|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله وكفى, وصلاةً وسلاماً على عباده اللذين اصطفى .. أمَّا بعدُ:
فإنَّ النَّصيحةَ أيها الكرام: سُنةٌ ثابتةٌ من سنن الأنبياء، وسمةٌ بارزةٌ
من سمات الحكماء، وهديةٌ راقيةٌ يتبادلها العقلاء .. فوائدها كثيرة،
ومنافعها غزيرة؛ والحاجةُ إليها جدُّ كبيرة، ولذا فقد حصرَ النبي صلى الله
عليه وسلم الدينَ كلهُ فيها فقال: "الدينُ النصيحة" .. وجاء فيها الكثيرُ
من الأحاديث الصحيحة، كقوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمنُ مِرآةُ أخيه" ..
و"لَا يُؤْمِنُ أحدُكم، حتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لِنفسِهِ" .. و"ما
استرعى اللهُ عبداً رعيةً فلم يُحِطها بنُصحِه إلا حرَّمَ اللهُ عليه
الجنَّة" ..
ولئن كانَ الجميعُ بحاجةٍ ماسِّةٍ لها، فإن القليلَ من يبذلها .. والأقلُ
من يُتقنُها .. وأقلُ القليلِ من يتقبلُها ويُحسِنُ الاستفادةَ منها ..
وبعدُ يا أحبتي .. إليكمُ هديتي
نصائحٌ جمعتها .. وبعضها ابدعتها
وبعضها عدَّلتُها ... لفكرةٍ فضلتها
وحين كثرُ جمعها .. إزدانَ لي توزيعها
فقسمتها متتبِّعاً ... كلَّ ثلاثينَ معاً
وبلغ عددُ الأقسام ... عشرٌ على التمام
فالله ربي أسأله ... بفضله أن يقبله
وأن تكونَ نافعة ... قارِئها وسامِعَه
والحمدُ والسَّلامُ ... بِدءً واختتامُ
إليكمُ هديتي (الجزءُ السادس)
151- أكثِر من: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] .. فإن أولها توحيدٌ .. وَأوسطها تسبيحٌ ..
وَآخرها استغفارٌ .. وجاء في حديثٍ صحيح: "لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسلمٌ في
شَيءٍ قطُّ إلَّا اسْتُجِيبَ له" ..
152- لتكن قوةُ مسِيرك مُتناسبةً مع حجمِ أهدافِك .. ففي طلبِ الرزقِ يقولُ
اللهُ تعالى: (فامشوا)، وفي الذهاب إلى الصلاة قال: (فاسعوا) .. وفي طلب
الجنةِ قال: (سابقوا)، وفي تحقيق التوحيدِ قال: (ففروا) ..
153- المستحيلُ: كلمةٌ لا توجدُ إلا في قاموس الضعفاء .. المستحيلُ: قناعةٌ
خاصةٌ، إذا تغيرت هذه القناعةُ تحولَ المستحيلُ إلى ممكنٍ .. والدليلُ:
أنَّ كلَّ الانجازاتِ العظيمةِ كانت في يومٍ ما أموراً مُستحيلة ..
154- استثمر كلَّ لحظةٍ من لحظات حياتك .. فالوقتُ لا يتوالدُ .. ولا
يتمددُ .. ولا يتوقفُ .. ولا يتراجعُ .. وإنما يمضي للأمام دوماً ..
وكلمَّا مضت منهُ ثانيةٌ .. فإنها لا تعودُ أبداً ثانية ..
155- التدريبُ هو أفضلُ المعلمين، والتدريبُ يعني التكرار .. تأمَّل:
لكل أمرئٍ من دهره ما تعودا .. وهذا طريقٌ للنجاح تأكدا
فكرر فِعالك بانتظامٍ فإنما .. بتكرارها تصِلُ المرادَ وتسعدا
وابن مسعود رضي الله عنه يقول: تعوَّدُوا الخيرَ .. فإنْ الخيرَ عادةٌ ..
156- (تخففوا مِنْ الذنوب فإنَّكم لنْ تلقوا اللهَ بشيءٍ أفضلَ مِنْ قِلةِ
الذنوبِ) .. عائشة رضي الله عنها ..
157- تعَّودْ على أنْ لا تتْرك مكْتبَكَ ومِساحةَ عملِكَ بدونِ ترْتِيبٍ ..
فمع أنَّها عادةٌ سهلةٌ .. لكنها تعطي انطباعاً رائعاً عنك ..
158- لا تحكم على الأشخاص بناءً على ماضِيهم، فالألماسُ كان فيما مضي فحماً
.. والفراشةُ بدايتها دودة ..
159- (عليك بالصدق حيثُ ترى أنه يضُرك، فإنهُ ينفعُك .. وتجنب الكذبَ حيثُ
ترى أنهُ ينفعُك، فإنهُ يضُرك) .. الشعبي
160- لا تستخسِر الوقتَ والجهدَ اللذان تبذلهما من أجل فهمِ الناسِ لأنَّ
ذلك سيعودُ عليك بأكبر الفائدة، ويُعفِيك من الوقوع في أخطاءٍ كثيرة ..
161- إذا طُلبَ منك إحضارَ شيءٍ من المنزل وخشيتَ أن تنساهُ فبادر بوضعه
بجوار بابِ المنزلِ من الداخل لتراهُ عند خروجك ..
162- لمَ العجلةُ في الصلاة، وكُلَّ ما تودُّ لِحاقه, أو تخشى فواتهُ ..
