|
حين نجهل حقيقة الشيء نختلف حوله ، فمنا مريد ، ومنا رافض ومنا من لا يهتم ، أما
حين يتضح الشيء على حقيقته فلا مجال للاختلاف .
أليس كذلك ؟
لا . ليس كذلك !!
اسمع ! يقول الله تعالى " .... وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ
أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ..." [
البقرة : 213 ]
هاتان جملتان الأولى خبرية " وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ
مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ " والثانية تعليلية " بَغْياً
بَيْنَهُمْ " . فكأنه سأل سائل أو تعجب متعجب : كيف يختلفون وقد جاءهم العلم ؟!
. فجاءت الآية الثانية تبين السبب الحقيقي للاختلاف ، وهو البغي والظلم ..
الإحن التي في الصدور لا الجهل الذي في العقول .
وحين نختلف على حكم معين في قضية ذات أثر واقعي ، كالحكم على من لم يحكم بما
أنزل الله وبالتالي موالاته ومعاداته . أو نختلف على وسيلة ما من وسائل الدعوة
إلى الله ويستمسك كل منا بما يراه صحيحا . هنا تحدث الفرقة . أليس كذلك ؟
لا . ليس كذلك ؟
اسمع ! يقول الله تعالى " وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ [ آل عمران : 105 ]
الطبيعي أننا نختلف ثم نتفرق لا أننا نتفرق ثم نختلف ، هذا ما يقوله العقل ،
ولكن في الآية الكريمة قدم التفرق على الاختلاف ، ولعلَّ السر في ذلك هو
التنبيه على النية مبيتة للفرقة أساسا وأن الاختلاف ما هو إلا مسوغ لذلك .
نعم ليس الجهل وحده هو السبب الرئيس ، وليست الفرقة نتيجة الاختلافات ... هذه
هي الحقيقة .
وانسحب من هذه الضوضاء الموجودة في عالم اليوم ، واجلس وحيدا في هدأة الليل
واستعرض هذه المسميات (إخوان ) ( جهاد ) ( جماعة إسلامية ) ( سلفيون بجميع
أقسامها ) .... ( مفكرون ) ودعاة مستقلون يعملون تحت أسمائهم . لم كل هذا ؟؟
ودع هذه وادخل من باب آخر ... هو القضايا المطروحة على الساحة الفكرية
الإسلامية وكيف الخلاف ـ لا أقول الاختلاف ـ فيها . ولا أريد التمثيل . الأمر
بين . فقط أتساءل : أهو الجهل ؟ لا والله ... " تركتكم على المحجة البيضاء
ليلها كنهارها "
أهو الجُبن ؟ ربما
أهو الهوى ؟ اللهم عافيتك أرجو .