|
إمتاع الخُلَّان بفوائد مجالس العلوان
(1)
إمتاع الخُلَّان بفوائد مجالس العلوان
(2)
إمتاع الخُلَّان
بفوائد مجالس العلوان (3)
إمتاع الخُلَّان
بفوائد مجالس العلوان (4)
إمتاع الخُلَّان بفوائد
مجالس العلوان (5)
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وبعد... استكمالاً
لما سبق, هذه المجموعة السادسة (خمسون فائدة)
من سلسلة فوائد شيخنا سليمان العلوان, اسأل الله لي ولك العلم النافع
والعمل الصالح, وإليك أخي القارئ ما سطرته من فوائد شيخنا:
1-
سئل هل يجوز للمستودعات الخيرية التجارة بأموال الزكاة إن
كانت فائضة؟ فأجاب: الراجح الجواز بشرطين: الأول: أن يضمن أي يتكفل بتعويض
المال عند الخسارة, والثاني: أن يكون عنده غطاء للضمان, وسألته ما الغطاء,
قال أي يكون لديه عقارات مثلا أو مال يغطي هذا الشيء حال الخسارة.
2-
سئل هل يجوز الاحتفاظ بالزكاة وتوزيعها على الفقراء حسب
الحاجة؟ فأجاب: الناس سابقا لا يحتاجون لهذه المسألة لأنهم يخرجونها على
الفور في أي وقت في السنة, أما اليوم فالناس عادة يعطون في رمضان وإن أعطوا
لا يأتي محرم إلا وليس عند الفقير شيء فيلجأ بعض الفقراء إلى السرقة وقطع
الطريق, فإذا كان هناك من هو أخرق لا يحسن التصرف فلا حرج أن تنفق على هذا
الأخرق أو الذي لا يحسن التصرف على حسب الحاجة, فيجوز للمصلحة لكن لابد أن
تكتب هذا حتى لو حصل وفاة يُعرف هذا المال, لكن هذا التأخير لا يؤخر لأكثر
من سنة لأنه سيأتي مال جديد.
3-
سئل لو أن رجلا أخر الزكاة لمصلحة واضحة ثم تلف المال عنده
فهل يضمن؟ فأجاب: إن تلف المال بغير تفريط منه فالراجح أنه لا يضمن, وإن
كان أخّر الزكاة بلا مصلحة أو لمصلحة لكنه فرّط فعليه الضمان.
4-
سئل هل يُزوج الكبير الصغيرة؟ فأجاب: خطب أبوبكر الصديق
فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزوجه, وخطبها عمر ولم يزوجه,
وخطبها علي وزوجه, واختُلف في سبب ذلك واختار السيوطي أن السبب عدم التقارب
في السن, وذهب طائفة من العلماء إلى أن السبب أن عليا كان أسبق في الخطبة,
فسألته ما الراجح عندكم؟ فقال: الجواز ولكن ينبغي أن تُراعى المصالح.
5-
يجوز
تشبيه الإنسان بالدواب كما جاء عند البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم
"كأنه وحرة" وهي الدويبة الصغيرة مثل
الوزغ, وهذا يدل على جواز تشبيه الإنسان بالدواب لكن بشرط الحاجة والحقيقة,
بحيث يكون فعلا قريباً من ذلك وألا يقصد التنقص والاحتقار.
6-
في الحديث الطويل في قصة آخر من يدخل الجنة, الرجل الذي
أُمر به إلى النار وهو يسأل الله تعالى النجاة, وفي كل مرة يعاهد الله
تعالى ألا يسأله غيرها ثم بعد ذلك يسأل فضلا آخر, وفيه قول النبي صلى الله
عليه وسلم "وربه يعذره" فيه أن الإنسان
إذا خرج عن طوره لا يؤاخذ على ذلك, كالذي أخطأ من شدة الفرح وهذا نظائره
كثيرة.
7-
سئل عن صحة حديث "الفتنة نائمة
لعن الله من أيقظها" ؟ فأجاب: هذا الحديث جاء في تاريخ قزوين وهو
خبر منكر باتفاق العلماء, والفتنة نوعان تكون في الخير وتكون في الشر,
والفتنة المضلة هي العذاب وهي التي تأتي على الدين, تضل العبد فتريه الحق
باطلا والباطل حقا.