بيدِ منْ وقفْتَ تُصليَ لهُ .. وفي التنزيل الحكيم: {وَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 87] ..
163- تأكد أنَّ كلَّ المواهبِ والقدراتِ التي تحتاجهُا لكي تصلَ إلى حياةٍ
سعيدةٍ وناجحةٍ موجودةٌ لديك، وبالقدر الكافي .. فهيَّا قُم وانطلق ..
164- قُمْ بزيارة ملاجئ العجزةِ ودُورِ الأيتامِ ومصحَّاتِ النقاهةٍ ولو
مرةً واحدةً في السنة ..
165- اترك فضولَ النظرِ توفقُ للخشوع .. واترك فضولَ الكلامِ توفقُ للحكمة
.. واترك فضولَ الأكلِ توفقُ للصحة ..
166- كنْ مُسرِفاً في اسْتخدَامَ كلِماتِ الذَّوقِ العامِ .. (منْ فضلِك،
لو سمحت، إذا تكرمت، شكراً جزيلاً، أرجو المعذرة ... الخ) ..
167- لو أنَّ اللاعبَ حين تأتيه الكُرةُ لم يكن مُستعداً لها، فحتماً
ستفوتهُ دونَ أن يستثمرها .. وهكذا فُرصُ الحياةِ، إن لم تكن مُستعداً
لاستثمارها فستفوتك دون أن تستفيدَ منها ..
168- تغافل فتسعَةُ أعْشارِ العَافِيةِ في التَّغَافُلِ .. تغافل .. فليس
الغبيُّ بسيدٍ في قومه .. لكن سيدَ قومهِ المتغابي .. تغافَل ولا تغْفَل
وكُن عاقِلاً .. يُميزُ بين الغفلِة والتَّغافُلِ ..
169- إذا لم يكن بمقدورِك أَن تُعطيَ حياتك مزيدًا من الأَيام .. فإن
بمقدورك أن تُعطيَ أَيامَك مزيدًا من الحـياة ..
170- النفسُ أمارةٌ بالسوء .. فإن عصتْك في الطاعة .. فلا تُطعها أنتَ في
المعصية .. والنفسُ كالطفل إن تتركهُ شبَّ على .. حُبِّ الرضاعِ وإن
تفطِمهُ ينفطِم ..
171- عندما تسعى لتطوير نفسِك .. كن صبوراً ولا تستعجل النتيجةَ ..
فالتغييرُ يستغرقُ وقتاً ليس بالقليل ..
172- المرءُ يُعرفُ في الأنام بفعله ~ وخصائِصُ المرءِ الكريمِ كأصله
وإذا الصديقُ قسى عليك بجهله ~ فاصفح لأجل الودِّ ليس لأجله
في الجو مكتوبٌ على صُحفِ الهوى ~ من يعمل المعروفَ يُجزَ بمثله
173- اعتن بسمعتك جيداً .. فإنها تنوبُ عنك كثيرًا، وتعيشُ بعدك طويلاً ..
174- كن مُنصِفاً .. أحِبَّ لغيرك ما تُحبُّ لنفسك، واكره له ما تكرهه
لنفسك، وأحسِن لغيرك كما تُحبُّ أن يُحسَنَ إليك، ولا تقل لغيرك ما لا
تُحبُّ أن يُقالَ لك، ففي الحديث الصحيح: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما
يحبه لنفسه" ..
175- لعدم الانتباهِ فإننا غالباً ما نستغرقُ وقتاً أكثرَ من اللازم للقيام
ببعض المهامِ (حتى البسيطةِ منها)، والحلُ هو أن ننتبهَ للوقت ونبحثَ عن
طريقةٍ أسرعَ وأجدى ..
176- عليك ببر الوالدين، فهو من أعظم أسبابِ السعادةِ ورقةِ القلبِ ..
تأمَّل: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}
[مريم: 32] .. فالشقيُّ حقاً من حُرمَ البرِّ بوالديه ..
177- مهما كان تقييمُك لنفسك، فأنت أقوى وأكبر، ولديك ما هو أفضلُ وأكثر،
وسيضلُ بإمكانك أن تتحسَنَ وتتطور ..
178- وقتك هو أغلى ما تملِكُ، وكلما كنْتَ ماهراً في تنظيمه وإدارته،
تضاعفت إنتاجيتك ..
179- تفاءل واسكن الأمَلَ في قلبك، فالقليلَ منهُ يفعلُ الكثيرَ بإذن الله
.. في الحديث القدسي الصحيح: " أنا عندَ ظَنِّ عبدي بي، إنْ ظَنَّ بي
خَيْرًا فلَه، وإنْ ظَنَّ شَرًّا فلَه" ..
180- الفشلُ هو أكبرُ دروسِ الحياة: ولو تأمَّلتَ الألعابَ والسِّباقاتِ ..
فستجدُ أنَّ الهجماتِ الناجحةَ التي تثمرُ أهدافاً، قليلةٌ جداً، بينما
أكثرُ الهجماتِ (فاشلة) .. وهكذا في السِّباقات: فنسبةُ الفائزينَ بالمراكز
المتقدمةِ قليلون جداً مقارنةً بالبقية (الفاشلين)، فإذا أردتَ الفوزَ
والنجاح، فهذا هو قانونُ الحياة .. (واصل واستمر، وكرر المحاولة حتى تنجح)
..
عبدالله محمد الطوالة