بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
لم أتجن على الأقباط
أرسل بعض الكرام ، يعظني بأن ثم تجني على الأقباط في مقالي السابق ( الشيخ
محمد حسان وصبيان زكريا بطرس ) ، فلزم توضيح بعض الأمور ، وأضع ما عندي في
نقاط :
ـ قلتُ: الأقباط قلة ، ذلك أني نظرت إليهم كفصيل ( أقباط ) من فصيل (
الأرثوذكس ) ليس هو الأكبر بين النصارى .
وهم بالفعل قلة إن نظرت إليهم بين النصارى عموماً ، وإن نظرت إليهم بين
المصريين . إذ كم عددهم بالنسبة للنصارى جملةً ؟! ، وكم عددهم بالنسبة
للمصريين ؟!
التعداد الرسمي لمصر يقول أنهم عشرة بالمائة من سكان مصر ، وهذا يعني أنهم
ثمانية ملايين لا يزيدون ، وهذه النسبة ثابتة من أيام الاحتلال الإنجليزي ،
ونفرٌ غير قليل من العارفين يشككون فيها ويقولون بأن الأقباط لا يزيدون في
أي حال عن 6% ، أي أربعة ملايين يزيدون قليلاً .والكنيسة لا تبرز تعداداً
بالأفراد ، وإنما تتكلم بكلام مجمل .
وكون الأقباط قلة يشهد له واقعهم في مصر ، فالأقباط ليسوا ظاهرة في الشارع
المصري ، ولا في المؤسسات المصرية أو محافل التعليم ، بل أفراد ، باستثناء
مدينة أسيوط ( صعيد مصر ) التي يعملون على التمركز فيها .
ويحدث خداع .
الأقباط يخادعون الناس بعدد الكنائس هنا وهناك . . في استراليا ، وأوروبا ـ
في أكثر من مكان من أوروبا ـ وفي أمريكا الشمالية والجنوبية . ، حتى أنك
حين تسير في شوارع القاهرة وغيرها من المدن الكبيرة في مصر يلفت نظرك عدد
الكنائس الكثير وحجم الكنائس الضخم ، حتى تقول ـ لو كنت زائراً ـ إن
النصارى هنا كُثر .
وكذا وجود أغنياء من النصارى أو وجود رأس مال في يد النصارى جعلهم ينتشرون
في الساحة الإعلامية المرئية وغير المرئية ، فعديد من القنوات الفضائية ،
ومئات من المواقع العنكبوتية ، وملايين من المطبوعات المكتوبة والمسموعة ،
فضلا عن الأقلام المأجورة . ويخدع العجول بهذا الانتشار في الفضاء فيحسب أن
مثله في أرض الواقع ، وهو غير حقيقي ، والمال كما جاء بين يوم وليلة في
أيديهم قابل أن يذهب بين يوم وليلة أيضا .
وهم يبحثون عن أي شيء يعطيهم وصف الكثرة ، فتراهم يقولون أكبر تجمع نصراني
في الوطن العربي ، أكبر أقلية في العالم الإسلامي ، وأكبر أقلية أقلية ..!!
إن الحقيقة أن الأقباط قلة . وأن الأقباط ظهروا على الساحة لثلاث عوامل
متراكبة . أولها سيطرة ( جماعة الأمة القبطية ) على الكنيسة في مصر ، وهي
التي أخذت قراراً بالخروج من مصر وتكوين ( ذراع خارجية ) وقد بدأ هذا في
عصر كرولوس السادس ( البطريرك السابق ) تحديداً في عام 1969 وكانت أول
كنائسهم بالخارج في استراليا . ثم تابعوا الانتشار في أوروبا وفي أمريكا .
ثم المغرب العربي والخليج .
و( الآخر ) يمدهم ليستعملهم للضغط على الداخل ، والشواهد كثيرة . فقضية (
الأقليات ) يتم تحريكها من حين لحين طلباً لمكاسب سياسية في القضية
الفلسطينية أو غيرها .
ـ التوصيف الصحيح للحالة القبطية بأنها نفسية وليست دعوية ( تبشيرية ) .
وأنها قائمة لظرف سياسي على مقومات خارجية وداخلية سياسية . كما قدمت ، وما
هي فيه قد يذهب عنها بين يوم وليلة . فلن يبق الدعم الخارجي ، ولن يبق
الضعف الداخلي المستجيب للضغط الخارجي ، ولن يبق سيطرة ( جماعة الأمة
القبطية ) على الكنيسة فقد تفاقمت المشاكل الداخلية . ومن يرقبهم الآن يعرف
حالهم . لا أتكلم عن ماكسيموس الأول ومن تبعه ، وإنما عن الداخل القبطي
المستقل الذي يترأسه شنودة الثالث .
