|
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
العلامة أبو إسحاق الحويني وخالد الجندي وآخرون إذ
يختصمون
في حسِّي وحسِّ كثيرين يجلس فضيلة الشيخ ( أبو إسحاق الحويني ) عالياً ،
متربعاً ، بهياً ... و لخالد الجندي مَن يحبوه .
خالد الجندي وبعضُ الصحفيين يتكلمون في الثقات من علماء الأمة يهونون أمرهم !!،
وصولاً لردِّ حديث زواج الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة عائشة ـ رضي
الله عنها ـ في سن التاسعة من عمرها ، والحديث في البخاري !! ، وهم بهذا
يدافعون عن الحبيب صلى الله عليه وسلم ـ زعموا ـ.
وحسنُ النية قد يرفع العقوبة عن الفاعل ، أو يخففها ، أو قد ينال الفاعل بحسن
النية مع سوء الفعل الأجر من الله . قد . ولكن حسن النية أبداً لا يكفي لتبرير
الفعل والسكوت عليه فضلا عن تمريره والدعوة إليه .
ولست هنا للتعقيب على الشيخ أبي إسحاق الحويني ، فشأني دون ذلك ، ولا للتهكم
على خالد الجندي أنْ تكلم في غير ما يحسن فعندي ما يشغلني عن ذلك ، أمسكت قلمي
لأسجل هذه المداخلة ، باعتبار أنني أحد المختصين بالرد على النصارى ، وهي إضاءة
على الحوار ، واستحضارٌ لمن غاب عمداً وما كان له أن يغيب .!!
ـ زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة إحدى شبهات النصارى التي
يتكلمون بها ليل نهار ، ولم يتكلم بها أحدٌ قبلهم ، فالملاحظ أن المشركون
الأُوَلْ كانوا يتكلمون بالكذب والبهتان على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،
وما تكلم أحد منهم في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي في
التاسعة من عمرها بنصف كلمة ، ببساطة لأنه كان أمراً عادياً جداً وقتها .
للشبهات مضمارٌ تجري فيه . أنت في آخره ياشيخ ـ حفظكم الله وسدد خطاكم ـ ، تسد
النهر من مصبِّه والشأن في منبعه .
عكف المستشرقون على كتب المسلمين فأعادوا قراءتها من جديد ، ونبشوا عن الشاذين
فكرياً من القرون الأولى وما يليها ، فاستحضروهم من جديد بطبع كتبهم وترويجها ،
وعمدوا إلى الكذب المباشر أو غير المباشر ببتر النص من سياقه العام ثم استعمال
مقدمات عقلية وعرفية لتفسيره ، وكذا اعتمدوا الضعيف والشاذ وما لا يصح من
الحديث وأقوال علماء المسلمين ، ومن ثم أخرجوا كماً هائلاً من الزور والبهتان
نسبوه للإسلام . ثم طرحوا هذه الشبهات على المسلمين ، المبتعثين إلى بلادهم ،
والمشرئبين بأعناقهم ـ في بلادنا ـ لهم ، فشربها قومٌ ، ومِنْ ثَمَّ رددوها ،
فصاروا في جندهم وإن لم يرفعوا صليبهم ، وتفاعل معها المنهزمون كمحمد عبده
وعباس العقاد ، وتفاعل المخلصون من أهل الحديث والأثر ، ثم راح هؤلاء المجرمون
يعمُّون على كلام المخلصين ، وأفادوا من كلام المنافقين المرددين لأقوالهم
والمنهزمين المتنصلين من الثابت في دينهم!!
