|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله وكفى, وصلاةً وسلاماً على عباده اللذين اصطفى .. أمَّا بعدُ:
فإنَّ النَّصيحةَ أيها الكرام: سُنةٌ ثابتةٌ من سنن الأنبياء، وسمةٌ بارزةٌ
من سمات الحكماء، وهديةٌ راقيةٌ يتبادلها العقلاء .. فوائدها كثيرة،
ومنافعها غزيرة؛ والحاجةُ إليها جدُّ كبيرة، ولذا فقد حصرَ النبي صلى الله
عليه وسلم الدينَ كلهُ فيها فقال: "الدينُ النصيحة" .. وجاء فيها الكثيرُ
من الأحاديث الصحيحة، كقوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمنُ مِرآةُ أخيه" ..
و"لَا يُؤْمِنُ أحدُكم، حتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لِنفسِهِ" .. و"ما
استرعى اللهُ عبداً رعيةً فلم يُحِطها بنُصحِه إلا حرَّمَ اللهُ عليه
الجنَّة" ..
ولئن كانَ الجميعُ بحاجةٍ ماسِّةٍ لها، فإن القليلَ من يبذلها .. والأقلُ
من يُتقنُها .. وأقلُ القليلِ من يتقبلُها ويُحسِنُ الاستفادةَ منها ..
وبعدُ يا أحبتي .. إليكمُ هديتي
نصائحٌ جمعتها .. وبعضها ابدعتها
وبعضها عدَّلتُها ... لفكرةٍ فضلتها
وحين كثرُ جمعها .. إزدانَ لي توزيعها
فقسمتها متتبِّعاً ... كلَّ ثلاثينَ معاً
وبلغ عددُ الأقسام ... عشرٌ على التمام
فالله ربي أسأله ... بفضله أن يقبله
وأن تكونَ نافعة ... قارِئها وسامِعَه
والحمدُ والسَّلامُ ... بِدءً واختتامُ
إليكمُ هديتي (الجزء الثالث)
61 - كسبُ القلوبِ مُقدَمٌ على كسب المواقفِ .. فالقلوبُ دائمةٌ، والمواقفُ
مؤقتة .. تأمَّل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ
كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:
159] ..
62 - احذرْ الكِبرَ، فالمتكبِّرُ يُصرَفُ عن العلمِ, ولا يُوفقُ لفهم
القرآنِ، تأمَّل: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 146] ..
63 - عنْدما تنهضُ للقيام بمهمَّةٍ ما .. فابذلْ قُصارى جهْدِكَ لإكمالها
على أفضل وجهٍ .. ولا تكتفي بالجيد, إذا كان الأجودُ ممكناً .. وثقْ أنكَ
أنتَ الرابحُ الأكبرُ مهما استفادَ الآخرونَ ..
64 - أيَّها التائهُ جهلاً بِالنَّسَبْ ** إنّما الناسُ لأمٍ ولأبٍّ ..
إنما الفخرُ لعقلٍ راجحٍ ** وحياءٍ وعفافٍ وأدبْ ..
65 - إذا أردت أن تقوي لُغةَ خِطابك، وأن تُحسِّنَ أسلوبَ كتابتك، فاستعن
بقاموسٍ أو مرجعٍ لغويٍ مناسبٍ، وتصيَّد الكلماتِ والعبارات (القويةِ
المعبِّرة)، وامنحها المزيدَ من اهتمامك (تعلُماً وحِفظاً واستخدماً ...
الخ) ..
66 - عن تجربة: (تعوَّد) أن تدعو من كل قلبك لمن أخطأَ عليك، وستُفاجئُ
بعدها بهدوءٍ عجيبٍ وراحةٍ نفسيةٍ مُذهلةٍ, وردةِ فعلٍ إيجابية .. تأمَّل:
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:
174] ..
67 - تعلَّم كيفَ تعبِّرُ عمَّا تشعرُ به بكلِّ وضوحٍ .. فحتى لوْ رأى
النَّاسُ الجرحَ الـذي برأسِـك .. فإنهم حتماً لنْ يشعُـروا بحجم الألـمِ
الـذي تُعانـيه ..
68 - (إذا سمعتَ منْ أخيكَ المسلمِ كلِمةً "تكرهُها" .. فلا تحملها على
شيءٍ منْ الشرِّ ما وجدتَ لها محمَلاً من الخير) .. عمر بن عبدالعزيز
69 - إذا كانَ رضا النَّاسِ غايةٌ لا تُدركُ .. فإنْ رضا اللهِ غايةٌ لا
تُترك .. فاترك ما لا يُدرك .. وأدرك ما لا يُترك ..
70 - عنْدما تترُكُ سيَّارتِك ولو للحظةٍ، فلا تنسَ أن تأخُذَ مفتاحها معك
.. فالسَّلامةُ لا يعدِلها شيء ..
71 - مع كلِّ شخصٍ تُقابلهُ، هناك فُرصةٌ سانحةٌ أنْ تتعلَّمَ منهُ شيئاً
جديداً، شرطَ أن تكونَ واعياً ومُنتبهاً لذلك ..
