|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإن في الهدي النبوي ما يصلح أمور الناس
في دينهم ودنياهم، ومن ذلك ما ورد في آداب الأكل والشرب مما يمنع انتقال
العدوى وما فيه تمام النظافة والطهارة، والأمراض منها ما هو فيروسي ومنها
ما هو بكتيري، وقد تنتقل الأمراض بسبب سلوكيات في الأكل والشرب، وقد جمعت
ذلك في هذا البحث ومن الله أستمد العون.
المبحث
الأول:
الأكل
من
جهة
الآكل
يقلل
من
العدوى:
إذا كان الطعام مشتركا في صحن واحد، فلا
يسوغ أن يأكل الآكل من مكان غيره، وقد صح عن ابن عباس أن النبي -
ﷺ - قال: «البركة تنزل في وسط الطعام
فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه» رواه أحمد (1/270، 300، 343، 364)،
ابن ماجه (2/1090) (3277)، الترمذي (4/260) (1805)، ابن حبان (12/50)
(5245)، والحاكم (4/129)، والنسائي في "الكبرى" (4/175)، والدارمي (2/137)
(2046)، والحميدي (1/243) (529).
ومن الأدب أن
يأكل الإنسان مما يليه، حتى لا يختلط لعابه بلعاب الآخرين فقد قال
ﷺ: لعمرو بن أبي سلمة: " يَا غُلامُ:
سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِك، وَكُلُّ مِمَّا يَلِيك "، رواه البخاري
( 3576 ) ومسلم ( 2022 ).
المبحث
الثاني: استخدام اليد اليمنى للطعام والشراب، واليسرى لإزالة الأذى
من آدابنا الإسلامية أن تخصص اليد
اليمنى للأكل والشرب وتكون اليد اليسرى لإزالة الأذى، ففي حديث ابْنِ
عُمَرَ رضي
الله
عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
قَالَ: " لا يَأْكُلَن أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشِمَالِهِ، وَلَا يَشْرَبَنَّ
بِهَا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا " رواه
مسلم ( 2020 ).
المبحث
الثالث:
قطع اللحم
بالسكين
لا باليد
تقليل
للعدوى:
من العادات المنتشرة تطيع اللحم
للآخرين، وهذه العادة لها حالان:
١- إن كره الضيف ذلك، فلا يقطع اللحم
له، قال الحجاوي الحنبلي في الإقناع: وينبغي ألا يبادر إلى تقطيع اللحم
الذي يقدم للضيفان حتى يأذنوا له في ذلك.
٢- فإن كان يحب ذلك فلا بأس، في البخاري
قول أنس رضي
الله عنه
فرأيت رسول الله ﷺ يتتبع الدباء من
حوالي الصحفة فجعلت أجمع الدباء بين يديه .
وقد ثبت عن عمرو بن أمية الضمري
رضي الله
عنه قال: «رأيت رسول الله -
ﷺ - يحتز من كتف شاة فأكل منها فدعا إلى الصلاة فقام وطرح السكين
وصلى ولم يتوضأ» متفق عليه.
وعن المغيرة بن شعبة
رضي الله
عنه قال: «ضفت النبي -
ﷺ - ذات ليلة فأمر بجنب مشوي قال: فأخذ
الشفرة فجعل يحتز لي بها منه» رواه أحمد (4/252، 255)، أبو داود (1/48)
(188)، الترمذي في "الشمائل" (1/139) (167).
المبحث
الرابع:
التنظف بعد
الأكل
عن أبي هريرة
رضي الله
عنه قال: قال رسول الله -
ﷺ -: «من بات وفي يده غمر ولم يغسله
فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه» رواه أبو داود (3/366) (3852)، الترمذي
(4/289) (1859، 1860)، ابن ماجه (2/1096) (3297)، أحمد (2/263، 344، 537)،
ابن حبان (12/329) (5521)، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/203) (6905،
6906)، والحاكم (4/152)، والدارمي (2/142) (2063)، وقال الترمذي: في أحد
الطرق التي أخرجها منه: حديث حسن غريب، وصححه الحافظ.