8-
سئل عن حكم رقية الكافر بالقرآن؟ فأجاب: لهذه المسألة
صورتان:
الأولى: أن يكون الراقي كافرا, كأن يرقي الكافر بالتوراة أو الإنجيل أو
الأدعية المباحة, وهذا مما اختلف فيه العلماء على قولين:
القول الأول: الجواز, وقالوا لا يشترط في الراقي أن يكون مسلماً ولأنه جاءت
آثار في جواز هذا.
والقول الثاني: المنع مطلقاً, لأن الكافر غير مؤتمن ولا يبعد أن يرقي
بالشرك أو بما حرم الله, ولأن الرقية تكون نافعة حين يتواطأ قلب الراقي
والمرقي وهو الأحوط لسببين:
1-
لأن المسلم إذا رقاه الكافر صار عنده رقّة وميل له.
2-
لأن الكافر غير مأمون على شيء من الإسلام.
الصورة الثانية: أن يكون الكافر مرقياً وهذا فيه خلاف, والراجح جوازه
إذا كان على وجه التأليف والإحسان على من لم يعتدِ علينا أي يشترط في هذا
الكافر ألا يكون معتديا على المسلمين فهذا جائز كما جاز إعطاء المؤلفة
قلوبهم الزكاة.
9-
سئل عن الاستخارة لفعل طاعة من الطاعات؟ فأجاب: هذا على
قسمين
الأول: أن تكون الاستخارة متعلقة بذات العبادة يعملها أو لا يعملها, فهذا
غير مشروع ولا أصل له, كرجل يستخير هل يداوم على السنن الرواتب ونحوها من
الطاعات فهذا لا أصل له.
الثاني: أن تكون الاستخارة متعلقة بأمر آخر, كأن تتعارض عنده عبادتان بر
والدته فيما لا يجب والحج, فيستخير هل يحج هذا العام لوجود عارض أو يبقى
عند أمه أفضل, فهذا له وجه في استخارته, وكأن يكون عنده أولاد وهم بحاجته
وعنده رفقة ليحج معهم فالاستخارة مشروعة, ومن ذلك كأن يكون متردداً ولو لم
يوجد عارض هل يعتمر هذا الشهر أو الشهر الذي يليه؟ فاستخارته مشروعة؛ لأن
الاستخارة ليست لمشروعية العبادة وإنما لوجود عارض.
10-
سئل عن تكرار الاستخارة؟ وهل إذا كررت الاستخارة – كما يقول
البعض - صارت بدعة؟ فأجاب: بأنه جائز والقول بأن التكرار بدعة غلط, وقد
وردت أحاديث بتكرارها لكنها وضعيفة, لكن جاء في صحيح مسلم عن عبدالله بن
الزبير حين أراد هدم الكعبة قال: إني مستخير ربي ثلاثاُ.
11-
سئل عن موضع دعاء الاستخارة؟ فأجاب: فيه عدة أقوال:
قيل: لا بأس يقال الدعاء في الركوع وهو قول طائفة من الشافعية وهو ضعيف.
وقيل: في السجود, وهذا له حظ من النظر لعموم حديث
" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو
ساجد فأكثروا الدعاء"
وقيل: بعد التشهد قبل السلام, لأن الدعاء مشروع في هذا الموضع وهو رأي ابن
تيمية.
وقيل: بعد السلام, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعاء الاستخارة
"فليركع ركعتين ثم ليقل" وهذا ليس ظاهر
الدلالة لأن (ثم) تدل على الترتيب والتراخي, والمسألة اجتهادية سواء جعله
قبل السلام أو بعده.
12-
إذا رأت المرأة الطهر قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي, وإذا
عاودها الدم في فترة الأربعين فإنها تجلس له, أما إذا بلغت الأربعين وخرج
منها الدم فإن كان حيضا فتجلس له, وإن كان استحاضة فلا نفاس بعد الأربعين
وهو أصح شيء في الباب, وورد عن الصحابة, وأما حديث أم سلمة
"كانت النفساء تجلس على عهد النبي صلى الله عليه
وسلم أربعين يوما" فهو حديث مداره على مسّه الأزدية وهي مجهولة
وحديثها معلول بعلتين الأولى جهالة مسّه, والثانية أنه لايقبل تفردها بمثل
هذا, وعليه إذا بلغت المرأة أربعين ولم يكن الدم دم حيض فإنها تغتسل وتصلي
ولا بأس أن يطأها زوجها.
