|
من المسلم به عند أهل السنة والجماعة
إثبات كل ما أثبته الله تعالى لنفسه ، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من
الأسماء الحسنى ، والصفات العلى من غير تحريف ولا تمثيل, ولا تكييف ولاتعطيل,
إثباتا بلا تمثيل ، وتنزيها بلا تعطيل. كما إنهم يثبتون ويؤمنون بما تضمنته
أسماء الله وصفاته من المعاني اللائقة بجلال الله وكماله فاسمه تعالى : السميع
اسم شريف يتضمن صفة شريفة وهي صفة السمع التام الكامل الذي لا يماثله سمع أحد
من مخلوقاته .
لكنهم لا يعلمون كيفية سمع الله , بل يفوضون الكيفية لله وحده ويعتقدون مثل هذا
في سائر صفاته تعالى .
فيثبتون لله صفة البصر ، ويفوضون كيفيتها لله وحده ، ويثبتون لله صفة الكلام
ويفوضون كيفيتها لله وحده ، ويثبتون لله صفة الاستواء على العرش ويفوضون
كيفيتها لله وحده وهكذا في كل ما أخبرهم الله به من الصفات .
وقولنا : أن السلف
يفوضون الكيفية لا يعني نفيهم أن يكون لصفات الله كيفيات لائقة بجلاله وعظمته
بل المراد إنهم لا يعرفون كنه تلك الكيفيات فيكلون ذلك لربهم تعالى .
وقد نقل ابن قدامة في اللمعة ص 25
قول الإمام احمد – رحمه الله – بعد سوقه لأحاديث
النزول والرؤية : " ... هذه الأحاديث : نؤمن بها ونصدق
بها لا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها ، ونعلم إن ما جاء به الرسول حق .. "
ثم علق الشيخ ابن عثيمين على كلام الإمام احمد في
شرحه " اللمعة" فقال :
" انه لا كيف ولا معنى : أي لا نكيف هذه الصفات لأن
تكييفها ممتنع لما سبق وليس مراده أن لا كيفية لصفاته ، لأن صفاته ثابتة حقاً ،
وكل شيء ثابت فلا بد له من كيفية ، لكن كيفية صفات الله غير معلومة لنا "
قلت : وقول الإمام احمد :
" ولا كيف " وقول ابن عثيمين
" لا نكيف هذه الصفات هو التفويض المحمود الذي درج عليه
السلف أي تفويض كيفيات الصفات .
وبهذا الاعتقاد الراسخ يكونون قد امتثلوا القاعدة القرآنية المستنبطة من قوله
تعالى "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " وسلموا
من تبعة الاجتهادات الخاطئة والتأويلات الباطلة التي وقع فيها أهل الأهواء من
المعطلة والمحرفة والمشبهة .
أما تفويض معاني الأسماء والصفات فهو تفويض مذموم مرذول ومفوضة
المعاني هم شر وأخبث أصحاب الأهواء , وأرباب المذاهب ، ومن نسب تفويض معاني
الصفات إلى السلف فقد كذب عليهم وافترى فرية عظيمة .
قال ابن عثيمين في شرح الواسطية 1/92 :
" وبهذا نعرف ضلال أو كذب من قالوا : إنَّ طريقة السلف
هي التفويض ، هؤلاء ضلوا إن قالوا ذلك عن جهل بطريقة السلف ، وكذبوا إن قالوا
ذلك عن عمد لأن مذهب أهل السنة هو إثبات المعنى وتفويض الكيفية وليًعلم أنَّ
القول بالتفويض كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية من شر أقوال أهل البدع والإلحاد
" .