِ: هُوَ الْعُودُ الْهِنْدِيُّ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ مِنْهُ،
وَهُوَ حُلْوٌ، وَفِيهِ مَنَافِعُ عَدِيدَةٌ، وَكَانُوا يُعَالِجُونَ
أَوْلَادَهُمْ بِغَمْزِ اللَّهَاةِ، وَبِالْعِلَاقِ، وَهُوَ شَيْءٌ
يُعَلِّقُونَهُ عَلَى الصِّبْيَانِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ
ﷺ عَنْ ذَلِكَ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى
مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْأَطْفَالِ، وَأَسْهَلُ عَلَيْهِمْ ". "زَادُ
المَعَادِ" (4/87 -88).
وفي حديث جابر
رضي الله عنه أن رسول الله
ﷺ دخل على عائشة
رضي الله عنها وعندها صبي يسيل منخراه
دما فقال: " ما هذا؟" قالوا: به العذرة. قال: " ويلكن لا تقتلن أولادكن،
أيما امرأة أصاب ولدها العذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطا هنديا فلتحكه
بماء ثم تسعطه به"([2]).
وقال جابر بن عبدالله
رضي الله عنه دخلَ النبيُّ
ﷺ على أُمِّ سَلَمَةَ
رضي الله عنها وعندَها صَبِيٌّ
يَنْبَعِثُ مَنْخَرَاهُ دَمًا ، فقال النبِيُّ
ﷺ : ما هذا ؟ قالوا : بهِ العُذْرَةُ ، فقال النبِيُّ
ﷺ : عَلامَ تُعَذِّبَنَّ أوْلادَكُنَّ
إِنَّما يَكْفي إِحْدَاكُنَّ أنْ تَأْخُذَ قُسْطًا هِنْدِيًّا ( فتُّحلهُ )
بِماءٍ سبعَ مراتٍ ثُمَّ تُوجِرَهُ إيَّاهُ ، قال : فَفَعَلوا فَبَرَأَ.
أخرجه أحمد (14385) وحسنه
ابن حجر.
وصح عن أَنَس بن مالكٍ
رضي الله عنه، عن النّبيّ
ﷺ، قَالَ: إنَّ أمْثَلَ ما
تَدَاوَيْتُمْ به الحِجَامَةُ والقُسْطُ البَحْرِيُّ. وقَالَ: لا
تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بالغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ، وعلَيْكُم
بالقُسْطِ. رواه البخاري (5696)، واللفظ له، ومسلم (1577).
قال القاري
رحمه الله:" الْغَمْز: أَيِ الْعَصْرُ، وَقِيلَ: إِدْخَالُ
الْأُصْبُعِ فِي حَلْقِ الْمَعْذُورِ لِغَمْزِ دَاخِلِهِ فَيَعْصِرُ بِهَا
الْعُذْرَةُ، والْعُذْرَة: وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يَهِيجُ مِنَ الدَّمِ،
وَقِيلَ: هِيَ قُرْحَةٌ تَخْرُجُ فِي الْخُرْمِ الَّذِي مَا بَيْنَ
الْأَنْفِ وَالْحَلْقِ تَعْرِضُ لِلصِّبْيَانِ، فَتَعْمِدُ الْمَرْأَةَ
إِلَى خِرْقَةٍ فَتَفْتِلُهَا فَتْلًا شَدِيدًا، وَتُدْخِلُهَا فِي
أَنْفِهِ، فَتَطْعَنُ ذَلِكَ، فَيَنْفَجِرُ مِنْهُ دَمٌ أَسْوَدٌ،
وَرُبَّمَا أَقْرَحُهُ، وَذَلِكَ الطَّعْنُ يُسَمَّى الدَّغْرُ.
وقوله: (عَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ):
بِأَنْ يُؤْخَذَ مَاؤُهُ فَيُسْعَطُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إِلَى
الْعُذْرَةِ فَيَقْبِضُهَا " "مرقاة المفاتيح" (7/ 2865).
الفرع الثاني: عد
الاستعجال في اللدود وتشخيص ذات الجنب
وقد روى البخاري برقم 6897 ورقم
4458 مسلم برقم : 85 - (2213) عن عائشة. قالت: لددنا رسول الله
ﷺ في مرضه. فأشار أن لا تلدوني.
فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال "لا يبقى أحد منكم إلا لد. غير
العباس. فإنه لم يشهدكم".
وفي تفصيل القصة تقول عائشة
رضي الله عنها عن مرضه
ﷺ: كانت تأخُذُه الخاصِرةُ فتشتَدُّ
به جِدًّا، فكُنَّا نقولُ: أَخَذَ رسولَ اللهِ
ﷺ عِرقُ كذا، ثم أَخَذتْ رسولَ اللهِ
ﷺ يومًا الخاصِرةُ من ذلك، فاشتدَّتْ عليه حتى أُغمِيَ على رسولِ
اللهِ ﷺ، وخِفْنا عليه وفَزِعَ
الناسُ، وظَنُّوا أنَّ به ذاتَ الجَنْبِ، فلَدَدْناه، ثم سُرِّيَ عن
رسولِ اللهِ ﷺ، وأفاقَ فعَرَفَ أنْ قد
لَدَدْناه، ووَجَدَ اللَّدودَ، فقال: أظَنَنتُم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ
سلَّطَها عليَّ؟ ما كان اللهُ عزَّ وجلَّ لِيُسلِّطَها عليَّ، لا يَبقى
أحدٌ إلَّا لُدَّ إلَّا عَمِّي، فرأيْتُهم يَلُدُّونَهم رَجُلًا رَجُلًا.
قال: تقولُ: ومَن في البيتِ يومَئذٍ -تذكُرُ فضْلَهم- فلُدُّوا أجمعينَ، ثم
بَلَغَنا اللَّدودُ أزواجَ النَّبيِّ ﷺ،
فلُدِدْنا واللهِ امرأةً امرأةً، حتى بَلَغَ اللَّدودُ امرأةً منَّا،
فقالت: واللهِ إنِّي صائمةٌ، قالوا: بئسَ ما ظنَنْتِ أنَّا نَترُكُكِ، وقد
أقسَمَ رسولُ اللهِ ﷺ فلَدُّوها،
واللهِ يا ابنَ أُختي وإنَّها لصائمةٌ. أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار))
(1934) واللفظ له، وأحمد (24870)، والحاكم (7447).
الفرع الثالث:
القسط علاج السل
روى الترمذي [2079] عن زيد بن أرقم قال:
أمرنا رسول الله ﷺ أن نتداوى من ذات
الجنب بالقسط البحري والزيت. هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث ميمون
عن زيد بن أرقم وقد روى عن ميمون غير واحد هذا الحديث. وذات الجنب يعني
السل. اهـ وصححه الحاكم.
والحمد لله أولا وآخرا.