13-
سئل عن حكم الصلاة على صاحب البدعة في ديار الحرب؟ فأجاب:
الصحيح أنك تصلي عليه لأنه لا زال في دائرة الإسلام, والله تعالى يقول
"ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على
قبره" دلّ هذا على أن من كان دون الشرك وفي دائرة الإسلام أنه يُصلى
عليه, أما إن كان كافرا فلا يُصلى عليه ولا يجوز, أما إن كان لايُعرف حاله
مسلم أو كافر, فمنهم من قال تصلي عليه, ومنهم من قال لاتصلي عليه, ومنهم من
قال تصلي وتشترط تقول في دعائك: اللهم إن كان مسلماً فاغفر له وارحمه ...
كما فعل أحمد ابن تيمية حين كان يقدم له جنائز أهل البدع فيشكل عليه أهم
كفار أم مسلمون؟ فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله فقال: عليك
بالاشتراط يا أحمد, وبعضهم ينسب هذه القصة للإمام أحمد وهذا غلط وإنما هي
لابن تيمية.
14-
سئل عن معنى قوله تعالى "نسوا
الله فنسيهم" ؟ فأجاب : نسيهم أي تركهم, والعلم من صفات الله تعالى
الأزلية الأبدية, ومعنى (نسيهم) أي تركهم عن علم بهم.
15-
الهجر نوعان:
الأول: هجر لأجل أمور دنيوية, وهذا لا يجوز أن يتجاوز فوق ثلاثة أيام, فإن
زاد كان آثماً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
"لا يحل لامرئ أن يهجر أخاه فوق ثلاث" وقد رُخِّص في الثلاث ليسكن
الاحتقان والغضب, ولو لم يرخص له لزاد الاحتقان, وبعد الثلاث يكلمه فإن أبى
فلا إثم عليه, والإثم على الطرف الآخر "وخيرهما
الذي يبدأ بالسلام"
الثاني: هجر لأجل أمور دينية, فإنه يهجره إذا علم أن الهجر يصلحه وينفعه
كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الثلاثة الذين خلفوا؛ لأن المقصود من
الهجر الإصلاح فهو بمنزلة الدواء فإن كان الدواء يصلحه استعمله وإلا لا
يفعله.
16-
سئل عن حكم الإسبال؟ فأجاب: الإسبال له حالتان:
الأولى: أن يكون بخيلاء وهذا لا يختلف العلماء على تحريمه لقول النبي صلى
الله عليه وسلم "من جر
ثوبه خيلاء لم ينظر الله له يوم القيامة "
الثانية: أن يكون بلا خيلاء وهذا الذي وقع فيه الخلاف, وأصح القولين
التحريم بدليل حديث أبي هريرة "ما أسفل الكعبين
من الإزار ففي النار" وابن تيمية حين ذكر المسألة ذكرها على العموم,
فذكر التحريم, أما من قال إن المطلق يحمل على المقيد فهذا ضعيف؛ لأنه من
حيث الناحية الأصولية لا يمكن حمل المطلق على المقيد إذا اختلفت العقوبتان؛
لأنه يفضي إلى إلقاء أحد العقوبتين, فمن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه,
ومن جره بلا خيلاء فما أسفل الكعبين ففي النار, فنُعمِل هذا في موضعه وهذا
في موضعه.
17-
جاء في حديث عائشة عند أبي داود
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد العصر وينهى عنهما"
لكنه خبر ضعيف تفرد فيه ابن إسحاق.
18-
الصحابة كلهم عدول, وإيهام الصحابة لا يضر, والذي يضعف
الصحابة هو الضعيف.
19-
أبوحنيفة يوجب ركعتي سنة الفجر كما هو قول الحسن البصري,
لكن البعض ينسب لأبي حنيفة أنه يوجب ذلك حتى مع إقامة الصلاة وهذا من كيسه
لا من كيس أبي حنيفة, لا يقول به أبوحنيفة, ولذا قال النبي صلى الله عليه
وسلم للرجل حين رآه يصلي الركعتين
"آصبح أربعا؟"
20-
سئل عن المتسبب حين يتسبب بشيء فيصيبه بلاء هل يؤجر؟ فأجاب:
له حالتان:
الأولى: أن يكون تسبب بشيء لم يتقصده وإنما تساهل فيه ثم أصابه البلاء
بسببه, فهذا يؤجر على البلاء, لأنه لم يبحث عن الابتلاء مع كونه تسبب فيه
لكنه لا يقصده, مثل شخص يرى أن العلاج غير واجب ثم أصابه المرض ولم يعالج,
ثم تضاعف المرض واستعصى العلاج, فهذا يؤجر لأنه لم يتعمد لكنه كان لا يرى
وجوب العلاج.
