|
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
إنهم يعبدون الفراعنة
حين انضم ( الأقباط ) إلى النصرانية حاربهم الرومان الكاثوليك ، وقتلوهم أشد
القتل .. حرَّقوا الرجال وهم أحياء ، وأحرقوا القرى بما فيها ومن فيها ؛ كانوا
عازمين على إبادتهم إبادة شاملة [1] ، يقولون ليس مسيحيين إنهم وثنيون يعبدون
الفراعنة .
ولم تتغير نظرة الرومان إلى النصارى إلى يومنا هذا ، فكنيسة الكاثوليك من يومين
أو ثلاث تعلن على الملأ أنها هي ( كنيسة الرب ) وغيرها ليس بشيء ، وقد دفع هذا
الأمر نفراً من الباحثين للتأمل في حال ( الأقباط ) هل هم مسيحيون ... يعبدون
المسيح بن مريم كما يدَّعون ؟ أم أنهم حقاً وثنيون يعبدون الفراعنة كما يصفهم
إخوانهم في الكفر من الكاثوليك ؟
الإجابة تشير بوضوح إلى أن نصارى مصر ( الأقباط ) خليط من النصرانية المحرفة
والفرعونية القديمة ، والدلائل على ذلك كثيرة [2].
أبرزها أن مستمسكون بأسماء آلهة الفراعنة القديمة ، ويشتهر هنا كدليل ( مينا
البراموسي أو مينا المتوحد ) وهو بطريرك الأقباط السابق [3]ـ قبل شنودة الثالث
الموجود حالياً ـ ؛ و ( مينا ) أسقف جرجا الذي لم يعترف بشنودة الثالث حين
نُصِّب بطريركاً ، وأمهله شنودة ثم عدا عليه حين تمكن منه وشلحه [4]، ويشتهر
بين عامة نصارى مصر كاسم يتسمون به ( رمسيس ) و ( بيشاي ) و ( شنودة )[5] ،
وأسماء الشهور التي يستعملها النصارى الأقباط هي أسماء آله فمثلا ( أمشير )
مشتق من اسم إله الزوابع ، و ( برمهات ) مشتق من اسم إله الحرب ، و ( برمودة )
مشتق من اسم إله الموت ، و ( بؤونة ) مشتق من اسم إله المعادن ، و ( أبيب )
مشتق من اسم إله الفرح ، و ( توت ) مشتق من اسم إله العلم ، و ( طوبة ) مشتق
من اسم إله الطبيعة .. وهكذا ، ونسأل كيف يعظمون الفراعنة وهم الذين أخرجوا
موسى ـ عليه السلام ـ من مصر ، كيف يعظموهم وكتابهم ـ في العهد القديم ـ
يلعنهم ؟!
إنها إحدى العجائب أن يعظم قومٌ قوماً يعتقدون كفرهم ، وإنها لإحدى الدلائل على
وثنيتهم وعبادتهم للفراعنة .
ويشهد على ذلك أن أديرتهم تقام على مقابر ومعابد الفراعنة القديمة ، وبعضهم
يدافع عنهم فيقول أقيمت الأديرة على المعابد الفرعونية القديمة من أجل سرقتها
وإخراج الذهب منها ، وهو ما حصل بالفعل منذ جاء شنودة الثالث ، وهو ما يعلل
سيطرتهم على تجارة الذهب في مصر إذ أن ما أُخرج من ذهب من قبور الفراعنة مئات
الكيلو جرامات ، وهو ما يفسر وجود نسبة كبيرة من الآثار المصرية خارج مصر ،
وخاصة في دول أوروبا . ولكن هذا الرد لا يمكن قبوله ذلك أن أديرتهم أقيمت على
المعابد من قبل أن يصبح للآثار قيمة بين الناس ، فهي منشأة على المعابد من قديم
، وهم كإخوانهم في الكفر ( الكاثوليك ) في هذا الشأن فقد أقام الكاثوليك
أديرتهم على معابد الحضارات الوثنية القديمة [6]
ويشهد على أنهم يعبدون الفراعنة مع المسيح أنهم حافظوا على اللغة القبطية
القديمة .. لغة الفراعنة ، وهم الآن يحاولون إحياءها كي يستعمولها في حياتهم
اليومية ، ولو كانوا حقاً مسيحيين يدينون بالمسيح لأحيوا الآرمية لغة المسيح ـ
عليه السلام ـ أو اليونانية ـ لغة الآباء الأولين ـ وإنما هواهم مع الفراعنة .
