| 
       | 
      
  
  
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
		
		الحمد لله المحسن بإحسانه العميم ، وإفضالِه العظيم ، على من شاء من عباده 
		، وهو العزيز الرحيم ، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين ، وعلى 
		صحابته أجمعين ، ومن تبعهم على الحق والهُدى إلى يوم الدين وبعد 
		من تفحّص خوارج الأمس ، وخوارج اليوم ، ونظر بعين البصيرة ؛ ظهر له الحق 
		وأنهما وجهان لعملة واحدة ، إلا أن خوارج العصر قد أفرطوا في بسط أيديهم 
		وألسنتهم بالسوء ، وكانوا على الأمة سوط عذاب ، فهؤلاء القوم لا يُرضيهم 
		حاكمٍ ولو كان عادلا ، فإنهم لا يقابلون هذا إلا بالنكران والجحود ، والجور 
		والظلم ، فهؤلاء لا نور لعقولهم ولا بهاء ولا بركة ، سُفهاء الأحلام ، إن 
		خوارج العصر هم الذين يسمون بداعش ، النهج والمنهج والتفكير واحد ، وإليكم 
		أبرز صفاتهم ، وأجلى سِماتهم ، لنحذرهم ، ونقف صفا ضدهم ومنها :
		
		1- أنهم صغار السن : فأغلبهم شباب صغار ، يقل بينهم ذوي الخبرة والتجربة ، 
		ففي الحديث (حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ ) 0
		
		2- الطَّيش والسَّفه : فعامة الخوارج ومن يتبنى فكرهم من الشباب الذين تغلب 
		عليهم الخِفَّة والاستعجال والحماس ، وقصر النظر والإدراك ، ففي الحديث 
		(سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ ) 0
		
		3- الغرور والتَّعالي : فالخوارج يُعرفون بالكبر والتعالي ، وإعجابهم 
		بأنفسهم ، ولذلك يُكثرون من التفاخر بما قدموه وما فعلوه ، ففي الحديث ( 
		إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ ، حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ 
		النَّاسُ ، وَتُعْجِبَهُمْ نُفُوسُهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ 
		مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) ، ويدفعهم غرورهم لادعاء العلم ، 
		والتطاول على العلماء ، ومواجهة الأحداث الجسام ، بلا تجربة ولا رَوية , 
		ولا رجوع لأهل الفقه والرأي 0
		
		4- الاجتهاد في العبادة : فهم أهل عبادة من صلاة وصيام وقراءة وذكر وبذلٍ 
		وتضحيةٍ ، وهذا مما يدعو للإغترار بهم ، ففي الحديث ( لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ 
		إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ 
		بِشَيْءٍ ، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ ) ، وقال ( 
		يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ 
		صِيَامِهِمْ )، لكن عبادة وتدين على جهل 0
		
		5- سوء الفهم للقرآن : يكثرون من قراءة القرآن والاستدلال به ، لكن دون فقه 
		وعلم ، بل يضعون آياته في غير موضعها ، ففي الحديث ( يَقْرَءُونَ 
		الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ )،وحديث( 
		يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ )،وحديث( 
		يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ )0
		
		6- الكلام الحسن المنمَّق : فكلامهم حسن جميل ، لا ينازع أحد في حلاوته 
		وبلاغته ، فهم أصحاب منطق وجدل ، يَدْعُون لتحكيم الشريعة ، وأن يكون الحكم 
		لله ، ومحاربة أهل الردة والكفر ، ولكن أفعالهم تخالف أقوالهم ، ففي الحديث 
		( يُحْسِنُونَ الْقِيلَ ، وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ ) 0
		
		7- التَّكفير واستباحة الدماء : وهذه هي الصفة الفارقة لهم عن غيرهم ؛ 
		التكفير بغير حق واستباحة دماء المخالفين لهم ، ففي الحديث ( يَقْتُلُونَ 
		أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ ) ، قال ابن تيمية : 
		فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ 
		أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِنْ دِمَاءِ 
		الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ ، وقال : يُكَفِّرُونَ مَنْ 
		خَالَفَهُمْ فِي بِدْعَتِهِمْ ، وَيَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ وَمَالَهُ ، 
		وَهَذِهِ حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً وَيُكَفِّرُونَ 
		مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهَا ، ولذا قال عنهم النبي  صلى الله عليه وسلم ( يَمْرُقُونَ مِنَ 
		الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) ، فشبه مروقهم 
		من الدّين بِالسَّهْمِ الَّذِي يُصِيب الصَّيْد فَيدْخل فِيهِ وَيخرج 
		مِنْهُ من شدَّة سرعَة خُرُوجه لقُوَّة الرَّامِي ، لَا يَعْلَق من جَسَد 
		الصَّيْد بِشَيْء ، وفي الحديث ( هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ) ، 
		وحديث ( طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ ) 0
		