وعن أبي سعيد
رضي الله
عنه عن النبي -
ﷺ - قال: «من بات وفي يده ريح غمر
فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه» رواه الطبراني في "الكبير" (6/35) (5435)
وحسنه البيهقي (3)، قال المنذري: إسناده جيد.
وله شاهد من حديث ابن عباس
رضي الله
عنهما مرفوعًا عند الطبراني في
"الأوسط" (1/159) (598) ورجاله ثقات.
المبحث
الخامس:
النهي عن
التنفس في
إناء
الشرب:
إذا كان الإناء
مشتركاً، فإن من الأدب النبوي أا يتنفس الشارب في الإناء، فقد ثبت عن أبي
قتادة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله -
ﷺ -: «إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في
الإناء» البخاري (1/69، 5/2133) (152، 153، 5307)، مسلم (1/225، 3/1602)
(267).
وعن ابن عباس
رضي الله
عنهما «أن النبي
ﷺ نهى أن يتنفس في الإناء، أو ينفخ
فيه» وهو عند أبي داود (3/338) (3728)، والترمذي (4/304) (1888)، وابن ماجه
(2/1094، 1134) (3288، 3429)، وأحمد (1/220)
المبحث
السادس: النهي
عن الشرب
من أفواه
الأسقية:
الشرب من أفواه القرب مدعاة لانتقال
العدوى، وكذلك الشرب من ثلمة القدح، وقد ورد النهي عن ذلك في حديث أبي سعيد
رضي الله
عنه «أن النبي -
ﷺ - نهى عن الشرب من ثلمة القدح وأن
ينفخ في الشراب» رواه أبو داود (3/337) (3722)، وابن حبان (12/135) (5315)،
أحمد (3/80)، وقال المنذري: في إسناده قرة بن عبد الرحمن بن حوبل المصري
أخرج له مسلم مقرونًا بعمرو بن الحارث وغيره، وقال أحمد: منكر الحديث جدًا.
وقال ابن معين: ضعيف وتكلم فيه غيرهما.
وصح عن أبي سعيد
رضي الله
عنه قال: «نهى رسول الله -
ﷺ - عن اختناث الأسقية أن يشرب من
أفواهها» رواه البخاري (5/2132) (5303)، مسلم (3/1600) (2023) في رواية «واختناثها
أن يقلب رأسها ثم يشرب منه» رواه البخاري (5/2132) (5302)، مسلم (3/1600)
(2023).
وعن أبي هريرة
رضي الله
عنه «أن رسول الله -
ﷺ - نهى أن يشرب من فيّ السقاء» رواه
البخاري (5/2132) (5304، 5305) وأحمد (2/230، 487) وزاد «قال أيوب: فانبيت
أن رجلًا شرب من في السقاء فخرجت حية».
وعن ابن عباس
رضي الله
عنهما قال: «نهى رسول الله -
ﷺ - عن الشرب من فيّ السقاء» رواه
البخاري (5/2132) (5306).
وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدته
كبشة رضي
الله عنها قالت: «دخل علي رسول
الله - ﷺ - فشرب من فيّ القربة معلقةً
قائمًا، فقمت إليها فقطعته» رواه ابن ماجه (2/1132) (2423)، الترمذي
(4/306) (1892)، وأحمد (6/434) وصححه الترمذي.