الثانية: أن يكون تسبب بأمر غير مشروع, كأن يتسلق الجبال بالحبال يريد
الاستعراض, أو يفحط بسيارته ثم يصيبه البلاء, فهذا لا نقول أنه مأجور, بل
هو مأزور, ومثله السرعة الجنونية فإذا أصابه شيء لا يمكن أن نقول هو مأجور
لأنه عرض نفسه للتهلكة.
21-
سئل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "إن
الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم" ما معنى (اعملوا ما
شئتم)؟ فأجاب: قالت طائفة: المقصود ما يصدر عنكم يا أهل بدر من تأويل
واجتهاد وخطأ غير متعمد فهو مغفور لكم, وقالت طائفة: كل ما يصدر عنكم من
غير الكفر فإنه مغفور لكم, وقالت طائفة: أنه كتب في اللوح المحفوظ أنهم لن
يعملوا شيئا إلا وهو مغفور لهم, وقيل غير ذلك, والقول الأول هو الصحيح.
22-
معظم اصطلاحات الحديث التي عند المتأخرين استفاضت واشتهرت
وبعضها لا أصل له, وبعضها مأخوذ من علماء الكلام فلا بد من تحرير
مصطلحاتهم.
23-
سئل هل يمكن لأحد من الناس أن يرى الملائكة؟ فأجاب: هذا فيه
تفصيل, إن كان يقصد أنه يراه على غير هيئته فإن الصحابة رأوا جبريل على
هيئة رجل, وإن كان يقصد أنه يراه على هيئته كما رأى النبي صلى الله عليه
وسلم جبريل ساداً ما بين الأفق, فهذا من الناحية العلمية لا شيء يمنع منه,
ومن ناحية واقعية وشيء مصدق فهذا لم يثبت عليه دليل.
24-
الصواب أن الأوامر تقتضي الوجوب سواء كانت في الآداب أو
غيرها, ولا دليل على التفريق بين الآداب وغيرها, والذين يقولون بالتفريق
بين أوامر الآداب وغيرها ليس عندهم ضوابط يتفقون عليها, وكذلك في النواهي
الأصل فيها أنها للتحريم سواء كانت في الآداب أو غيرها, ولا دليل على
التفريق.
25-
في قول النبي صلى الله عليه وسلم
"ويل للأعقاب من النار" لِمَ نص النبي صلى الله عليه وسلم على
الأعقاب مع أنه لو ترك أي شيء لما صح وضوءه؟
الجواب: لأن العقب مظنة الترك والتهاون, وهذا صحيح وأنت ترى بعض الذين
يدخلون أرجلهم تحت الصنبور ولا ينتبهون للعقب.
26-
حديث "من ذرعه القيء فلا قضاء
عليه ومن استقاء فليقض" حديث معلول, أعله أحمد والبخاري, وآخرون من
الحفاظ, وكان أبوهريرة يفتي بخلاف الحديث مما يدل على ضعفه, وهل القيء عمدا
يفطر؟ الجمهور على أنه يفطر وعليه القضاء وحكى بعضهم الإجماع وهذا فيه نظر,
وكثير من الإجماعات فيها نظر, والقول الثاني أنه لا يقضي؛ لأن الخبر ضعيف
ولو صح لكان نصاً في المسألة ولكنه معلول.
27-
الصائم إذا غربت عليه الشمس أو ظن أنها غربت فأكل وشرب ثم
طلعت الشمس فإنه يمسك بقية اليوم ولا قضاء عليه, وكذلك لو ظن بقاء الليل,
فأكل ثم تبين أن الليل خرج فإنه يمسك ولا قضاء عليه, وصيامه صحيح.
