بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
توصيف للساحة الفكرية
( أربعة صفوف ) أو ( أربعة أقواس )
(1)
على محورين بفريقين
المحوران هما :
المواجهة بين الحق والباطل تكون على محورين[1] :
جدال
وقتال
{وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا
بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر : 5]
{وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان : 31]
وقد كانت ساحة الجدال في مكة أقوى وأشد من ساحة القتال ، جادلوا في كل شيء
، في الأخبار ، والأحكام ، والدلائل ( المعجزات أعني ) وعاونهم الآخر(1)
[2]، بل حرضهم (2) [3].
الفريقان هما :
الملأ . والعامة .
الملأ كفرهم كفر عناد واستكبار . يعرفون الحق وهم له منكرون .
والعامة منشغلون بدنياهم ، أو خائفون يريدون السلامة في أموالهم وأبدانهم .
الملأ يواجهون الدعوة بقتال وجدال . يقاتلون المؤمنين ويجادلونهم .
ويواجهون عوامهم ( الذين خلفهم ) بقتال وجدال . يبثون بينهم الشبهات التي
تصدهم عن سبيل الله ، ويبرزون لهم أسباب الخوف ، إرهاباً لمن أراد أن يخرج
ويتبع أهل الحق .
والدين يواجه ( الآخر ) على ذات المحورين : محور الجدال ومحور القتال .
ومحور الجدال ( الدعوة ) هو الأصل ، والأصل فيه الرفق ، والدفع بالتي هي
أحسن ، والقتال استثناء يستهدف إزالة الملأ من طريق الدعوة ، وقبل القتال
وبعده ، بل وحين القتال: دعوة بالتي هي أحسن . فلا نقتل النساء ، ولا نمثل
بالرجال بعد قتلهم ، ولا نقاتل من لم يقاتل ... هي دعوة .
(2)
الشيطان حامل لواء الفساد
أ ـ في الجدال
على محور الجدال ( الناحية الفكرية أو العقدية ) نجد أن الفساد بدأ
بالشيطان واستمر بالشيطان ، فهو المفكر الأول للمفسدين ، وهذه بعض المشاهد
كشواهد .
ـ هو الذي أظهر المعاصي في بني آدام ، وكان أولها الغناء . [ راجع ـ إن شئت
ـ ابن كثير عند تفسير قول الله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج
الجاهلية ) ]
ـ صور التماثيل لقوم نوع ثم أمرهم بعبادتها . ( تفسير قوله تعالى [ وقالوا
لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ... الآيات ] )
ـ دلَّ عمرو بن لحي على الأصنام التي كانت على ساحل جدة . ( مختصر السيرة
النبوية للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، ومثله عند النووي
ـ غير تلبية التوحيد إلى تلبية الشرك ( الروض الانف للسهيلي ) .
ـ وجد في الأصنام وتكلم للناس بها ، والأخبار كثيرة في ذلك عند قصص هدم
الأصنام وكيف كانت تخرج منها إمرأة تخمش وجهها وتضرب صدرها .
ـ تنزل على الكهان ، وكانت وظيفتهم دينية .
ـ ألقى السمع بما لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم في أسماع قريش ( وما
أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) (
وما هو بقول شيطان رجيم ) .........
ـ جاء صريحاً في التنزيل ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) (
هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ... ) ، فهم يوحون ، وهم يتنزلون على نوعية
معينة من البشر . وهنا روايات كثيرة عن ابن عباس وعبد الله بن عمر ، في
بيان حال المختار بن عبيد الله الثقفي ( المختار الكذاب ) . يرويها اهل
التفسير وشراح الأحاديث .
في القتال
ب ـ في القتال :
ـ حضر يوم بيعة العقبة ، ونادى في أهل الجباجب ( الخيام ) ليفسد البيعة .
ـ حضر دار الندوة يوم الهجرة حين اجتمعوا ليتآمروا على النبي صلى الله عليه
وسلم وصحبه ، حضر يومها في صورة شيخ نجدي .
ـ حضر يوم بدر في صورة رجل من كنانة لتأمن قريش على النساء والذرية
والأموال ، وظل معهم ـ في هيئة هذا الرجل الكناني ـ حتى بدأ القتال ، أي
ثلث شهر أو يزيد . ( راجع كتب السيرة ، وأهل التأويل عند قوله تعالى ، وإن
الشياطين ليوحون إلى أوليائهم )
ـ حضر يوم أحد ، وهو الذي نادى بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قتل .