		
		8- اتخاذهم شعارًا يتميزون به عن سائر الناس : ولهم في كل عصر وزمان شعار 
		يتميزون به ، وقد يكون هذا الشعار في الراية والعلم ، أو اللباس ، أو 
		الهيئة أو غير ذلك 
		
		
		9- الخصومة واللَّدد فيها : وهي من سماتهم التي اشتُهروا بها ، فكثرة 
		المراء ، والإسراف في الجدال ، كان من أسباب صرفهم عن تعقّل الحُجج ، 
		وإدراكها ، ففي الحديث ( ما ضل قومٌ بعد هُدَىًّ كانوا عليه ، إلا أُوتوا 
		الجدل ) 0
		
		
		10- أنهم أهل فُرْقَةٍ وافتراق : وهذه سِمَةٌ لأهل البدع جميعهم ، فالخوارج 
		فارقوا جماعة المسلمين ، وخرجوا على الأئمة ، ولا يزالون على هذا الضلال ، 
		ويعتقدون أن هذا قربة لله الواحد القهّار ، وهم جمعوا إلى مفارقة جماعة 
		المسلمين ؛ التّفرق فيما بينهم ؛ فتراهم أشتاتاً لأدني خلاف يدبّ فيهم 
		وانشقاق جبهة النصرة عنهم خير مثال 0
		
		وقد وجه مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بياناً بعنوان ( تبصرة 
		وذكرى ) ومما قال ( مع هذه الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية اختلت فيها 
		كثير من الأوطان , ومعها اختلت كثير من الأفهام , ولا شك أن أكثر الأفكار 
		خطراً أفكار تُسوق باسم الأديان , ذلك أنها تكسبها قداسة تُسترخص في سبيلها 
		الأرواح , وحينئذٍ ينتقل الناس والعياذ بالله من التفرق الذي يَعْصِمُ منه 
		الدين , إلى التفرق في الدين نفسه , وهذا الذي حذرنا الله عز وجل منه في 
		قوله ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ 
		مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم 
		بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) ، فإنه تعالى في هذه الآية يحذر المسلمين من 
		أن يكونوا في دينهم , كما كان المشركون في دينهم , وتفريق دين الإسلام هو 
		تفريق أصوله بعد اجتماعها , وهو كلّ تفريقٍ يفضي بأصحابه إلى تكفير بعضهم 
		بعضاً , ومقاتلة بعضهم بعضاً في الدين , وليس في الإسلام جناية أعظم عند 
		الله تعالى بعد الكفر من تفريق الجماعة , التي بها تأتلف القلوب , وتجتمع 
		الكلمة , وأِن أفكار التطرف والتشدد والإرهاب الذي يُفْسِدُ في الأرض ويهلك 
		الحرث والنسل ليس من الإسلام في شيء , بل هو عدو الإسلام الأول , والمسلمون 
		هم أول ضحاياه , كما هو مشاهد في جرائم ما يسمى بداعش والقاعدة وما تفرع 
		عنها من جماعات , وفيهم يصدق قوله  صلى الله عليه وسلم ( سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث 
		الأسنان , سفهاء الأحلام , يقولون من خير قول البرية , يقرءون القرآن لا 
		يجاوز حناجرهم , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , فإذا لقيتموهم 
		فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ) ، وهذه 
		الجماعات الخارجية لا تحسب على الإسلام , ولا على أهله المتمسكين بهديه , 
		بل هي امتداد للخوارج الذين هم أول فرقة مرقت من الدين بسبب تكفيرها 
		المسلمين بالذنوب , فاستحلت دماءهم وأموالهم ) انتهى بتصرف 0
		
		قبل عدة أيام تعرض مركز حرس حدود السويف بعرعر لهجوم إرهابي داعشي أودى 
		بحياة ثلاثة من رجال حرس الحدود نسأل الباري أن يرحمهم ويتقبلهم في الشهداء 
		، وما هدف هؤلاء الدواعش إلا زعزعة الأمن ، وترويع الآمنين ، وقتل الأبرياء 
		، يقتلون المسلمين ويتركون الكفار والرافضة ، وقد أدان هذا الهجوم الإرهابي 
		جمع من العلماء والدعاة والمثقفين والمسؤولين بل وعامة الناس شبابهم وشيبهم 
		، وقد بين الجميع إن استهداف أمن بلاد الحرمين يصب في مصلحة أعداء الإسلام 
		والمسلمين الذين لا يريدون لبلاد المسلمين أمناً ولا استقراراً ، ولا دين 
		الاسلام علواً أو انتشارا ، فاللهم من أراد بلادنا بسوء فأشغله بنفسه ، ورد 
		كيده في نحره ، واجعل تدبيره وتخطيطه وكيده تدميراً عليه ، اللهم احفظ 
		علينا أمننا واستقرارنا ، ربنا نستودعك أمننا ، ورجال أمننا والحمد لله رب 
		العالمين
		
		كتبه
		محمد فنخور العبدلي