المبحث
السابع:
الإذن بالشرب
من أفواه
القرب إذا
كانت خاصة
بالشارب
الحكم متعلق بعلته، فإذا كان القدح خاصا
بالشارب ولا يوجد تقذير على الغير فلا مانع من الشرب من ثلمة القدح أو فم
القربة، فقد ثبت عن أم سليم رضي
الله عنها
قالت: «دخل علي رسول الله عليه السلام وفي البيت قربة معلقة فشرب منها وهو
قائم فقطعت فاها وإنه لعندي» رواه أحمد ومسلم والترمذي في "الشمائل" (1)
(1) أحمد (6/376، 431)، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/274)،
والطبراني في "الكبير" (25/126) (307) من حديث أم سليم
رضي الله
عنها. وأخرجه أحمد (3/119)، والترمذي
في "الشمائل" (215)، وابن أبي شيبة (5/103)، والطحاوي في "شرح معاني
الآثار" (4/274) من حديث أنس رضي
الله عنه.
المبحث الثامن:
منع التجشؤ
التجشؤ هو إخراج هواء مصحوب بصوت من
المعدة بسبب التخمة، وهو قبيح بحضرة الآخرين، وخروج الهواء بهذه الطريقة
وما يصحب ذلك من رائحة ما في المعدة إيذاء للحاضرين، وقد صح عن أبي جحيفة
رضي الله
عنه قال: «أكلت ثريدة من خبز ولحم ثم
أتيت النبي - ﷺ - فجعلت أتجشأ فقال: يا
هذا! كف من جشائك فإن أكثر الناس شبعًا في الدنيا أكثرهم جوعًا يوم
القيامة» رواه الحاكم (4/135، 346)، والطبراني في "الكبير" (22/132) (351)،
والبزار (3669-كشف)، وهو عند الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر الآتي،
وليس لهما من حديث أبي جحيفة وانظر "الترغيب والترهيب" للمنذري (3/99)
المبحث
التاسع:
إقفال الفم
عند
التثاؤب والعطاس:
من أقبح المناظر فتح الفم أثناء التثاؤب
والعطاس، وقد صح عن أبي سعيد رضي
الله عنه
قال: قال رسول الله - ﷺ -: «إذا تثاءب
أحدكم فليمسك بيده على فيه، فإن الشيطان يدخل» وفي رواية: «فليكظم ما
استطاع فإن الشيطان يدخل» أخرجه مسلم (4/2293) (2995).
وصح عن أبي هريرة
رضي الله
عنه «أن النبي -
ﷺ - كان إذا عطس غطى وجهه بيديه أو
بثوبه وغض بها صوته» رواه الترمذي (5/86) (2745) وقال: حديث حسن صحيح.
المبحث
العاشر:
السنة في
إخراج
النوى من
الفم
تقليل للعدوى
تكثر الأمراض التنفسية في بعض الأشهر من
السنة وخصوصا في الربيع والخريف، حتى إن الإمام ابن القيم
رحمه الله الزرعي يقول: قد جرت عادة
الصيادلة ومجهزي الموتى أنهم يستدينون، ويتسلّفون في الربيع والصيف على فصل
الخريف، فهو ربيعهم، وهم أشوق شيء إليه، وأفرح بقدومه. زاد المعاد 4/41.
إن من أهم أسباب انتقال العدوى اختلاط
ريق الصحيح بريق المريض، وقد رأيت سنة مهجورة لإخراج النوى من الفم دون أن
تمس اليد اليمنى التي هي محل للمصافحة.
فقد ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن بسر
رضي الله
عنه قال:
نزل رسول الله
ﷺ على أبي، قال: فقربنا إليه طعاما
ووطبة، فأكل منها، ثم أتي بتمر فكان يأكله ويلقي النوى بين إصبعيه، ويجمع
السبابة والوسطى....
وقوله: (ووَطْبَةً) أي طَعامٌ يُتَّخَذُ
مِن التَّمرِ حيث يُخرَجُ نَواهُ ويُعجَنُ باللَّبَنِ.
وقد ثبت عن الإمام أحمد تطبيقه لهذه
السنة فقد قال أبو بكر بن حماد: رأيت الإمام أحمد يأكل التمر، ويأخذ النوى
على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى.