وهو الذي نادى عليهم أن يرجعوا . فتقاتلوا فيما بينهم .
ـ ويأتي الصلاة يتفلت على عباد الله .
ـ وهو قرين لكل إنسان لا يأمر بخير .
قال تعالى ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ) ، وكثيرون قد غفلوا عنه .
وهذا من مكره .
اللهم إني أعوذ بك من الشيطان وحزبه .
آلية الشيطان في الغواية وعلاقة هذا الأمر بموضوعنا ( توصيف الساحة الفكرية
)
عقل الشيطان يحمل فكرة واحدة ، وآلية واحدة ، وهدف واحد .
الفكرة :
يأتي الناس من قبل ما يحبون . فَعَلَ هذا مع آدام عليه السلام ( هل أدلك
على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى ) ، وفعل هذا مع قوم نوح .. صور لهم الصالحين
من قومهم . وفعل هذا عامة الناس إذ أن عامة الناس يحبون أن يكون معبودهم
بين أيديهم .. يحبون الشيء الحسي ..
الآلية في الغواية :
عند الشيطان آلية واحدة في الغواية . وهي إدعاء الشرعية . ولذا لا تجد من
يتحدث بأنه منحرف ، أو أنه لا يعبد الله . ولذا تجد كل الشرك .. شرك وسائطٍ
. بشكلٍ أو بآخر : أصنام ، ( طواطم ) ، ( بيوت ) ، ( نجوم وكواكب ) ، (
تجسد من أجل الفداء بالصلب ) ، عقول معظمة ( الإلحاد ) تعرف عن الله بلا
وسائط ( العبقرية عند العقاد تحديداً ) .
أمارة على وجود إبليس قديماً وحديثاً :
قديماً :
تشابه الكفر في بقاع الأرض مع اختلاف الزمان والمكان وعدم التقائهم أمارة
على أنه خرج من رأس واحدة لا تخضع لعامل الزمان والمكان الذي خضعت له تلك
الشعوب ، وقد دللت على أنه إبليس في مقالٍ سابق بعنوان ( قراءة في عقلية
إبليس ) و ( أثر الشيطان في تحريف الأديان ) . والتفاصيل في رأسي لمن شاء ،
وقد تناثرت في كتب المتقين والمجرمين ، فثم إجماع قد عقد على تشابه الكفر
في كل زمان ومكان ، ومن شاء فليقرأ ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام )
للدكتور جواد علي ، و ( إبليس ) لعباس العقاد ) ، والجزء الأول من مذكرة (
الله ) ـ جل جلال ربنا وتقدس ـ لعباس العقاد . والكتابات المنتشرة عن وثنية
النصرانية وتشابهها مع غيرها .
حديثاً :
بادعاء الشريعة ، أو محاولة الجميع ارتداء ثوب الشرعية . وهو محور أساسي
عند كل من يتكلم اليوم . فتجد من يريد أن يعيد قراءة ابن تيمية ، وتجد من
يريد أن يعيد قراءة السلفية من جديد ، وتجد مناقشة القضايا الإسلامية تحت
ثوب الشرعية ، فالمحاولات جادة في شرعنة ( الاختلاط ) وهو المبدأ الأول في
دستور إبليس ( ليريهما سوآتهما ). وشرعنة تنحية الشريعة ، وشرعنة الربا ،
وشرعنة سفر المرأة بدون محرم .
إننا نواجه أربعة صفوف :
ـ الشياطين .
ـ يتقدمهم الكافرون
ـ يتقدمهم المنافقون
ـ يتقدمهم الغافلون من إخواننا ( السماعون للمنافقين ) . ( وفيكم سماعون
لهم ) أي متأثرين بخطابهم .
الشياطين تُفَعِّلْ الكافرين . والكافرون يفعلون المنافقين ، والمنافقون
يؤثرون في بعض الطيبين .
أفضل طريقة للمواجهة هي الوضوح التام في العرض ، والرفق في التعامل .
والأمر بسيط . فهي قضايا محدودة يتحدثون فيها .
أعود لكتابة تفاصيل إن شاء الله .
-------------------------------
[1] انظر للكاتب ( جدال وقتال ) بالصفحة الخاصة في صيد الفوائد . وطريق
الإسلام
[2] اليهود في قول الله تعالى ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب
يؤمنون بالجبت والطاغوت .. الآيات )
[3] الفرس بثوا بعض الشبهات لليهود ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه
)
|