72 - أعلنْ الحرْبَ على الكسل والتَّسْويفِ والتَّأجيل .. وحفِّز نفسك
باستمرار، وكن جاداً ومُثابراً قدرَ ما تستطيع .. فلا شيءَ سيتحركُ ما لم
تتحرك ..
73 - لا بأسَ أن تُصدقَ بالحظِّ، لكن صدِق أكثر, أنك كُلما اجتهدتَ في عملك
أكثر، نِلت من الحظِّ حظاً أكبر ..
74 - عاند الدنيا العنيدةَ وابتسم .. إنّ بعدَ الليل ِفجرٌ قد أطل ..
لا تقل حظّي رديءٌ إنما .. قل قدَّر الله وما شاءَ فعل ..
75 - {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}
[الفرقان: 32].. فمن أرادَ الثباتَ فعليه بصحبة القرآنِ ..
76 - كُن على يقينٍ .. أنَّ ما كانَ لك سيأتيكَ رغمَ ضعفِك .. وما ليسَ لك
فلن يأتيك مهما كانت قوتك ..
77 - لا تثق في أحدٍ ثِقةً عمياء .. فربما أثبت لك, أنك فعلاً أعمى .. ومن
أقوال الفاروقِ الجميلة: "لستُ بالخبِّ ولا الخبُّ يخدعني" ..
78 - إن أردتَ أن تعرفَ منزلتك عند اللهِ تعالى، فانظر إلى منزلة الصلاةِ
عندك، وإن أردتَ أن تعرفَ حجمَ عقلِك الحقيقي، فانظر إلي قيمة الشيءِ الذي
يُضايقك ..
79 - متـى أحسنـتَ تقسيـمَ وقتـك، وتنظيمَ مهامِّك: كان يومُكَ كصندوقٍ
رُتبَ جيداً فاتسعَ لأشياءَ كثيرةً ..
80 - أما آنَ عمَّا أنتَ فيهِ متابُ .. وهل لكَ من بعد الذَّهابِ إيابُ
إذا لم يكن للهِ فِعلُك خالِصاً .. فكلُّ بناءٍ قد بنيْتَ خرابُ
81 - إنَّ الخسارةَ كل الخسَارةِ أن يَهبَك اللهُ عقلاً سليمًا، وجسمًا
صحيحًا، ومواهبَ مُتعددة, ويمدُّ في عمرك سنوات، ثم يضيعُ أكثرَ ذلك في
تافهِ الاهتمامات .. تأمّل: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي
خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1-3] ..
82 - أنِّي رأيتُ وفي الأيام تجربةٌ ~ للصبر عاقبةٌ محمودةُ الأثرِ ..
وقلَّ منْ جدَّ في أمرٍ يطالبهُ ~ واستصحبَ الصبرَ إلا فازَ بالظفر
83 - عندَ الصُّعودِ للطابق الثالثِ فما دونَه, حاول أن تستخدمَ سُلَّمَ
الدَّرجِ بدلاً منْ المِصعدِ .. فهيَ رياضةٌ نافعة ..
84- من المفيد جداً أن تتدرَّبْ على طريقة إجراءِ التنفسِ الصناعيِّ،
وطريقةِ التَّعامُلِ معَ الاختناقِ المفاجِئِ وبلعَ اللسانِ، فإنْ لمْ يكنْ
فعلى الأقل شاهِدْ فِلْماً عن ذلك ..
85 - إنْ عجزتَ عنْ نُصرةِ المظلومِ، فلا تقفْ معَ الظالمِ .. وإنْ أسكتكَ
الخوفُ، فلا يُنطِقُكَ الطمعُ .. وإنْ فاتكَ الحقُ، فلا تتبعِ الباطلَ ..
86 - تنبه: فمالم تُخطِّط جيداً لاستهداف الأشياءِ الرائعةِ مُسبقاً،
فسيفوتُك الكثيرُ منها .. وما لم تكن تعرفُ وِجهتَك، فكُل الاتجاهات
بالنسبة لك سواسية ..
87 - قاعدة: منْ أحبَّ شيئاً أكثرَ مِنْ ذكرهِ .. وفي محكم التنزيل:
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة:
152]، قال الإمام ابن القيم: "نصِيبُك مِنْ محبَّةِ اللهِ على قدْرِ
ذِكْرِك لهُ" ..
88 - تنبَّه: فقدرةُ الانسانِ على التَّحسُّن والتَّطورِ، أكبرُ بكثيرٍ مما
يظنُّ ويتصور .. وسيظلُ بإذن الله قادرٌ على مواصلة التطور، طالما استمرَ
في العمل على ذلك ..
89 - خطِّط لنجاحِك جيداً: فإنَّ من يفشلُ في التَّخطِيط .. كأنما خطَّطَ
للفشل ..
90- لا تُهمِل مُنكراً أبداً .. أنكرهُ بما تستطيعُ .. ولو بالدُّعاء
وتعابيرِ الوجهِ ..
عبدالله محمد الطوالة