يدعي الكذّاب اللئيم زكريا بطرس أننا نحن المسلمين لا نملك دليلا على نبوة رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سوى خاتم النبوة الذي كان في كتف النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ويفسره بأنه وحمه كانت في ظهره ثم يتساءل هل الوحمة تعني أنه نبي
؟[1]
وهو كذّاب لئيم ، فقد قامت كل الأدلة على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبي
من عند الله . فعلى حد قولهم مقايس معرفة صدق النبي في دعواه هي أن يأتي
بمعجزات ونبوءات [2].
ومعجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرة بالكاد تحصى ، ونبوءات النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ كثيرة أيضا لا تكاد تحصى . القرآن أول معجزاته ، والجمادات
نطقت بين يديه وشهدت له بالرسالة[3] ، وانشق له القمر[4] ، وعدد من المرضى برأ
بدعائه أو بلمسة يده أو بتفلة من فمه[5] ، والطعام كُثِّر ببركته عدة مرات يوم
الأحزاب ويوم تبوك ويوم عمرة القضاء [6]، والشاة العجوز التي لا تلد حلبت حين
مسّ ضرعها بيده الشريفة [7]، والماء نبع من بين أصابعه[8] والجذع حنَّ
لفراقه[9] ... وغير هذا كثير في كتب السنة الصحيحة . وأنبأ عديً بأن الله سيتم
هذا الأمر حتى يصير الراكب لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه[10] ، وأن الله
سيفتح الشام واليمن والعراق وأن نفرا من أصحابه سيخروجون إليها ويدعون
المدينة[11] ، وأنه إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده [12]، وأن عمار تقتله الفرقة
الباغية[13] ، وأن عمر وعثمان شهيدان [14]، وأن أصحابه يقتلون أمية بن خلف[15]
ونعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وهو بالحبشة ورسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ بالمدينة [16] ونعى جعفرا وزيدا وابن رواحة حين قتلوا في مؤتة (
بالأردن حاليا ) وهو بالمدينة ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان يصف المعركة [17] ،
وأخبر من أنباء الماضي .. حكى عن مريم وعن موسى وعيسى وأهل مدين والمؤتفكات
وقوم تبع وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط ، هذا وهو أمي لم يقرأ ولم
يكتب ، ولم يخرج من بين شعاب مكة . وما حكاه عنهم لا يتوافق في قليل أو كثير مع
حكايات كتب النصارى واليهود حتى يقال أنه أخذ منهم ومن شاء فليقرأ هذا وذاك .
والمقصود هنا هو بيان أن زكريا كذّاب في دعوى أننا لا نملك دليلا على نبوة
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سوى الخاتم الذي بين كتفيه[18] ـ صلى الله عليه
وسلم ـ وأردت هنا أن أشير إشارات ، والأمر ـ دلائل نبوة النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ مبسوط في مصنفات ، آخرها زمنا دلائل النبوة للشيخ الدكتور منقذ السقار ـ
حفظه الله ـ لمن شاء أن يطلع عليه .
ويبقى أن أقول شيء : أن كل المعجزات التي أتى بها المسيح ـ عليه السلام ـ ظهرت
على يد غيره من الأنبياء . إحياء الموتى وشفاء المرضى وغير ذلك ، والسؤال :
والأمر كذلك فلم يدعون أنه إله وهو فعل ما فعله غيره ؟!
-------------------------------------
[1] في الصميم الحلقة الرابعة عشر د/15
[2] سؤال جريئ الحلقة الثانية هل القرآن كلام الله ؟د /11 من أقوال رأفت
العماري وبطرس جالس يسمع ولم يعترض ،وفي الدقيقة 18 استدل على نبوة المسيح بأنه
كثر الطعام ، وهذا الأمر حدث من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدة مرات في عمرة
القضاء وفي يوم الأحزاب ويوم تبوك .
[3] البخاري ح/3579 ، ومسلم ح/4222
[4] البخاري ح/3636 ، ومسلم ح/ 5010
[5] البخاري ح /2942 ، ومسلم ح/4423
[6] البخاري ح/602،ومسلم ح/3833
[7] مسند أحمد ح / 3417
[8] البخاري ح/3579 ، ومسلم ح/4224
[9] البخاري ح / 918 ، ومسلم ح / 1407
[10] البخاري ح / 3595 ، ومسلم 1687
[11] البخاري ح/1875 ، ومسلم 2459
[12] البخاري ح/3120 ، ومسلم ح / 5196
[13] البخاري ح/447 ، ومسلم ح / 5192
[14] البخاري ح /3674 ، ومسلم 4416
[15] البخاري ح / 3950
[16] البخاري ح/ 1245 ومسلم ح / 1580
[17] البخاري /1246
[18] وفي مكان آخر يقول لا يملك المسلمون دليلا على أن رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ أوحي إليه إلا شهادة خديجة ، ومرة يقول شهادة بحيرى ، ومرة يقول
شهادة ورقة ، ومرة أخرى يقول لا يملكون دليلا إلا بعض الأمور التي يصفها
بالشعوذة ، وهذا التردد دليل على الكذب ونكران الحق . ثم على لسانه هو : بحيرى
شهد ، وورقة شهد ، وخديجة شهدت ـ إن صحت الرواية ـ والمعجزات شهدت ولا يذهب بها
وصفه لها بالشعوذة فنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان بعيدا تماما عن الشعوذة .