|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله وكفى, وصلاةً وسلاماً
على عباده اللذين اصطفى .. أمَّا بعدُ:
فإنَّ النَّصيحةَ أيها الكرام: سُنةٌ ثابتةٌ من سنن الأنبياء، وسمةٌ بارزةٌ
من سمات الحكماء، وهديةٌ راقيةٌ يتبادلها العقلاء .. فوائدها كثيرة،
ومنافعها غزيرة؛ والحاجةُ إليها جدُّ كبيرة، ولذا فقد حصرَ النبي صلى الله
عليه وسلم الدينَ كلهُ فيها فقال: "الدينُ النصيحة" .. وجاء فيها الكثيرُ
من الأحاديث الصحيحة، كقوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمنُ مرآة أخيه" ..
و"لَا يُؤْمِنُ أحدُكم، حتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لِنفسِهِ" .. و"ما
استرعى اللهُ عبداً رعيةً فلم يُحِطها بنُصحِه إلا حرَّمَ اللهُ عليه
الجنَّة" ..
ولئن كانَ الجميعُ بحاجةٍ ماسِّةٍ لها، فإن القليلَ من يبذلها .. والأقلُ
من يُتقنُها .. وأقلُ القليلِ من يتقبلُها ويُحسِنُ الاستفادةَ منها ..
وبعدُ يا أحبتي .. إليكمُ هديتي
نصائحٌ جمعتها .. وبعضها ابدعتها
وبعضها عدَّلتُها ... لفكرةٍ فضلتها
وحين كثرُ جمعها .. إزدان لي توزيعها
فقسمتها متتبِّعاً ... كلَّ ثلاثينَ معاً
وبلغ عددُ الأقسام ... عشرٌ على التمام
فالله ربي أسأله ... بفضله أن يقبله
وأن تكونَ نافعة ... قارِئها وسامِعَه
والحمدُ والسَّلامُ ... بِدءً واختتامُ
إليكمُ هديتي (الجزءُ الأول)
1 - الصاحبُ ساحِب، فانتقِ الصاحبَ الصالح، أكثرَ ممَّا تنْتقِ أيَّ شيءِ
آخرَ .. فسيكونُ لهُ أكبرُ الأثرِ في تشكيلِ قراراتك، وتغييرِ قناعاتك ..
وفي الحديث الصحيح: "المرءُ على دين خليلهِ، فينظر أحدكم من يُخالِل" ..
2 - من أجمل أبياتِ المتنبي وأكثرها حِكمةً قوله: ولم أرَ في عيوب النَّاسِ
عيباً .. كعجز القادرينَ على التَّمام .. والمعنى: أنه ينبغي لك أن تكون
أفضلَ ما يمكنُك أن تكون .. وأنَّك ما لم تبذل كُلَّ ما في وسعِك فأنت
مُقصرٌ وناقِص ..
3 - ثمانون في المائة من مواقف الحياةِ وأنشطتها تتطلبُ أن نتواصلَ مع
أشخاصٍ قد لا نُطيقهم .. فأحرصْ على تحْسينِ قُدْراتكَ على الإلْقاءِ
والتَّواصلَ، منْ خلال القراءة الموجَّهةِ، والتَّدرُّبِ الذاتي الجاد,
وحضورِ الدَّوراتِ المتخصِّصة ..
4 - لولا الظلامُ لما ظهرت روعةُ القمرِ، ولولا الشدائدُ لما ظهرت معادنُ
الناس،
فإن نالك الدَّهرُ بالحادثات .. فكن رابطَ الجأشِ صعبَ الشكيمة
ولا تُهن النَّفسَ عند الخطوب .. إذا كانَ للنفس عندك قيمة
5 - النجاحُ: يتطلبُ اتقانَ مجموعةٍ من المهاراتِ الخاصة .. والمهارةُ: هي
سلوكٌ وأفعالٌ تمَ التَّدربُ عليهِا جيداً لدرجة الإتقان .. فحدِّد بدقةٍ
مهاراتِ المجالِ الذي تريدُ النجاحَ فيه، ثم تدرَّب عليها جيداً حتى تتقنها
..
6 - لا تنس أنْ التغيُّراتِ الكبيرةَ تتمُّ عادةً منْ خلالِ مجَّموعةٍ منْ
التغيُّراتِ الصغيرةِ المتراكمة .. فالتَّدرجُ سُنةُ الحياةِ .. ومن ثبتَ
نبت .. ومن استعجلَ شيئاً قبلَ أوانهِ عُوقِبَ بحرمانه ..
7 - الله .. الله .. في الحياء والعفاف .. فلحياء مريمَ عليها السلامُ
ولعفافها {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا
مَنْسِيًّا} [مريم: 23] .. فخلّدها الله في قرآنه ذِكْراً لا يُنسى ..
8 - اخترْ كلماتك قبلَ أن تنطِقَ بها .. وأعطِ نفسك وقتاً كافياً للاختيار
.. فالكلماتُ كالثِّمار تحتاجُ لوقتٍ كافٍ كي تنضجَ ..
9 - احتفظْ بحقيبةٍ مُتكاملةٍ للإسعافات الأوليةٍ في منزلك، ولا تنسَ أنْ
تصطحبَها معك أثناءَ تنقلاتِ الأسرةِ ..
10 - قدِّرْ مشاعِرَ الآخرين وتفهمْ وجهاتَ نظرِهمْ .. وعاملْ كلَّ منْ
تقابِلهُ كما يُحبُّ هو أنْ يُعامل .. وأعطهِ مِنْ نفسِك أكْثرَ ممَّا
يتوقَّعُ ..