28-
سئل عن معنى قوله تعالى "إنما
المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام" ؟ فأجاب: المقصود بالمشركين
صاحب الكفر العمد من اليهود والنصارى والمجوس وعامة الطوائف المشركة,
ووصفهم الله تعالى بالنجاسة أي النجاسة المعنوية وهي الشرك, والمقصود
بالمسجد الحرام حدود الحرم, فيمنعون من دخول الحرم مطلقاً ولا يمكنون من
ذلك بأي حال, وقد جاءت أدلة تبين أن المقصود بالحرم حدوده, كقوله تعالى"هديا
بالغ الكعبة" وقوله "حاضري المسجد الحرام"
ومعلوم أن الأهل هنا لايسكنون الحرم وإنما حدوده, وكذلك الكفار لايُمكنون
من البقاء واستيطان جزيرة العرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال"أخرجوا
المشركين من جزيرة العرب"
29-
سئل عن معنى حديث "من أحب أن يبسط
له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه"؟ فأجاب: (من) صيغة عموم
تشمل الرجال والنساء, وهذا الحديث فيه ترغيب على صلة الرحم؛ لأنها مجلبة
للرزق منسأة للأثر, ويؤخذ منه التشريك بين القربات والأمور الدنيوية لكنه
ليس على إطلاقه وإنما في العبادات غير المحضة, فيصل الرحم بغرض الأجر وبسط
الرزق لكن أجره أقل من أجر المتعبد فقط, ومن ذلك من جاهد وأراد الغنيمة
فأجره أقل من أجر من جاهد وأراد عبادة الجهاد, ولذا جاء في الحديث
"إن السرية إذا غزت وغنمت فقد تعجلوا ثلثي أجرهم"
وهذا محمول على قصد الغنيمة مع نية الجهاد, وليس المراد نية الجهاد فقط ولا
يفهم منه أيضا أن المجاهد لا يأخذ الغنيمة, فإن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "وجعل رزقي تحت ظل رمحي" ولا يمكن أن
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "تعجلوا ثلثي
أجرهم" ويأخذ من الغنيمة إلا أن المقصود هو من جاهد ليأخذ من
الغنيمة مع أجر جهاده, لا كل من يأخذ من الغنيمة.
ونأخذ من الحديث أيضا أن الطاعات سبب للرزق ولطول العمر كما قال تعالى"وأن
استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل فضل
فضله"
30-
سئل عن ساعة الجمعة؟ فأجاب: ساعة الجمعة فيها 40 قولا وكثير
منها متداخل:
قيل: ما بين دخول الإمام لخطبة الجمعة إلى أن يفرغ من الصلاة, وهذا جاء في
صحيح مسلم وهو خبر أعله غير واحد من الحفاظ كالإمام أحمد والدارقطني وابن
القيم في الزاد وغيرهم أعلوه بالإرسال.
وقيل: من بعد عصر الجمعة إلى غروب الشمس.
وقيل: في كل يوم الجمعة ليجتهد الناس في الدعاء والتحري لئلا يترك الناس
وقتا دون وقت, وقال بعضهم هي كليلة القدر أخفى الله تعالى وقتها ليجتهد
الناس, وجاء في الصحيحين
"إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسال الله خيرا إلا أعطاه"
وقد روى سعيد بن منصور عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: اجتمع أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم وتفرقوا ولم يختلفوا بأن ساعة الجمعة هي آخر ساعة من
الجمعة.
والأحاديث المرفوعة في هذا معلولة, وعلى هذا تطلب ساعة الجمعة في كل اليوم
ولكن أرجاها آخر ساعة من الجمعة.
والساعة عند السلف قريبة من ساعاتنا ويدل على هذا الحديث الوارد "من
خرج في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن خرج في الساعة الثانية ..."
الحديث, وهذا يعني أنها تقريبا خمس ساعات وهذا قريب من ساعاتنا وإن
كان فيه تفاوت فهو يسير, والإنسان يجتهد من بعد العصر إلى غروب الشمس.
ويحرص العبد على الدعوات العامة ويدعو للمسلمين والمسلمات ويدعو بنصرة هذا
الدين, فهي ساعة يُعطى فيها كل ما سأله.
