| 
       | 
      
  
  
	بسم الله الرحمن الرحيم 
	لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
	الحصر الوهمي 
		
		يقف على رأسك أحدهم وينادي : إحدى اثنتين إما أن تأتي معي وإما أن تعود 
		لبيتك ، وقد يكون هناك خياراً ثالثاً غير ما ذكر . بيد أنه مارس الحصر 
		الوهمي عليك .إذ قدم لك خيارين وأخفى ثالثاً وربما رابعاً وخامساً . 
		ويتقمص دور المثقف أحدهم ويستعرض أمام ناظريك ثقافته وإطلاعه وسنوات خبرته 
		، ثم يعرض قوماً لا تعرفهم وينادي فيك إنهم من المعتزلة الجدد أو 
		التنويريين ، ويأتي آخر فيقول لا بل ( سلفية إصلاحية ) .!!
		هذا حصر وهمي . فلا هم معتزلة ، ولا هم مصلحون سلفيون ، وإنما شيء آخر . 
		إنهم يمارسون الحصر الوهمي ، ليخرجوك من إطارك الفكري ( العقدي ) ، 
		وليلبسوا عليك بقصدٍ أو بدون قصد .
		والضعيف يدخل في الحصر الوهمي. والعاقل يتدبر فيما يملى عليه ، وينظر في 
		سياق الأفعال والأقوال ... يلقي نظرة على مَن يتكلم من أين جاء ؟ ، وماذا 
		يريد ؟ 
		وقومٌ يحسبون على الأذكياء ، ويحسبون على الدعاة لهذا الدين ، قد دخلوا ( 
		الحصر الوهمي ) ، وغرقوا فيه . 
		فقط ألفت النظر لقضية الحصر الوهمي الذي يمارس علينا ، والذي غرق فيه بعضنا 
		وهم لا يشعرون ، وحتى يتضح المقال أضرب مثالاً . والمثال مقصود لذاته . 
		إحدى المسلمات العقلية أن الواقع يتبع المفاهيم .. أو يتشكل تبعاً لما في 
		الرؤوس من مفاهيم وأفكار ، وتغيير المفاهيم والأفكار ( المعتقدات ) يكفي 
		لتغيير الواقع . 
		يعرف هذا ويتكلم به عدد من العلوم ، فعلم النفس ( وفصيله البرمجة العصبية 
		اللغوية ) يبين أن ( سلوك ) الإنسان عبارة عن إدراك ، فتصور ، فأحاسيس ، 
		فعمل بالجوارح ، وأهل العقيدة يقولون قول القلب ، وعمل القلب ، وعمل 
		الجوارح . والتاريخ يحدثنا عن أن حركات التغيير كلها بدأت ببث مفاهيم صحيحة 
		في صدور الناس ، وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكل الأنبياء 
		والصالحين ـ والمجددين ، بل والمتمردين على مجتمعاتهم من الكافرين شاهد على 
		ذلك .
		يبدأ حراك فكري يليه تغيير واقعي يتناسب مع المنتصر في الساحة الفكرية . 
		فالواقع يشكله المنتصر فكرياً . أو الصراع الفكري يسبق الحراك العملي . 
		هذه مسلمة عقلية . لا يماري فيها عاقل. ومع ذلك نجد نفراً من أصحاب العقول 
		ـ زعموا ـ والوجاهة بين الناس لا ينفكون من الحديث عن تغير الزمان وضرورة 
		مسايرته .. أو مطاوعته . يجعلون هذه قاعدة يقفون عليها ، ثم ينادون ( وهم 
		مختلفون في صراحة العبارة وقوة الصوت ) بتاريخية النص ، أو تاريخية التجربة 
		الإسلامية . 
		هؤلاء غرقوا في الحصر الوهمي . أحيطت عقولهم بسورٍ عالٍ ليس له باب ، فضاق 
		أفق المحصور ، وظن المحصور أن الدنيا كلها ما يرى . 
		ثم تحمر عينيه ، ويشتد صوته ، وود أن لو حملك على مذهبه حملاً . 
		والخلل عنده . هو في ركاب غيره . وإن المفاهيم إن وجدت رجالاً يحملونها 
		تحولت لواقع يتحرك بين الناس .
		ومن صور الحصر الوهمي حديثهم عن أن الأدب للأدب والصحافة للصحافة ، والفن 
		للفن ، وهذا كله حصار ، سياج يضرب على العقول ، فكلها وسائل ،وأبداً لم تكن 
		غايات . وسائل لتفعيل القضايا أو تمريرها . 
 
		أبو جلال / 
		محمد بن جلال القصاص 
		السبت 
		29/05/2010
		16/06/1431