صيد الفوائد saaid.org
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الدكتور سعد البريك: حامل لواء الوعظ والدعوة في زمن المتغيرات

د. عبدالله بن معيوف الجعيد
@abdullahaljuaid

 
بسم الله الرحمن الرحيم


برحيل الدكتور سعد بن عبدالله البريك، فقدت الأمة الإسلامية أحد أبرز رموز الدعوة والوعظ في العصر الحديث، ممن جمعوا بين قوة البيان، وصدق التأثير، ووسطية الفكر، وحرصٍ عميق على مصالح الدين والوطن والأمة. وُلد الدكتور البريك في المملكة العربية السعودية، ونشأ في بيئة علمية دعوية، درس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ونال منها درجاته العلمية العليا في الشريعة، حتى أصبح من أبرز الأصوات الفكرية والدعوية التي عرفها المشهد الإسلامي في العقود الأخيرة.

امتاز الدكتور البريك بخطابه المتزن، الذي جمع بين الالتزام بثوابت الشريعة والانفتاح الواعي على معطيات الواقع. لم يكن صوتًا صداميًا، ولا صوتًا مميعًا؛ بل مثّل نموذجًا للداعية الذي يجمع بين العلم والعمل، والتبصر في النصوص، والوعي بحاجات العصر. وقد تجلّت وسطيته في مواقفه الدعوية، حيث خاطب النخب والعامة، واستطاع أن يبني جسور التواصل مع الشباب، دون أن يتنازل عن مرجعيته الشرعية. كانت مواقفه الوطنية واضحة وجليّة، فقد وقف – في مراحل مفصلية – موقف الناصح الأمين، والغيور على وحدة الصف، والداعم لولاة أمره، مدركًا أن الأمن والاستقرار ركيزتان ضروريتان لحفظ الدين والنفس والمجتمع. وقد عبّر عن مواقفه تلك بوضوح في خطبه ومحاضراته وكتاباته، مؤكدًا أن نصرة الدين لا تكون على حساب تمزيق الجماعة أو الخروج عن جماعة المسلمين.

لم يكن الدكتور البريك واعظًا خلف المنبر فحسب، بل كان داعية ميدانيًا، يتلمس احتياجات الناس، ويشاركهم همومهم، ويطرق القضايا الكبرى التي تمس حياة المسلم وهمّه الديني والأسري والاجتماعي. فحديثه عن القيم، وتربية الأبناء، ومخاطر الانحرافات الفكرية، لم يكن تنظيرًا مجردًا، بل نابعًا من معايشة، وحرص أبوي صادق. وخلف – رحمه الله – إرثًا علميًا دعويًا غزيرًا، تمثل في مئات المحاضرات، والخطب، واللقاءات الإعلامية، والمشاركات المجتمعية، فضلاً عن مبادرات إصلاحية ومجتمعية، ومواقف إنسانية سجّلها له كثيرون في مجالات الصلح والتوجيه والدعوة.
لقد آمن أن الكلمة مسؤولية، فصاغها بعقل حكيم، وقلب ناصح.

رحل الدكتور سعد البريك، لكنه ترك أثرًا عميقًا في نفوس محبيه وتلامذته، ممن شهدوا له بالصدق، والإخلاص، والغيرة على الدين، والتفاني في الدعوة.
فقد كان – بحق – نموذجًا للداعية المتوازن، العالم المخلص، والمواطن الصادق، الذي جمع بين الوعظ والإصلاح، وبين الوفاء لوطنه والقيام برسالته.
نسأل الله أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يجعل ما قدم في ميزان حسناته، وأن يُلهم الأمة أن تحذو حذو المصلحين الصادقين.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • المقالات
  • العمل الخيري
  • الكتب
  • الصفحة الرئيسية