31-
سئل عن وصف بعض الصحابة لآخر بالمنافق كما جاء في حديث
عتبان في الصحيحين فما ضابط هذا وهل يدخل فيه العلمانيون؟ فأجاب: جاءت في
الباب أدلة كثيرة في هذا المعنى,ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه للنبي صلى
الله عليه وسلم عن حاطب "يا رسول الله دعني أضرب
عنق هذا المنافق" فمن جاء ظاهرا بالنفاق الصريح فلا بأس من وصفه
بالنفاق ظاهرا لكن الإنسان يتحرز من ذلك لمن له سابقة في الإسلام ولا
يتهاون في هذا ويعلم أن قصده ظاهر النفاق, وقد جاءت نصوص في ظاهر ذلك منها
"قول الرجل للأنصاري لقد كذبت فقال الأنصاري لقد
نافقت" وعليه من أتى بشيء ظاهره من أعمال وأقوال النفاق فلا جناح من
إطلاق النفاق عليه ظاهرا إن كان ذلك حمية للدين وغضبا لله تعالى, أما
العلمانيون لا شك في نفاقهم لأنهم يرون تحكيم غير الشريعة ولأنهم يرون فصل
الدين عن الدولة.
32-
بعض العلماء يقول لو أن رجلا حلف بالطلاق أن كل ما في
البخاري صحيح لم يحنث مع أن بعض الأحاديث طعن فيها الحفاظ, والمقصود بذلك
العموم والغالب, وأما النادر فلا حكم له, كقول عائشة رضي الله عنها
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله"
جاء في رواية "إلا قليلا" والعرب
من لغتهم أن يُغلِّبوا, والعرب تغلِّب الأقرب من العددين يلحقونه به, فمثلا
يقال عنها الأربعين النووية وعددها 42 .
33-
سئل عن الثابت من الأدعية بين السجدتين؟ فأجاب: الأدعية
الثابتة بعد الرفع من السجود اثنان لا ثالث لهما:
"ربِّ اغفر ربِّ اغفر لي" رواه ابن ماجه ورواته ثقات ولكن الحديث
رواه مسلم بدون هذه اللفظة مما يدل على شذوذها, والحديث الآخر
"ربِّ اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني"
وفي إسناده صالح أبو كامل سيء الحفظ, والجمهور يرون الدعاء بين السجدتين
سنة وليس بواجب, وذهب مالك أن الدعاء بين السجدتين ليس توقيفي وأنك تدعو
بما أحببت؛ لأن ما ورد ضعيف وهذا قول قوي.
34-
سئل ما الفرق بين أجمع العلماء واتفق العلماء؟ فأجاب: لا
فرق بينهما, لكن هناك فرق بين (اتفاق) و (وفاق) مثل: قاله أحمد وفاقاً
للثلاثة, فالوفاق هو قول الأئمة الأربعة, وهو يختلف عن الاتفاق.
ومن الأخطاء العصرية عند المتأخرين أننا نطلق على اتفاق ثلاثة من الأئمة
الأربعة بأنه قول جمهور العلماء, هذا غير صحيح فهؤلاء ثلاثة رجال من علماء
الإسلام, والمقصود بجمهور العلماء هم الصحابة والفقهاء السبعة وأهل
الاجتهاد كأبي ثور وأبي إسحاق ونحوهم من المجتهدين, ولذا من الأخطاء نسبة
بعض الأقوال للجمهور وهي إنما تعني ثلاثة من الأئمة الأربعة كقولهم أن
الزوجة لا يجب عليها طاعة زوجها بأنه قول الجمهور, أو عدم كفر تارك الصلاة
وأنه قول الجمهور ويقصدون بهم الأئمة الأربعة لكننا نحن نحكي إجماع الصحابة
على كفر تارك الصلاة وممن حكى إجماع الصحابة عبدالله بن شقيق وأبوأيوب
السختياني ومحمد بن نصر وإسحاق بن راهوية, بل ذهبت طائفة من الصحابة إلى أن
ترك صلاة واحدة كفر, والمهم أن الذي يريد أن ينقل قول الجمهور ينظر إلى
المصنفات كمصنف أبي شيبة وأقوال التابعين ونحوهم هذا هو قول الجمهور, لا
كما هو مشتهر عند المتأخرين بأنهم الأغلب من الأئمة الأربعة ولذا بعضهم
يتهيب أن يخالف الجمهور, والجمهور قد يكونون أربعة أو ثلاثة من الأئمة
الأربعة, ومن ذلك قولهم أنه لا وضوء من لحم الإبل وأن هذا قول الجمهور وهذا
غير صحيح هذا قول الأئمة الأربعة إلا أحمد, ونسبة هذا القول إلى الخلفاء
الراشدين غلط محض, وإنما قول الخلفاء ترك الوضوء مما مست النار.