وفي تفسير ذلك قال صاحب عون المعبود
(كتاب الأشربة): أي: يجمعه على ظهر الأصبعين لقلته ثم يرمي به ولم يلقه في
إناء التمر لئلا يختلط به.
قال السيوطي: قلت: لأنه -
ﷺ - " نهى أن يجعل الآكل النوى على
الطبق " رواه البيهقي وعلله الترمذي بأنه قد يخالطه الريق ورطوبة الفم،
فإذا خالطه ما في الطبق عافته النفس.
فما أحرانا لإحياء هذه السنة التي في
مصالح علمنا بعضها وغاب عنا بعضها، ويكفينا بركة تطبيق سنته
ﷺ.
وكان أنس
رضي الله
عنه يكره أن يضع النوى مع التمر على
الطبق. وسنده (حسن)، أخرجه الحربي في غريب الحديث ٨٦١/٢ والبيهقي ١٤٧٥١.
المبحث
الحادي
عشر: بل
الأصابع
عند تقليب
الورق
من العادات المستقبحة لدى البعض عند
قراءة القرآن أو الكتب؛ أن يبل القارئ أصابعه بريقه، ثم يقلب الورق، فكيف
يرضى من يفعل ذلك لغيره بملاقاة الريق، وما فيه.
قال ابن العربي
رحمه الله : اعتاد كثير من الناس إذا
أرادوا أن يقرؤوا في مصحف أو كتاب علم يطرقون البزاق عليهم، ويلطخون صفحات
الأوراق ليسهل قلبها، وهذه قذارة كريهة، وإهانة قبيحة ينبغي للمسلم أن
يتركها ديانة. عارضة الأحوذي 10 / 240.
المبحث
الثاني
عشر: تغطية
الأواني
تقليلا من
انتشار
الأوبئة
من أكثر أسباب انتقال الأوبئة عدم تغطية
الأواني، وقد صح عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
رضي الله
عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
ﷺ، يَقُولُ: ( غَطُّوا الْإِنَاءَ،
وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا
وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ
لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ )
رواه مسلم (2014).وفي حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
رضي الله
عنه ، قَالَ: ( كُنَّا مَعَ رَسُولِ
اللهِ ﷺ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ رَجُلٌ:
يَا رَسُولَ اللهِ! أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟ فَقَالَ: بَلَى. قَالَ:
فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَسْعَى، فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَلَّا خَمَّرْتَهُ
وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُودًا! قَالَ: فَشَرِبَ ) رواه مسلم (2011).
وقال النبي
ﷺ: "خمروا الآنية وأوكؤوا الأسقية وأجيفوا الأبواب..."([1])،
وفي حديث آخر: " غطوا الإناء وأوكؤوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها
وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك
الوباء"([2]).
وصح عَنْ جَابِرٍ
رضي الله
عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ قَالَ: ( أَطْفِئُوا المَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا
الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ
وَالشَّرَابَ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ )
رواه البخاري (5624). لكن ورد في لفظ لمسلم: ( لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ
لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا
نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ ) ؛ وهذا قد يشمل – بظاهره -: الإناء
الفارغ، وفي حديث جابر عند مسلم أيضا (2012) بهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ
أَنَّهُ، قَالَ: وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ، أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ.
وذلك لأن الحشرات تنشط بالليل كما أن
لبعض الميكروبات فصولا معينة في السنة تنشط خلالها([3]).
من أمثلة ذلك: أن الحصبة، وشلل الأطفال،
تكثر في سبتمبر وأكتوبر، والتيفوئيد يكثر في الصيف أما الكوليرا فإنها تأخذ
دورة كل سبع سنوات، والجدري كل ثلاث سنين وهذا يفسر لنا الإعجاز العلمي في
قول الرسول ﷺ: " إن في السنة ليلة ينزل
فيها وباء " أي: أوبئة موسمية ولها أوقات معينة([4]).