ـ يتحدث من اعترض على مقالي ـ من الأفاضل الكرام ـ بأن ثم اعتراض من بعض
الأقباط على زكريا بطرس .!
ولم أره قط إلا خداعاً . والذي تراه عيني وهي بينهم ترى ما يفعلون وتصغي
لما به يتكلمون ، أن بطرس يلقى رعاية من الكنيسة ، فهو يرتدي زييها الرسمي
، ويحمل من ألقابها ، ويطبع كتبه عليها صورة رئيسها ( شنودة الثالث ) ،
وخلايا التنصير المنتشرة في مصر تقتات على ما يخرجه بطرس . وقد استقبله
زعيم الكنيسة في أمريكا مرة ، ونشر ذلك زكريا بطرس بتاريخ 26/7/2008
فلا يلتفت لاحتجاج أفراد عليه .إن وجد من يعترض عليه . ربما يكونوا قد
اعترضوا مواربة ، وقد أباح لهم بولس الكذب ، وفَعَلَه .
ولا نجد بين الأقباط صوتاً رسمياً يعترض على ما يقدمه بطرس ، ومن يعترض على
بطرس ( وهم قلة ) يعترض على الأسلوب لا على الموضوع ، والكنيسة تدفع بعدد
جديد منهم مرقص عزيز ، وهو أسقف ـ فيما أعلم ـ ، ولهجته أشد ، وما يطلبه
أبعد مما يتكلم عنه بطرس .
فوق ذلك أن ظاهرة زكريا بطرس لم تعد تحت السيطرة ، فقد أصبح الرجل يقود
فريقاً من المدربين ، ويدفعه فريق من المنتفعين ، فالظاهرة لا تتعلق بشخصه
، ولن تنتهي باعتراضٍ هنا أو هناك ، فعلى من يعترض أن يمد يده معنا لوقفها
، لا أن يبقى يتكلم في المجالس الخاصة أو في التعليق على المقالات ، ثم
يريد منا أن نتوقف عن التصدي لبطرس بالتي هي أحسن فقط لوجود أفراد يعترضون
عليه .
ـ بخصوص تعميد النساء ، لم أتجن على القوم في كثير ولا قليل ، فقد شهدت
إحداهن في البالتوك بما أقول ، وكانت قد كفرت ثم عادت للإسلام ثانية ، وكما
قدمت هو موجود في كتابهم ، ولا أحد ينكر أن القسيس يقف على رأس من تتعمد
وهي عارية في الماء .
وإحدى المستحيلات أن تجد شيئاً اتفق عليه النصارى ، لا التعميد ولا غير
التعميد ، فكل ما يقوله أحدهم ينقضه واحد منهم ، ولا أتلكم عن المذاهب
الشاذة ، بل الرئيسية المعترف بها بينهم . وأتكلم عن الأصول لا الفروع ، كل
عقيدة عند نصراني تجد ضدها عند نصراني آخر . لا يوجد عندهم قواعد كلية
يجتمعون عليها ، الفداء ـ وهو الثابت الأول في عقيدتهم ـ مختلفون فيه ،
وسلهم : هل يطال كل المؤمنين بالمسيح أم بعضهم ؟ يطال كل الناس أم من آمنوا
بالمسيح ؟
لن تجد إجابة واحدة .
والمسيح عليه السلام من هو ؟
إجابات متعددة ؟ يقف كل واحداً منها في وجه الآخر .
والتعميد يكون برش الكل أم بالتغطيس ، يكون بالماء صافياً أم بالماء
مخلوطاً ؟
لم أجد إجابة محددة ، ولن تجد .
ولتعلم أن قد كنت سمحاً حين تكلمت عنها ( النصرانية ) ، ولم أتجن عليها ،
أدعوك أخي القارئ أن تبحث في محرك جوجل عن ( تعميد الأجنة ) ستجد ما يفزعك
، وأقل ما قدت تجد مما يفزعك ، إحداهن قد استلقت على ظهرها ، ورفعت رجليها
كالتي تستقبل زوجها ، وبابا الفاتيكان ( أكبر رأس في النصرانية ) بين
رجليها يضع يده في فرجها .. يُعمد ما بداخل فرجها ، والقوم حوله فرحين
مسرورين . فهل تراني عليهم تجنيت ؟
أبداً . لم أتجن على الأقباط ولا غير الأقباط .
ابو جلال محمد بن جلال القصاص
مساء السبت 29رمضان 1430هـ
|