|
ـ ذهب عمرو خالد للدينمارك ، وذهب أحمد ديدات للدينمارك ، ومدَّ عمرو خالد يده
للكنيسة ومدَّ أحمد ديدات يده للكنيسة ، وأحمد ديدات من الدعاة وليس من العلماء
ـ ولا يخفضه بل يرفعه ـ وعمرو خالد من الدعاة وليس من طلبة العلم ، وعمرو خالد
نموذج جديد من الدعاة يتكاثر بشكل سرطاني على الساحة الإسلامية ، وأحمد ديدات
نموذج فريد مر بالأمة ويتكاثر على الساحة الدعوية . النموذجان ذهبا للدينمارك
وللكنيسة فكيف كان حالهما ؟
ذهب أحمد ديدات للدينمارك يقولوا لها ولمن جاورها من دول أوروبا جميعا : إن
الدين عند الله الإسلام ، آمنوا خيرا لكم ، جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من
الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ، القرآن الكريم كلام الله العلي
العظيم ، والعهد القديم والعهد الجديد ليس بتنزيل رب العالمين بل كتبته أيدُ
الآثمين .
لم تكن الدينمارك يوم ذهب إليها أحمد ديدات سبّت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أو فعلت شيئا منا فعلت بعد ؛ تحرَّكَ إليها يبلغها رسالة ربه ، ويدعوها إلى
صراط الله المستقيم . ويحار العاقل حين يفكر في أمر هذا الرجل ، كيف سمع وهو
أعجمي ، وهو بعيد في أقصى المعمورة ؟! ، وكيف أجاب ولم ينادَ عليه ؟! أي همّة
هذه التي حركته من شدّة الحر ومن بين الزنوج إلى الثلوج والعلوج ؟! ؛ هبَّ
إليهم وقد سكت الكل عنهم ، فدَيْتُهُ وهو يقظ والكل نيام ، وهو يصفعهم وغيره
يصافحهم ( حوار الأديان ) ، وهو يدعوهم إلى النجاة وغيره يُدعى إلى النار (
حوار الأديان ولست أعني عمرو خالد وحده ) . وهو ذكي فطين وغيره غبي بليد ،
فديْتُه وهو رثُّ الهيئة خفيف الملبس تعرف النعمة في وجهه وغيره تعرف النعمة في
ثوبه .فديته وقد تجمعوا عليه يدفعونه بكلتا يديهم وهو طود شامخ .
ثم دار في الدينمارك حديث بذيء عن سيد الأولين والأخيرين ، وعن الإسلام
والمسلمين ، يخدش الحياء ، ويقتل الغيور ، ولا يسكت عنه جَلِدٌ صبور ، سبّوا
واستهزؤوا ، وعاندوا واستكبروا ، وتكلم كل ذي عقل بأن المطلوب هو تأديبهم ،
وليّ ذراعهم حتى يسمع عبّاد المسيح للجواب الصحيح من أتباع الحبيب ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ، وشقَّ عمرو خالد كل هذا الإجماع وراح للدينمارك ، عصى أولي الأمر
من العلماء والعقلاء وركب رأسه وذهب إليهم . ولم يتكلم عن فساد العهد القديم
والجديد ، ولا أن النصرانية ليست بدين .ولا أن الحبيب جاء بشيرا ونذيرا
للعالمين ... لم يُرْضِ قريبا ولا بعيدا ولذا عاد حسيرا كليلا.
وسبَّت الأقباط رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتكلمت في حقه بما لا يتكلم
به أفحشُ الناس ، فبكى من سمع ومَنْ حُكي له ، وأجمع العقلاء وذوي العلم
والغيرة على تأديبهم أو البيان لهم ، وشق عمرو خالد إجماع الأمة وذهب منفردا
للأقباط رأس ماله أنه ( داعية إسلامي ) يبارك دينهم ، ويقول ( كلنا مؤمنون ) ،
( كلنا مواطنون ) نريد التعايش .جئت أبحث لكم عن أمان في هذه الأوطان .!! .
ويِّ .. ومن أخافهم يا عمرو ؟!! ، ومن تطاول عليهم يا عمرو ؟؟!! ومن بدأهم يا
عمرو ؟؟!! يا عمرو يسبون نبيك ، ونساء نبيك ، وصحابة نبيك ، ولا يريدون مسلما
في هذا الوطن .. يجاهرون بهذا ليل نهار في غرف البالتوك والفضائيات ، وقد
أسمعوا الأصم وحركوا البليد ، فأولى لك أن تنادي عليهم بالسكوت . أو أن تدعوهم
كما كان ديدات .