المبحث
الثالث
عشر: نظافة
الثياب
والأيدي وقاية
من
الأمراض
من أعظم ما يدل على الاهتمام البليغ
بالنظافة والطهارة أن من أوائل ما نزل من القرآن سورة المدثر وفيها قوله
تعالى: " وثيابك فطهر"(المدثر:4) قال ابن سيرين: أي اغسلها بالماء([5]).
ومن النظافة والطهارة؛ الأمر بغسل
الأيدي بعد أكل ما فيه دسم عند إرادة النوم، دليله ما صح عن أبي هريرة
رضي الله
عنه قال: قال النبي
ﷺ: " من نام وفي يده غمر*
ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه"([6]).
ومن هدي ، ففي السنن الكبرى للنسائي
برقم (10133) مستدرك الحاكم برقم 2029 صحيح ابن حبان برقم 5219 عن أبي
هريرة رضي
الله عنه قال: دعا رجُلٌ مِن
الأنصارِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: فانطلَقْنا معه فلمَّا
طعِم وغسَل يدَه قال: ( الحمدُ للهِ الَّذي أطعَم ولا يُطعَمُ مَنَّ علينا
فهدانا وأطعَمَنا وسقانا وكلَّ بلاءٍ حسَنٍ أبلانا الحمدُ لله الَّذي أطعَم
مِن الطَّعامِ وسقى مِن الشَّرابِ وكسا مِن العُرْيِ وهدى مِن الضَّلالةِ
وبصَّر مِن العمى وفضَّل على كثيرٍ ممَّن خلَق تفضيلًا الحمدُ للهِ ربِّ
العالَمينَ ). وثبت عن أبي هريرة رضي
الله عنه
أن النبي ﷺأكل كتفَ شاةٍ فمضمضَ وغسل
يديهِ وصلَّى. رواه ابن ماجه برقم 405 بسند صحيح. وفي حديث عائشة رضي الله
عنها قالت: - كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أراد أن ينامَ
وهو جُنُبٌ توضَّأ وضوءَه للصلاةِ ، وإذا أراد أن يأكلَ أو يشربَ يغسلُ
يدَيه ، ثم يأكلُ أو يشربُ. أخرجه أبو داود (223)، والنسائي (257)، وأحمد
(24714)
وقد أخذ بذلك الصحابة
رضي الله عنهم، فمن ذلك ما رواه مالك
في الموطأ برقم : 74 عن أبان بن عثمان ، أن عثمان بن عفان
رضي الله
عنه أكل خبزا ولحما، ثم مضمض، وغسل
يديه، ومسح بهما وجهه، ثم صلى ولم يتوضأ. وفي حديث الغادية اليَمَامِيَّ
قال : أتيتُ المدينةَ، فجاء رسولُ كَثِيرِ بنِ الصَّلْتِ، فدعاهم، فما قام
إلا أبو هريرةَ وخَمْسَةٌ معهم أنا أحدُهم، فذهَبوا فأكَلوا ثم جاء أبو
هريرةَ رضي
الله عنه
، فغسَل يدَهُ، ثُمَّ قال وَاللهِ، يا أهلَ المسجِدِ، إنكم لَعُصاةٌ لأَبي
القاسِمِ صلى اللهُ عليه وسلَّم. رواه أحمد : 15/5 وحسنه أحمد شاكر، وفي
حديث علقمة بن قيس قال:أُتِينا بقصعةٍ ونحن مع ابنِ مسعودٍ
رضي الله
عنه فأمر بها فوُضِعَت في الطريقِ فأكل
منها وأكلنا معَه وجعل يدعو مَن مرَّ به ثم مضينا إلى الصلاةِ فما زاد على
أن غسلَ أطرافَ أصابعِه ومضمض فاه ثم صلَّى وفي روايةٍ أُتِينا بقصعةٍ من
بيتِ ابنِ مسعودٍ رضي
الله عنه
فيها خبزٌ ولحمٌ فذكره. أخرجه الطبراني ((9/ 250)) (9234) وعبد الرزاق
(650) ، وعن عنِ ابنِ عباسٍ رضي
الله
عنهما قال : لو أكَلتُ لحمًا وشرِبتُ لبنَ اللقاحِ ثم أصلِّي ولم
أتوضَّأْ ما باليتُ ، إلا أنْ أُمَضمِضَ فَمي وأغسِلَ يدي مِن غمرِ
الطعامِ.
