من الصفات التي ينبغي للمسلم التحلي بها في حياته التوازن والوسطية
والاعتدال فيعيش بفكر متزن ونفس مطمئنة، ينظر للحياة المتعلقة بالدين أو
الدنيا النظرة الشرعية المطلوبة من كل مسلم .
١) والتوازن يعني : إعطاء كل شيء حقه من غير زيادة ولا نقص وهو ينبع من
معرفة الشخص لحقائق الأمور على ما هي عليه ، ومعرفة حدودها وغايتها
ومنافعها. وهو الحكمة المذكورة في قوله تعالى : { يؤتي الحكمة من يشاء ومن
يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب }.
٢) أهمية التوازن في حياة المسلم :
تظهر أهمية التوازن من كون الثبات على الصراط المستقيم
-الذي هو مطلب ينسجم مع الفطرة السليمة- لا يتحقق إلا بالتوازن . كما تظهر
أهميته من كونه مطلبا شرعيا ومبدأ تربويا يحقق السعادة قال تعالى : { لا
تغلوا في دينكم } ، وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ( هلك المتنطعون ) قالها ثلاثا. رواه مسلم.
* إن فقدان التوازن يوقف برامج ومناشط المسلم فالحماس الزائد يضعف مع الوقت
. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدين
يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا
بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) رواه البخاري.
* إن التوازن هو جزء مهم من الدعاء الذي يدعو به المسلم في كل ركعة من
صلاته: { اهدنا الصراط المستقيم }.
٣) مجالات التوازن :
* في الاعتقاد، فالمسلم بين بين الغلو والتقصير، وبين الخوف والرجاء،
والأمن والقنوط .
* في العبادات ، فالمسلم بين التشديد على نفسه وبين التساهل قال تعالى {
وكذلك جعلناكم أمة وسطا }.
* في الموازنة بين أمور الدنيا والآخرة لقوله تعالى : { فمن الناس من يقول
ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق * ومنهم من يقول ربنا آتنا
في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} .
وقال تعالى : { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا
وأحسن كما أحسن الله إليك }.
* في مجال تقويم الأشخاص . لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا
قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو
أقرب للتقوى }.
* في مجال الإنفاق والكرم . قال تعالى : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم
يقتروا وكان بين ذلك قواما}.
* في مجال الأطعمة والأشربة. قال تعالى : { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه
لا يحب المسرفين } .
وعن المقدام بن معدي كرب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (
ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن . بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا
محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الترمذي وهو صحيح .
* في مجال التوفيق بين العبادات والحياة الأسرية ، وبين العمل الرسمي
والعمل الخيري ، وبين العقل والعاطفة .