35-
الإجماع نوعان: قطعي و ظني
القطعي: هو الذي لا يختلف العلماء في تحريمه وهي الإجماعات التي يكفر
مخالفها, مثل تحريم الزنا والربا والخمر, ووجوب الصلوات الخمس وعدد ركعاتها
ونحو ذلك.
والظني هي التي لا يكفر مخالفها؛ لأنها إجماعات مختلف في قبولها ولكن إذا
نقل الإجماع ولم يكن فيه خلاف فهو إجماع معتبر لكن الأفضل أن يقال لا نعلم
فيه خلافاُ.
36-
بعضهم لا يفرق بين قول ابن حزم وبين قول أهل الظاهر, ابن
حزم له قول مستقل وقول أهل الظاهر هو قول داود بن علي وهو من أكابر الفقهاء
وعلماء المسلمين وهو من أقران الإمام أحمد, ولم يكن الإمام أحمد يطعن في
فقهه, ولكنه يطعن في توقفه وكلامه على القرآن, والمهم أن فقه داود بن علي
فقه له اعتباره عند علماء عصره كالإمام أحمد, وقال الطبري من أراد الفقه
فعليه بداود بن علي والشافعي وغيرهما, ومن الخطأ إقصاء قول أهل الظاهر وعدم
الاعتداد به؛ لأن هناك فرق بين قول ابن حزم وقول داود بن علي, وعلى هذا لا
ينعقد الإجماع إذا خالف داود فهو من الفقهاء الكبار, ولا أعلم أحدا يطعن في
فقهه مع أنه في عصر الأئمة الكبار بل كانوا يثنون عليه وأنه من أوعية
العلم, وكل من تكلم عليه تكلم لأجل كلامه في القرآن لا من أجل فقهه, فكما
لا ينعقد الإجماع بمخالفة أبي حنيفة فكذلك لا ينعقد الإجماع بمخالفة داود
بن علي.
37-
سئل كيف نوفِّق بين أن "أفضل
الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما" وبين أن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم يوما ويفطر يوما؟ فأجاب: كان النبي
صلى الله عليه وسلم يترك العمل خشية أن يشق على أمته وخشية أن يُفرض عليهم
ولكن جاء الحث على هذا الأمر من قوله, وكون هذا الشيء فاضلاً في شخص لا
يعني أنه فاضل في حق غيره, فمنهم من يكون السرد أفضل في حقه كعائشة وعمرو
الأسلمي وابن عمر وجماعة من الصحابة, وكان أحمد لا يرى سرد الصوم فلما سُجن
سرد ثلاثين شهرا ما عدا الأيام المنهي عنها, فلما سئل عن ذلك قال: ذلك أقوى
لقلبي, سألته قلت أليس هذا معارض لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام
الدهر وصيام الأبد؟ فقال ليس هناك أحاديث تمنع من صيام الدهر وأما قوله
"لاصام من صام الدهر" أي للمشقة الحاصلة
له, أما مع عدم المشقة فلا منع, ونحن جربنا هذا في السجن نسرد ولا مشقة في
ذلك.
38-
اختلف العلماء في صيام عشر ذي الحجة, بالنسبة للأوائل لا
أعلم أحدا خالف في مشروعيتها, وإنما خالف المتأخرون, وجاءت الأحاديث في
أفضلية كل عمل في العشر بدليل أن الصحابة فهموا العموم فقالوا
"ولا الجهاد في سبيل الله" ولم يناقشوا في
التهليل والتحميد.
39-
انتشر عند الناس أن صيام عاشوراء على ثلاث مراتب وهو ماذكره
ابن القيم, الأولى صيام عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده, والثانية: صيام
عاشوراء ويوم قبله أو بعده, والثالثة صيام عاشوراء مفردا, أما المرتبة
الأولى فلم يثبت فيها نص على عاشوراء, والأحاديث الواردة كلها معلولة ولم
يثبت أنه قال صوموا يوما قبله ويوما بعده, والصواب أنهما مرتبتان:
1-
صيام يوم قبله مع صيام عاشوراء وهذا في مسلم.