ولهم تاريخ خاص ، يبدأ من عام 282 هـ ، ويكتبونه بجوار التاريخ الميلادي ، وهو
المعتمد عندهم ، ولو كان تعظيمهم للمسيح لما ارتضوا غير ميلاده ـ عليه السلام
ـ تاريخاً لهم .
هم يعظموه نعم ولكن تعظيماً أقل من تعظيمهم للتاريخهم الخاص الذي هو خليط من
النصرانية المحرفة واليهودية .
والحقيقة أن نصارى مصر كيانٌ خاص ، مختلف تماماً عن كل النصارى في العالم ، في
المعتقد فهم لا يقبلون أي طائفة أخرى ، وفي التحرك فهم يحافظون على ( رعاياهم )
داخل مصر وخارجها من استراليا إلى أمريكا الجنوبية ، وقد بدءوا في الانتشار في
البلاد العربية ، وهذا الاستقلال الفكري عن ( النصرانية ) الأم بدأ يترسخ في حس
الأقباط منذ قدوم جماعة ( الأمة القبطية ) المتطرفة إلى الكنيسة من عهد كيرلس
السادس وشنودة الثالث البطريرك الحالي .
ولا يسعني أن أترك ( الأقباط ) عبّاد البشر ( الفراعنة والمسيح ) قبل أن أأكد
على أن كل فئات النصارى كالأقباط .. وثنيون في حقيقتهم ، فالنصرانية وثنية
متطورة ، خليط من دين ( بولس ) و ( أديان الوثنية ) ومن شاء أن يعرف فليبحث عن
معتقداتهم من أين لهم بها ؟ وشعائرهم من أين لهم بها ؟
وليس هذا قولي ، ولا قول علماء المسلمين المختصين بدراسة النصرانية فقط وإنما
قول الباحثين النصارى ، وأشهر ما يرشد إليه في ذلك ما كتبه ( اندريه نايتون ) و
( إدغار ويند ) و ( كارل غوستاف يونغ ) وهو منشور في موقع ( ابن مريم ) تحت
عنوان ( الأصول الوثنية للمسيحية ) .
محمد جلال القصاص
مساء الأربعاء
3/5/1429
7/5 / 2008
---------------------------------
[1] وهذه هي تعاليم النصرانية تأمر بها أتباعها حين يتمكنون من مدينة أو قرية
.. قتلُ كل من فيها من الرجال والنساء والأطفال بل والمواشي . انظر إن شئت سفر
إشعيا [ 13 : 16 ] ، وسفر العدد ( 31: 1ـ 18 ) ، وسفر التثنية ( 20 : 16 )
[2] ذهب ( أندرية نايتون ) المؤرخ الفرنسي الشهير في مقدمة كتابه ( المفاتيح
الوثنية للمسيحية ) إلى تعميم هذا الأمر فهو يقول نصاً ( إن المسيحية بوجهها
العام تبدو تلفيقية وثنية ، وإنها برغم تنقيحها تبقى تلفيقية ) مقدمة كتاب (
[3] تسمى بـ ( كيرلس السادس ) بعد أن نصِّّّّّّّب بطريركاً ، وكيرلس إسم يوناني
يعني سيدي
[4] الشلح : تعبير سرياني يقصد به التجريد والطرد من السلك الكهنوتي .
[5] شنودة اسم قبطي مركب من كلمتين ( شي نوتي ) ( شي ) ابن و ( نوتي ) الإله ،
والمعنى ابن الإله . هكذا تقول مواقعهم .
[6] تكلم عن هذا وأفاض في الحديث عالم مقارنة الأديان الفرنسي ( أندرية نايتون
) المؤرخ الفرنسي الشهير في مقدمة كتابه ( المفاتيح الوثنية للمسيحية ) .