إن كل الأفكار الهدامة أصلها من ( الآخر ) نصارى أو يهود ، بالأمس البعيد
والقريب واليوم . فالتعطيل والإرجاء جاء من الجعد والجهم ، ويهود هي التي علمت
الجعد ، والجعد علم الجهم ، والقدر وسوس به سَوسنُ النصارني لمعبد الجهني ، ذكر
ذلك الحافظ الذهبي في ترجمة معبد الجهني ، وعِلم الكلام من الفلاسفة والزنادقة
، وقاسم أمين أخذ ما كتب في الكتابين ( تحرير المرأة ) و( المرأة الجديدة ) من
الكافرين ، تحديداً من ( مرقص فهمي ) ومن الاعترضات الأوروبية على ( الرحلة
الأصمعية ) التي طبعت باللغة التركية ، وأخذه مما كتب الدوق الفرنسي في كتابه (
المصريون ) ، ثم جاء النصارى ( مستعمر ومستشرق ) و( نفخوا ) فيما تكلم به قاسم
أمين من كلامهم ، ونسبوه إليه ، وترجموه إلى عدة لغات ، ونشروه في كل البلدان
على أنه كلام المسلمين عن إسلامهم !!
وماذا حدث ؟
انشغلنا نحن بين منافق متبع لقاسم أمين يردد قوله ، ومنهزم يحاول أن يُشَرْعِنْ
باطل قاسم أمين ، ومخلص يرد على هؤلاء ، وراح الملأ من الذين كفروا من أهل
الكتاب ينقلون المشهد لقومهم ، يقولون لهم : ( المسلمون ) يتبرءون من الحجاب ،
ويشجبون على الطلاق ، ويأبون التعدد ، ويتعاملون بالربا ، ويستحسنون ما أنتم
عليه ، والمسلمون يحبون هديكم ، ويسعون في تقليدكم ، ويرضون دينكم ، وبهذا
صرفوا عوامهم عن الإسلام ، بعد أن قدموه لهم مشوهاً . وأشغلونا بأنفسنا . نرد
على المنافقين والطيبين المنهزمين ، والسماعين المتأثرين بأقوال المنافقين
والكافرين .
يا شيخ حفظكم الله !!
لا تقف عند خالد الجندي فليس بصاحبك ، واخرج إلى من افتعل الشبهة . وخذ الجندي
في الطريق وأنت ترد على الأفاكين الآثمين الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون
الحق وهم يعلمون ، بيِّن أمرهم للناس كي لا يتبعوهم ، فإن بان للناس أمرهم
انتهى كيدهم وبطل سحرهم ، في هذه الشبهة وفي غيرها . أما الرد على شبهة بعينها
وعلى منهزمٍ يريد أن يتجمل في عين عدوه ، وهو عدوه وإن تجمل وتبختر ، فهذه
صغيرة ، دعها لنا أو لمثلنا .
لا أعيب الرد ، أبداً ، بل هو واجب ، ولكنك الآن في مصبِّ النهر ، تريد أن
توقفه من مصبه ، وهيهات ، سيشغلوك ، ولن تنتهي منهم ، بالأمس ( رضاع الكبير ) ،
و ( حد الردة ) , ( واليوم ( زواج السيدة عائشة ) وغداً ربما ( مدة الحمل ) ،
ولن تنتهي ، فشأنك والأفاكون الذين يعرفون الحق وهم له منكرون ، الذين يلبسون
الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون .
اخرج إليهم ، فإنهم في ديارنا ، يختالون على عرض نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ
... يسبون ويسخرون ويستهزءون ، وبنساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين
يتشببون . اخرج إليهم فقد أَمِرَ أمرهم ، وعظم خطرهم ، ورُفِعَ صليبهم ، واشتد
حاديهم ، وأقبلوا من كل حدبٍ ينسلون ، ولا يلزم الأمر ما يحذره القوم من ذكر
الأشخاص وإنما معالجة الشبهات معالجة شاملة ، تبين أن هناك أفاكين ـ أياً كان
اسمهم أو وصفهم ـ هم الذين يفترون .
والأستاذ خالد الجندي كالجهم بن صفوان .
الجهم ضاق صدره بقول الله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) فودَّ أن لو محاها
من المصحف بيده . ليستقيم الأمر على هواه . وخالد الجندي استحى من زواج النبي
صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي في التاسعة من عمرها ، فراح يمحو
الحديث من الصحيح ، يريد أن يتجمل في عين عدوه .
