|
أعلنت بعض وسائل الإعلام عن عزم ايران ارسال سفينتي مساعدات إلى غزة , بهدف كسر
الحصار المفروض عليها من قبل اسرائيل - كما تقول الحكومة الايرانية - و أحب أن
أقول بهذه المناسبة : لا مرحباً بك يا ايران في غزة , و لا مرحباً بسفنك!
قد يغضب هذا الكلام بعض بسطاء الإسلاميين , و قد يشتبه بعضهم بأن كاتب هذه
السطور أحد الليبراليين الصهيوسعوديين , الذين دأبوا على محاولة تشويه القضية
الفلسطينية , بوصفها بأنها قضية ايرانية , و أن كل ما يقوم به الفلسطينيين من
مقاومة أو مناهضة للإحتلال , أو عدم استسلام تام غير مشروط لإسرائيل , بل و عدم
رضا و ابتهاج بممارساتها الهمجية بحقهم , إنما ذلك كله خدمة للمشروع الايراني!
و الحقيقة أنه و بقدر علمنا بأن أصحاب هذه النظرية , إنما ينطلقون فيها من رؤية
صهيوأمريكية , هدفها تشويه صورة المقاومة و الجهاد الفلسطيني " الجميلة" بربطها
بالمشروع الايراني " البالغ القبح " , و ذلك خدمة للمشروع الإسرائيلي , فإننا
نعلم أيضاً أن كل ما تقوم به ايران من تمثيليات الدعم للقضية الفلسطينية , و
أفلام العداء ( المدبلجة ) لإسرائيل , إنما ذلك متاجرة رخيصة بالقضية
الفلسطينية , و محاولة مفضوحة للإقتيات عليها , بهدف تحسين الصورة "القبيحة"
لمشروعها التوسعي الشعوبي الدموي في المنطقة .
و لعل شعور ايران بتنامي الدور التركي - الذي من شأنه سحب البساط من تحت
أقدامها الملوثة بدماء أكثر من مليون من أهل السنة العراقيين, و كذلك
الفلسطينيين اللاجئين في العراق – هو ما دفعها إلى اتخاذ هذه الخطوة .
إن خطوة ارسال السفينتين الايرانية من شأنها إلحاق الضرر بالقضية الفلسطينية ,
بل إنها و بلا شك ستصب و بقوة في صالح الطرف الاسرائيلي , ذلك أن هذه المزايدة
الايرانية ستعطي انطباعاً لدى الرأي العالمي بصحة تصريحات اسرائيل - و كذلك بعض
الليبراليين "الصهيوعرب"- , الزاعمة بأن حماس إنما تدافع عن المشروع الايراني
في غزة , مما يعطي شرعية أكبر لما تقوم به اسرائيل من حصار و غيره , و لذلك فإن
هذه السفن هي في الحقيقة أشبه ما تكون بسفن كسر الحصار عن اسرائيل نفسها , و
التي وجدت نفسها محاصرة بانتقادات جميع دول العالم , بما فيها بعض حلفاءها
الكبار , , و لذلك فليس من المستغرب أن تبتهج اسرائيل بهذه الخطوة , و أن
تستغلها كما ينبغي .
ليت أن الأخوة في حماس يدركون فداحة الخطأ الاستراتيجي الكامن في السماح لايران
بالإقتراب من القضية الفلسطينية , و ليتهم يعلمون أن الكاسب الوحيد من ذلك إنما
هو ايران فقط , بينما لن يجنوا هم من ذلك سوى تصريحات فارغة من أحمدي نجاد , و
تشويه لقضيتهم العادلة لدى أحرار العالم , الذين يعرفون حقيقة ايران التوسعية.
قد يكون من حق أي حركة مقاومة البحث عن التحالفات , و محاولة اللعب على
التوازنات الإقليمية و الدولية , إلا ان الحال مع ايران مختلف تماماً , فإيران
لا يمكن أن تفيد القضية الفلسطينية بشئ , بل على العكس , و يدرك هذا كل من
استعرض تاريخ ايران مع جيرانها العرب و مع القضية الفلسطينية تحديداً , منذ
بداية الثورة الخمينية و إلى الآن .
يا أهلنا في غزة , اعلموا أن الايرانيين لا يريدون من ارسال هذه السفن وجه الله
, وو الله إنهم لا يريدون مساعدتكم , بل ما يريدونه بالدرجة الأولى هو الدعاية
لمشروعهم التوسعي الشعوبي الدموي.
أيها المجاهدون في غزة , قولوا للإيرانيين شكراً لا نحتاج إلى مساعدتكم , و
اعلموا أنكم بذلك إنما تحمون مشروعكم الجهادي الإسلامي , و لا تغرنكم دعايات
بعض بسطاء الإسلاميين , الذين جنوا على الأمة بتضليلهم وتقصيرهم في فهم حقيقة
نوايا ايران - بخلاف بعض القوميين و للأسف – بل أنهم لا يرون فيها عدواً ,
بالرغم من احتلالها – بالتعاون مع امريكا- لشعب مسلم , و تنكيلها به امام سمع
العالم و بصره! , و ما ذاك إلا لأنها أعمت أبصارهم بتقيتها السياسية الكبرى (
حزب الله).
يا أهل فلسطين : لئن قصّر اخوانكم العرب في نصرتكم , و لئن تعاون بعضهم و تآمر
مع عدوكم و شارك في حصاركم , فلقد أبدلكم الله بحليف خير من ايران الشعوبية
التوسعية الدموية , و لعل ذلك بسبب صبركم و ثباتكم , فلا تسمحوا لها بأكل
"كعكة" جهادكم و ثمرة مقاومتكم , و قولوا لها, إن كانت جادة في نصرة قضيتنا
الفلسطينية , أن تبتعد , فإن الخير في بُعدها , و إن الشر كل الشر في قربها .
كما أتمنى من جميع الناشطين و الأحرار الراغبين في المشاركة في كسر حصار غزة ,
ألا يشاركوا في هذه السفن الايرانية , و أخص بالذكر الإسلاميين منهم , لسهولة
انخداع البعض منهم بشعارات ايران و دعاياتها المضللة , و لأنهم أكثر من تحرص
ايران على كسبهم .
فيا من تسعون إلى كسر الحصار عن غزة , لا تساهموا في كسر الحصار عن اسرائيل!