|
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم
التسليم . فلا يخفى على أحد أنه لم يكن الناس في جاهليتهم يعرفون شيئاً اسمه (
الحب في الله ) ، وكانت العلاقات التي تربط بعضهم ببعض علاقات منشؤها الأرض ،
أو النسب ، أو ما شابه ذلك، فجاء الله بنور الإسلام ، وسما بتلك العلاقات ،
فجعل علاقة الدين أرفعها وأجلها ، ورتب على هذه العلاقة الأجر والثواب ، والحب
والبغض ، فنشأ مع الإسلام مصطلح : الأخوة في الله ، والحب في الله .
فالحب في الله تعني : محبة المسلم لما فيه من خصال الخير والطاعة لله تعالى،
فليست لأجل المال، ولا النسب، ولا الوطن، ولا غير ذلك.
من فضائل الحب في الله :
1 ـ محبة الله تعالى للمتحابين فيه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم : ( أن رجلاً زار أخاً له في قربة أخرى ، فأرصد الله له على
مدرجته ملكاً ، فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخاً لي في هذه
القرية ، قال : هل لك عليه من نعمه تربها ؟ قال : لا ، غير أني أحببته في الله
عز وجل ، قال : فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) .(رواه
مسلم ، باب في فضل الحب 4/1988) وفي الحديث القدسي : ( وجبت محبتي للمتحابين فيّ
، والمتجالسين فيّ ، والمتزاورين فيّ ، والمتباذلين فيّ ).(رواه مالك في الموطأ
2/953)
2 ـ المتحابون في الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، قال صلى الله عليه
وسلم : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجلان تحابا في الله ،
اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه) .(رواه رواه البخاري برقم 660 ومسلم برقم 1031)
وقال صلى الله عليه وسلم : (إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ،
اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) . (رواه مسلم برقم 2566)
3 ـ الحب في الله من أسباب دخول الجنة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلون
الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا .... ) . ( رواه مسلم برقم 54)
صفات من تختار أخوته ومن تجتنب
لما للصاحب من تأثير على صاحبه فالواجب على المسلم أن يعتني بمن يختاره لصحبته
، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم
من يخالل) . (رواه أبوداود برقم 4833 والترمذي برقم 2378) ومن أهم الصفات التي
ينبغي اتصاف الصاحب بها :
(1) أن يكون ذا دين وتقوى ، بخلاف من ليس كذلك ، ولكل منهما علامات يعرف بها ،
فعلامة ذي التقوى : حرص على فرائض الله ، كالصلاة ونحوها ، ونظافة لسانه من
السب واللعن والغيبة وغيرها ، ونصحه لصاحبه ، ومحبته للصالحين ، وبعده عن
الرذائل والفواحش ، وإعانته على الطاعة وتثبيطه عن المعصية ، ونحو ذلك من
الصفات ، وعلامة ضده بضد ذلك ، والله الموفق .
قال صلى الله عليه وسلم : (لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي) . (رواه
أبوداود برقم 4832 والترمذي برقم 2395)
( ب ) أن يكون عاقلاً ، فلا خير في صحبة الأحمق ، لأنه قد يريد نفعك فيضرك.
( ج ) أن يكون حسن الأخلاق ، فسيء الخلق ضرره إليك واصل ، ولو لم يكن من ذلك
إلا أنه قد يعديك بسوء طباعه ، أو يؤذيك بكثرة خصامه .
( د ) أن يكون صاحب سنة ، وإياك وصاحب البدعة ، فإنه يجرك إلى بدعته ، ولا أقل
من أن يشوش فكرك ، ويؤذي خاطرك .
حقوق وآداب الأخوة :
للأخوة آداب ، القيام بها مشعر بصدق هذه المحبة في الله تعالى ، فمنها .
1 ـ السلام ، والبشاشة عند اللقاء ، قال صلى الله عليه وسلم : (لا تحقرن من
المعروف شيئاً ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) . (رواه مسلم برقم 2626)
2 ـ الهدية ، ولها أثر كبير في زيادة المحبة ، وإذهاب ما في النفوس ، قال صلى
الله عليه وسلم : (تهادوا تحابوا ) . (رواه البخاري في الأدب المفرد برقم 594)
3 ـ الدعاء له ، قال صلى الله عليه وسلم : (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر
الغيب ، إلا قال الملك : ولك بمثل) (رواه مسلم برقم 2732) ويستمر ذلك في حياته
وبعد موته .
4 ـ أخباره بهذه المحبة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أحب الرجل أخاه ،
فليخبره أنه يحبه) . (رواه أبوداود برقم 5124 والترمذي برقم 2393) فيقول له :
إني أحبك في الله ، ويرد عليه : أحبك الذي أحببتني له .
5 ـ الزيارة ، والأفضل كونها بين فترة وأخرى ، لا قليلة فتنتج الجفاء ، ولا
كثيرة فتؤدي إلى السآمة والملل قال صلى الله عليه وسلم : (زر غباً ، تزدد حبا
ً)، (صحيح الجامع برقم 3562) وقيل : زر غباً تزد حباً فمن أكثر التكرار أقصاه
الملل
6 ـ المعونة ، وقضاء الحوائج ، وأعلى مراتبها : تقديم حوائجه على حوائج النفس ،
وأوسطها القيام بحوائجه من غير طلب منه ، مع كونها غير متعارضة مع حوائج النفس
، وأقل ذلك بحوائجه بعد طلبه .
7 ـ ستر معايبه ، وحفظ سره والقيام له بحق النصيحة بأدب وستر ، والدفاع عن عرضه
، والتجاوز عن زلاته ، وحسن الخلق معه ، وغير ذلك .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم
التسليم
ومسك الختام الله أسال للجميع العلم النافع والعمل الصالح
نقل بتصرف وتعديل