هي حالة من الجهل ، والكبر ، والانهزامية .
جهل جعلهمما ـ وأمثالهما ـ يظنان أن في الدين ما يحتاج للشطب أو الرد ،
وانهزامية بها كبر الكافر والفاسق في صدرهم ، فارحوا يتجملون أمامهم ، وكبر
جعلهم لا يرجعون إلى المختصين بل يشاكسون العلماء الربانيين .
والعيب عند الجهم وعند الجندي .
القضية ليست هكذا مطلقاً يا خالد .
ليس ثم شبهة ، وليس ثم ما نستحي منه ، قد كان الكبير يتزوج الصغيرة ، وكانت
البنت تخطب دون التاسعة ، وتتزوج في التاسعة من عمرها ، قبل رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وبعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسيدة عائشة ذاتها
كان قد تكلم لخطبتها قبل النبي صلى الله عليه وسلم جبير بن المطعم ـ كما يقول
بن كثير في البداية والنهاية ـ ، والآن ظهرت حالات في مصر والجزائر واستراليا
بل وأوربا تحمل البنت وتضع وهي في الابتدائي ، وفي البلاد الباردة يتكلم
الأوربيون ( البريطانيون تحديداً ) بأن البنت تبلغ عندهم .. في بلادهم الباردة
.. في التاسعة من عمرها ، وأن حالات الإجهاض تتكرر دون الثالثة عشر ومنشور ذلك
على مواقع النت بالصوت والصورة ،وهو قريب لمن يطلبه .
والنصارى هؤلاء الذين تتكلم إليهم ، عندهم مثل ذلك !!
فالسيدة العذراء ولدت السيد المسيح ـ عليه السلام ـ وهي في الثانية عشر من
عمرها ، وكانت قبل أن تحمل به أي في التاسعة تستعد للزواج من يوسف النجار ، وهو
شيخ كبير طاعن في السن قارب التسعين من عمره !!. وداود ـ عليه السلام ـ عندهم
حين شاب وغاب عقله زوجوه بفتاة صغيرة . وعندهم ما هو أشد وأقبح يقولونه عن نبي
الله لوط ـ عليه السلام ـ وغيره من أنبياء الله ، واستحي والله من ذكره في هذا
المقام . والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن بالعجوز المحدودب الظهر الذي
لا ينهض من الأرض إلا بغيره ، ولا يسير إلى على ثلاث ؛كان شاباً فتياً جميلا ،
أجمل الناس شكلاً ، وأقواهم بدناً ،وأحسنهم صوتاً ، وأحسنهم للنساء ... يجامع
حتى يكسل ، ولم يظهر عليه آثار الشيب يوم تزوج السيدة عائشة ـ رضي الله عنها .
فمن ذا الذي يعيب ؟ ومن ذا الذي يعاب ؟
ياخالد !
لو كلفت خاطرك بالنظر في كتابهم ما استحييت ، وما عدت إلينا تتطاول على رموز
أمتنا .. تلك الجبال الراسية والشواهق العالية .. البخاري وابن عروة .
وياخالد !
لهذا يطمعون فيك ، سمعتهم مرةً في قناتهم ـ تحديداً برنامج سؤال جريء ـ يقولون
دعَوْنا ( الشيخ ) خالد الجندي للمناظرة ولم يأتِ ، ولو رأوا فيك بأساً ما دعوك
، ولو رأوا فيك عزة بدينك ما دعوك ؛ ولكن علموا أن وجهك إلينا ، تستحي وتنفي ،
ولا تخاطب القوم في معتقدهم .
ويا خالد !
لي منك رجاء ، إن دعوك وكنت مشغولاً فادعنا نكفيكهم ، ونبين للناس فجرهم وسوء
معتقدهم ، وقباحة قولهم ، أو فادعهم لشيوخنا فإنهم أهل علم وفضل. وثانية لا
تستحي من شيء ، وثانية لا تكسل وانشط وأقرأ ما عند القوم ، فإنهم على قبيح
ويدعون لقبيح ، ويتكلمون بالقبيح .