أخرجه مسدد كما في
((إتحاف الخيرة المهرة)) (623)، والبيهقي (762)، والبغوي في ((مسند ابن
الجعد)) (97)
ومن النظافة الأمر بغسل الأيدي بعد
الاستيقاظ من النوم، لقول النبي ﷺ: "
إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في وضوئه فإن أحدكم
لا يدري أين باتت يده"([7]).
المبحث
الرابع
عشر: الوقاية
من انتشار
الأوبئة
بمنع قضاء
الحاجة في
موارد
الناس
من المعلوم أن كثيرا من الأمراض تنتشر
في الأرياف خصوصا بسبب عدم وجود أماكن لقضاء الحاجة، وقد جاء النهي من
النبي ﷺ عن قضاء الحاجة في موارد
الناس- أي الأماكن التي يرتادونها كحديث أبي هريرة
رضي الله
عنه أن رسول الله
ﷺ قال: " اتقوا اللاعنين" قالوا: وما
اللاعنان يا رسول الله؟ قال: " الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم"([8]).
وفي حديث معاذ رضي
الله عنه
أن رسول الله ﷺ قال: " اتقوا الملاعن
الثلاثة: البراز في الموارد وقارعة الطرق والظل"([9]).
كما ورد النهي عن البول في المغتسل في حديث أبي هريرة
رضي الله
عنه([10]).
المبحث
الخامس
عشر: منع
النفخ في
الطعام
والشراب منعا
للتلويث:
النفخ في الطعام أو الشراب مدعاة
لانتقال الأمراض إذا كان الطعام مشتركا، وقد ورد النهي عن ذلك، فعن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه «أن النبي -
ﷺ - نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل:
القذاة أراها في الإناء. فقال: أهرقها. فقال: إني لا أرى من نفس واحد. قال:
فأبن القدح إذًا عن فيك»
([11]).
وقال النبي ﷺ: " إذا شرب أحدكم فلا
يتنفس في الإناء"([12]).
ومثله ما جاء عن أبي سعيد رضي
الله عنه
قال: نهى رسول الله ﷺ عن اختناث
الأسقية – أن يشرب من أفواهها"([13]).
وبمعناه حديث أبي هريرة في النهي عن الشرب من فيِّ السقاء([14]).
المبحث
السادس
عشر: حماية
الشراب من
وقوع
الذباب
من السنة تغطية الأواني حتى لا تقع فيها
الحشرات أو الأتربة، فقد قال النبي ﷺ:
"خمروا الآنية وأوكؤوا الأسقية وأجيفوا الأبواب..."([15])،
فإذا وقع الذباب في الشراب فيغمس فيه، ولا مانع من شربه أو إراقة ما أصابه
منه، فقد ثبت عن أبي هريرة رضي
الله عنه
قال: قال النبي ﷺ: " إذا وقع الذباب في
إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء وإنه يتقي بجناحه
الذي فيه الداء"([16]).
نسأل الله للجميع العافية والصحة
الدائمة.
والحمد لله أولا وآخرا.
([2])
أخرجه البخاري (3304) مسلم (2012) وابن حبان(1271)
([3])
الوقاية الصحية /56 عن مقال: نحو وعي صحي أفضل، مجلة التمدن
الإسلامي 187/51.
([4])
من كتاب " الإعجاز العلمي في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل
عبد الصمد.