11 - الإنسانُ محصِلةُ عاداتهِ .. فحين يتخلصُ من عاداته السلبيةِ،
ويستبدلها بعاداتٍ إيجابيةٍ يصبحُ إنساناً رائعاً .. وفي الحديث الحسن:
(إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وإِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، ومَنْ
يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ) ..
12 - عنْدما تكونُ هادئاً ومُسترخياً فكّرْ في طريقة إيجابيَّةٍ (مناسبةٍ)
تعبِّر بها عنْ غضبكَ، بدلاً منْ أنْ تتركهُ يُفسِدُ حياتكَ ..
13 - الكلمةُ أشبهُ ما تكونُ بالرصاصة .. متى خرجت فلا يمكنُ إرجاعها ..
فاحرص أن تستخدمها بعنايةٍ شديدة ..
14 - قلةُ الكلامِ تزيدك هيبةً .. واعتدالُ الطعامِ يزيدك صحةً .. وكثرةُ
الابتسامِ تزيدك جمالاً ..
15 - احرص دائماً أن تكونَ مِغْرَاساً للأمل والتفاؤلِ في نفوس كلَّ منْ
حولِك .. خصوصاً من تشعرُ بحاجته لذلك .. كالمرضى والبائسين والمحطمين ..
16 - عنْدما تسافرُ أو تخرجُ للنزهة، خُذْ معك بضعةَ أكياسٍ بلاستيكيةٍ
(للنظافة) .. حتماً ستحتاجها ..
17 - قُمْ بزيارةِ المقبرةِ منْ حينٍ لآخرَ، وتذكَّر الآخرةَ، وأدعُ
للأمواتِ .. فإنَّ ذلكَ من أقوى المواعظِ ومُرقِقاتِ القلوب ..
18 - إذا أردت أن تنجحَ في تربية أبنائك .. فامنحهم من الاهتمام والرعايةِ
ما تمنحهُ لأهم مشاريعك ..
19 - في الحديث الصحيح: "من قال: (سبحان الله وبحمده) غُرست له نخلةٌ في
الجنة"، وهذه في الزمن لا تزيدُ عن الثانيتين، وفي الحديث الصحيح أيضاً:
"من قرأ سورة الإخلاصِ عشرَ مراتٍ بنى الله له قصراً في الجنة"، وهذه في
الزمن لا تزيدُ عن الدقيقتين .. فالموفقُ هو من يستثمرُ دقائقهُ وثوانيهِ
في الذكر، والمغبونُ حقاً من فرطَ في هذا الخير العظيم .. ففي الحديث
الصحيح: أنَّ أهلَ الجنةِ لا يتحسرون على شيءٍ، كما يتحسرون على ساعةٍ لم
يذكروا اللهَ فيها ..
20 - لا تقل أصلي وفصلي أبداً .. إنما أصلُ الفتى ما قد حصل
قيمةُ الإنسانِ ما يُحسِنهُ .. أكثرَ الإنسانُ منهُ أو أقل
21 - قرِّر أنْ تستمتعَ بكل عملٍ تقومُ به ولو كانَ منْ أبسط الأعمالِ،
وتيقنْ أنْ ذلك سينعكسُ إيجابياً عليك وعلى ما تفعل ..
22 - تفشلُ فقط عندما تتوقفُ عن المحاولة .. واصل فكلُ النجاحاتِ جاءت في
المحاولة الأخيرة ..
23 - تنبه فإنَّ منْ أعظمِ حقوقِك كإنسان، حقُك أنْ تخطئَ، بل وأنْ تكررَ
الخطأَ مراراً ..
24 - (من أرادَ الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أرادَ الآخرة فعليه بالقرآن، ومن
أرادهما معاً فعليه بالقرآن) .. الإمام الشافعي
25 - أرفعُ الناسِ قدراً ~ من لا يرى قدراً لقدره ..
وأجلُّ الناسِ فضلاً ~ من لا يرى فضلاً لفضله ..
26 - اعتني جيداً بعبادتي الذكر والشكر، فعليهما مدارُ الدين كله، تأمَّل:
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة:
152] .. وفي الحديث الصحيح: (لا تدَعنَّ دبرَ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ:
اللهمَّ أعني على ذكرِك وشكرِكَ وحُسنِ عبادتِكَ) ..
27 - اخترْ مجموعةً منْ صورِ المناظرِ الخلابةِ وصور الأطفالِ والزهورِ
(التي تراها جميلة) .. ثم ضعها في ملفٍ الكترونيٍ خاصٍ لتتأمَّلها كلما
رغبت في تجديد نشاطك ..
28 - كن مُستعداً لاستثمار أيِّ وقتِ فراغٍ قد يمرُ بك، وذلك بأعداد قائمةٍ
(مكتوبة) تضعُ فيها بعضَ الأعمالِ البسيطة، التي تتطلبُ وقتاً قصيراً
وجُهداً قليلاً ..
29 - التميزُ ليس عملاً نؤديه .. بل هو منهجٌ نلتزمُ بهِ ونتعودُ عليه ..
والعملُ الجادَّ إن لم يوصِلك للقمة فسيقربُك منها كثيراً ..
30 - كلَّ ما هو دونَ اللهِ فهو (دون الله) .. فلا يستحقُ أن تخافَ منه ..
تأمَّل: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ
مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 36] ..