من السنن الكونية أن من يصنع السلام وينشر الخير، يحصد الخير، وبحثت عن ذلك
في الآيات والأحاديث فوجدت دلالاتها متوالية متوافرة.
- ففي البخاري 4953 ومسلم 160 عن عائشة: قالَتْ خَدِيجَةُ لزوجها ﷺ:
كَلَّا، أبْشِرْ فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، فَوَاللَّهِ
إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ ،
وتَكْسِبُ المَعْدُومَ ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ
الحَقِّ
- وفي البخاري برقم 2297 عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم أعقل أبوي قط إلا
وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يومٌ إلا يأتينا فيه رسول الله ﷺ طرفي
النهار، بُكرةً وعشيةً، فلما ابتُلي المسلمون خرج أبو بكر مُهاجرًا قبل
الحبشة، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدّغنة، وهو سيد القارة، فقال:
أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في
الأرض، فأعبد ربي. قال ابن الدّغنة: إن مثلك لا يَخرج ولا يُخرج، فإنك تكسب
المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق،
وأنا لك جارٌ، فارجع فاعبد ربك ببلادك. فارتحل ابن الدّغنة فرجع مع أبي
بكر، فطاف في أشراف كفار قريشٍ، فقال لهم: إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا
يُخرج، أتُخرجون رجلًا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكلَّ، ويقري
الضيف، ويُعين على نوائب الحق؟!
فأنفذت قريش جوار ابن الدّغنة، وأمَّنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدّغنة:
مُرْ أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليُصلِّ، وليقرأ ما شاء، ولا يُؤذينا
بذلك، ولا يستعلن به، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا. …
وهذا يدل أن هذه القاعدة من السنن الكونية المتفق عليها بين الناس من زمن
الجاهلية، وقد نظم المعنى الشاعر بقوله:
مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جَوَازِية *
لَا يَذْهَبُ العُرْفُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ
ومما يدل عليها في كتاب الله:
- قوله سبحانه وتعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
الحج/77،
- وقال تعالى: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) الرحمن/60.
- ويقول تعالى مادحا أنبياءه :( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ الأنبياء/90.
- وقال ﷺ: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مؤمن كربة
فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة) أخرجه مسلم (2442).
- ويقول ﷺ: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا؛ نفس الله عنه كربة من كرب
يوم القيامة، ومن يسر على معسر؛ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) أخرجه
مسلم (2699).
- ويقول ﷺ: (صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ
السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي
الْعُمُرِ) . أخرجه الطبراني(8014)، وقال الهيثمي في "المجمع" (3/153):
"إسناده حسن" .
اللهم اجعلنا مباركين أينما كنا، ولا تخزنا يوم يبعثون، وجملنا بالأخلاق يا
كريم.