وهل يفعل عمرو فعل ديدات ؟؟
أين عمرو خالد من أحمد ديدات ؟!
في الكنيسة وقف أحمد ديدات داعية إلى الله ، ووقف عمرو خالد داعية للوطن .
أحمد ديدات أرّقه كفر الناس بربهم ، أرّقه ضلال الضالين وفتنة المفتونين ، فراح
يدعوا الناس إلى صراط الله المستقيم ، وعمرو خالد يخاف على الوطن ، فراح يجمع
المفترقين على حب الوطن ويذكرهم بأخوة الأوطان .
وكلنا مثل عمرو نخاف على الوطن ، ونرجو له السلامة في الدنيا والآخرة ، نخاف
عليه من عذاب الله غدا لذا ندعوه إلى الله ، ونخاف عليه من فعال السفهاء ـ أعني
النصارى ـ فهم الذين يشعلون الفتنة بين الناس ، ولذا قمنا إليهم نرد على
شبهاتهم ونبين لهم ليعودوا كما كانوا ، وتعود الأوطان إلى أمنها وسلامتها .فليس
شيء أحبَّ إلينا من السلامة في الأوطان .
أحمد ديدات صار للأمام في الطريق الصحيح ، وهو أن الحوار بين الأديان حوار دعوة
، نعرض عليهم ما عندنا ويعرضون ما عندهم ، فإما إيمان بالرحمن وإمّا إتباع
للشيطان .
وعمرو خالد صار للوراء .. يدعوا للتعايش ، وهو جاهل أو غافل أو متغافل ..
يتغافل عن أن القوم جادون في الدعوة لدينهم ، وأنهم لا يريدون مسلمين على وجه
الأرض في مصر .
وماذا جنى عمرو من زيارته ؟!
هل سكت القوم عن سفاهتهم . . تُراهم صدقوه ؟!
لا بل استغلوه .. استفادوا من زيارته في دعم حركتهم الدءوبة للقضاء على الإسلام
في أرض مصر ، فزيارة عمرو تعني بداهة أنهم على صواب ، فها هو أحد ( الدعاة ) (
المشهورين ) ( ذوي الجماهير العريضة ) يأتي إلينا يبارك فعالنا ويثني على
سلوكنا ؟ فثبت على الكفر الكافرين ، وانشغلنا نحن بالرد على عمرو ، وترقيع
الخرق الذي أوجده في جدار السفينة ، وستقف بين يدي ربك ويسألك . فأعدَّ جوابا
يا عمرو .
فِعْلُ عمرو خالد بغيضٌ ، وفعل أحد ديدات وأحمد ديدات حبيب ، ولمن يعتب علي في
التعقيب على عمرو خالد أقول : ارجع عني ، فلست ممن يقعد بطريق المصلحين وإنما
المفسدين ، ولست ممن يحمل خنجرا لإخوانه بل لأعدائه ، ورأيت عَمْراً يحول بيني
وبين المجرمين الذين سبوا الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرحت أدفعه ليخلي بيني
وبينهم . وما تتبعته من قبل ، بل ولا علم لي به إلا سماعا ، وما دافعته ، ولا
حاجة لي فيه ، وإن أكره طريقته .لا شخصة .
ومن أرّقه أن نتناول بعض بأقلامنا علانية : هوّن عليك ، فالنصيحة واجبة ،
والأخذ على يد المخالف أمر شرعي يحمد ويطلب ، ومن جاهر بفعله جاهرنا بنصحه حتى
يسمع كل من رآه وسمعه قولنا كما سمع ورأى فعله ، وعمرو أولى بقولك ، كلمه بأن
لا يتعدى على العلماء والعقلاء . وأن يستشير ذوي العلم والفقه . وإلا فليخرج
عنّا ويتكلم بغير لساننا .
ولمن يعتب علي : هلّم إلي ، وانظر ماذا يقول النصارى على نبيك ـ صلى الله عليه
وسلم ـ وأحسب أنك لن تجلس عنهم حتى ترجعهم بيدك أو بلسانك أو بقلمك .فهيا انظر
قبل أن تتكلم .
أبو جلال / محمد جلال القصاص
مساء الأربعاء 28 / 1 / 1429
8 /2 / 2008