2-
أن تفرد عاشوراء بالصيام وهذا لا بأس به.
ومنذ قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يفرد العاشر ومات وهو كذلك, أما من
صام الثلاثة بنية صيام ثلاث أيام كل شهر فلا بأس.
40-
سئل عن حكم صيام عرفة بعرفة؟ فأجاب: في المسألة خلاف:
قيل : بالنهي عن الصيام, وورد في هذا حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى
عن صيام عرفة بعرفة, وهو خبر ضعيف ضعفه العقيلي وغيره.
وقيل: جائز بل مستحب لمن يطيقه, ومن ثم كان جماعة من الصحابة يصومونه,
وقالوا أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر لئلا يشق على أمته.
وقيل: بالاستحباب مطلقا.
والقول بالتفصيل بين من يشق عليه ومن لا يشق عليه هو أقوى الأقوال.
41-
الأحاديث في صيام الأيام البيض في إسنادها نظر وهي كثيرة
ومعلولة قد تتقوى بمجموعها, ولكن صح صيامه عن ابن عمر وابن عباس رضي الله
عنهم, وقد يقال هذا له حكم الرفع.
42-
جاءت أحاديث في صيام الاثنين والخميس, أما الاثنين فقد جاء
في صحيح مسلم, وأعله البخاري بعبدالله بن معبد, لكن الحديث كما قال العلماء
عليه العمل, وأما يوم الخميس فصيامه جاء في أحاديث في إسنادها نظر ولكن
حسنها طائفة من العلماء ولذا لا يصلح أن ينكر على من صامه؛ لأن الأحاديث
التي اختلف في تصحيحها العلماء ليس لأحد أن ينكر على من يفعل ذلك, ولذا من
صامها لأن الأعمال تعرض فيها فلا حرج, والثابت عن عائشة أنها تصوم الاثنين
والخميس حديث معلول فيه نظر.
43-
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في أن الفخذ عورة,
وأصح ما ورد "إذا زوج أحدكم عبده أو أمته فليستر
ما بين السرة والركبة" وهو حديث معلول, ولكن إذا كان الرجل أمرد فلا
يجوز له كشف العورة, والعلماء على أن الحكم في الصلاة يختلف عن الحكم
خارجه.
44-
ذكر ابن تيمية أن عامة من استدرك على البخاري في صحيحه
الصواب فيه مع البخاري, وعامة من استدرك على مسلم الصواب فيه مع من استدرك.
45-
من ذهب للمسجد راجلاً لا راكباً, يكتب له حسنات ذهابه
وإيابه كما في قصة الرجل في صحيح مسلم.
46-
حكم لبس المعصفر للرجال لا يجوز؛ لأن فيه تشبه, والمقصود
بالمعصفر هو ما صبغ بعصفر, منهم من قال هو الأحمر, ومنهم من قال هو ما صبغ
بزعفران, أما الثياب ذات الأقمشة الصفر التي تلبس اليوم ليست منها فلا بأس
بها.
47-
جنس العرب لاشك أنهم أفضل من جنس العجم.
48-
القصاص يوم القيامة يكون على الجميع من يُعذب ومن لا يُعذب
حتى يكون على البهائم كما جاء في الأحاديث, أما العذاب فعلى المكلفين.
49-
سئل عن أحاديث الحمام هل ورد فيها حديث صحيح؟ فأجاب: ورد
حديث أبي هريرة رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتبع حمامة فقال:
"شيطان يتبع شيطانة" وهو أثر صحيح, وهذا
لا يدل على تحريم الحمام ولكن الفقهاء كرهوا ذلك لأنه من عادة الفسّاق
اتباع الصغار لأجل ذلك لأنهم يبيعون الحمام, ولكن من جعل الحمام في بيته
لصغاره وتولى هو التصرف بها في بيع ونحوه فلا يُذم.
50-
الذين يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم خمسة: عثمان بن
عفان, وجعفر بن أبي طالب, والحسن بن علي وأخوه الحسين, وفاطمة ابنته, هؤلاء
كانوا أشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم.
كتبها: عبدالله بن حمود الفريح
البريد الإلكتروني:
forih@hotmail.com
تويتر:
alforiih