| 
       | 
      
  
  
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
		
		الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد 
		الحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا ، وعلى 
		النقيض منها الغبطة فهي أن يتمنى الشخص أن يكون عنده مثل ما عند فلان دون 
		زوال هذه النعمة ، والفرق بينهما أن الحسد حرام لأنه يبين كراهية الحاسد 
		للمحسود ، والغبطة ليست بحرام لأن فيها التشجيع على المنافسة وهذا جائز 
		شرعاً ، ومن الأدلة على تحريم الحسد قوله تعالى ( أَمْ يَحْسُدُونَ 
		النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ 
		إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) 
		سورة النساء (54) ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه ( لا 
		تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ...) , وجاء في الأثر عن الفضيل بن عياض 
		أنه قال ( إن المؤمن يغبط ، والمنافق يحسد ) ، وبداية ظهور الحسد هو حسد 
		إبليس لآدم وعندما رفض أن يسجد له , ثم قصة ابني آدم عندما قتل أحدهما 
		الآخر وراجع القصة أن شئت في سورة المائدة .
		إذاً فالحسد يتمثل في تمني زوال نعمة المال ، أو الزوجة ، أو المنصب 
		الوظيفي ، أو الوضع التجاري ، أو محبة الناس ، أو كره الخير للآخرين 
		.............الخ
		اعلم يا أخي الكريم أن الحسد يـأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، وأن 
		عداوة الحسد لا تزول قال الشاعر :
		كل الـعداوات قـد ترجى إزالتها ،،،،،،،، إلا عــداوة من 
		عاداك عــن حسد
		فالحسد جرح لا يبرأ ، والحاسد لا ينال من المجالس إلا مذمةً 
		وذلاً ، ولا ينال من الملائكة إلا لعنةً وبغضاً ، ولا ينال عند الموقف إلا 
		فضيحة ونكالاً .
		
		أخي الفاضل اعلم أن للحسد مراتب هي : 
		المرتبة الأولى : أن الحاسد يتمنى زوال 
		النعمة عن الغير ، ويعمل ويسعى في الوسائل المحرمة الظالمة ويسعى في اساءته 
		بكل ما يستطيع وهذا غاية الخبث والخسة والدناءة ، وهذه الحالة هي الغالبة 
		في الحسّاد ، خصوصاً المتزاحمين في صفة واحدة كالمال والمنصب والجاه ونحوها 
		.
		المرتبة الثانية : أن الحاسد يتمنى زوال 
		النعمة ويحب ذلك وإن كانت لا تنتقل إليه ، وهذا في غاية الخبث ، ولكنها دون 
		الأولى .
		المرتبة الثالثة : أن يجد الحاسد من نفسه 
		الرغبة في زوال النعمة عن المحسود سواء انتقلت إليه أو إلى غيره ، ولكنه في 
		جهاد مع نفسه وكفها عمّا يؤذي خوفاً من الله تعالى وكراهية في ظلم عباد 
		الله ، ومن يفعل هذا يكون قد كُفِيَ شر غائلة الحسد ودفع عن نفسه العقوبة 
		الأخروية ، ولكن ينبغي له أن يعالج نفسه من هذا الوباء حتى يبرأ منه . 
		المرتبة الرابعة : أن يتمنى الحاسد زوال 
		النعمة عن الغير ، بغضاً لذلك الشخص لسبب شرعي ، كأن يكون ظالماً يستعين 
		على مظالمه بهذه النعمة ، فيتمنى زوالها ليرتاح الناس من شره ، أو فاسقاً 
		يستعين بهذه النعمة على فسقه وفجوره فيتمنى زوالها عنه ليرتاح العباد 
		والبلاد من شره القاصر والمتعدي ، فهذا لا يسمى حسداً مذموماً وإن كان 
		تعريف الحسد يشمله ، ولكنه في هذه الحالة يكون ممدوحاً لا سيما إذا كان 
		يترتب عليه عمل يرفع هذا الظلم والعدوان ويردع هذا الظالم .
		المرتبة الخامسة : ألاّ يتمنى الحاسد زوال 
		النعمة عن غيره ولكن يتمنى لنفسه مثلها فإن حصل له مثلها سكن واستراح ، وإن 
		لم يحصل له مثلها تمنى زوال النعمة عن المحسود حتى يتساويا ولا يفضله بشيء 
		.
		المرتبة السادسة : أن يحب ويتمنى لنفسه مثلها 
		، فإن لم يحصل له مثلها فلا يحب زوالها عن غيره فهذا لا بأس به ، إن كان من 
		النعم الدنيوية كالمال الحلال ، وإن كان من النعم الدينية كالعلم والعبادة 
		، كأنّ يغبط من عنده مال حلال ثم سلطه على هلكته في الحق من واجب ومستحب 
		فإن هذا من أعظم الأدلة على الإيمان ومن أعظم أنواع الإحسان ، وكذا من آتاه 
		الله الحكمة والعلم فوفق لنشره كما في الحديث ( لا حسد إلا في اثنتين رجل 
		آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي 
		بها ويعلمها ) ، فهذان النوعان من الإحسان لا يعادلهما شيء ؛ إلا إذا ترتب 
		عليه وساوس شيطانية وخواطر نفسانية تجر الإنسان إلى مواضع الخطر التي تفسد 
		عمله كأن يقول في نفسه : أنا أحق منه بهذا ، فهذا اعتراض على حكمة الله 
		وقسمته ولا يجوز له ذلك .
		
		همسة
		قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ 
		يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، فَلْتُدْرِكْهُ 
		مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَيَأْتِي 
		إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ) ، فأحب للناسِ ما 
		تُحبُهُ لنفسِكَ ، واكره لهم ما تكرهُ لكَ .
		
		كتبه
		محمد فنخور العبدلي