|
|
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ
تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا
وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ
اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا
* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
أمـا بعـد :.
فإن مِنْ النِّعم التي وُضِعت في غير موضعها ، واستعملت في غير ما وُجدت لـه :
الهاتف ؛ فهو سلاح ذو حدّين .
فكم له من ضحية ، وكم مِن مآسي كان أولُها عَبَث بهذا الجهاز ، والنتيجة العار
والفضيحة .
فَبَلِيّةُ الشباب التدخين ، وبلية الفتيات الهاتف ، ويجمع بينهما : أن كلاهما
أولُه دلع وآخره ولع
وهكذا يَرضى الشيطان من بني آدم أن يضعوا أول خطوة على طريق المعصية ، ليُوقعهم
فيما هو أكبر ، وقد حذّر الحقُّ تبارك وتعالى من اتِّباع خطوات الشيطان فقال :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ
وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ) [النور:21].
أما لماذا ؟
فاستمعي الجواب من العزيز الوهاب : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)
[البقرة:168].
وإن كثيراً من الناس اتّخذوا عدوهم صديقاً ، فَعَصَوا الرحمن ، وأطاعوا الشيطان
واتّبعوا خُطُواته .
وقد قال الحق سبحانه : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ
عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)
[فاطر:6] .
إن كثيراً من الشباب الذين يُحاولون إيقاع الساذجات من الفتيات في شباكهم عبـر
خدعة الحب أو وعود الزواج أو الأحلام الوردية ، يستدرجونهن مِن خلال تلك
الوسائل وينصبون لهن شِباك الهاتف وتسجيل الصوت وأحيانا الاحتفاظ بالصور ، فإذا
حَصَلَ على مُراده ، وأخذ من الفتاة أعزّ ما تملك ، ما يلبث أن يُكشّر عن ناب
المكر والخديعة ، ويبحث عن ساذجة أخرى ، وهكذا ، وقد تبكي دماً أو تعضّ على
يديها ندمـاً ، ولكن بعد فوات الأوان .
أما الشاب فيقول بلسان حاله ومقاله : لو لم يبق في الدنيا سوى تلك المُغفّلة ما
تزوّجتها ! وهو الذي كان يضعُ لها الشمسَ في يد ، والقمرَ في الأخرى !
هل تُصدّق الفتاة أن ذلك الشاب المعاكس فعلاً يُريد الزواج بها ؟
أو أنه لا يستطيع أن ينساها ؟ ولا يستطيع أن يعيش بدونها ! وكأنها الماء أو
الهواء !
وهو الذي يتهددها ويتوعّدها إن لم تخرج معه ، هذا حبٌّ بِلَوي الذراع !
إن المسلمة يجب أن تبتعد عن مواطن الريبة ، وأن تجعل بينها وبين الريبة
والفاحشة خندقاً بحيث لا يطمع فيها طامع ، ولا يلتفت إليها كلّ ساقط وضائع .
لا أن تجعل بينها وبين الفاحشة شعرة ما تلبث أن تنقطع ، ويكون ذلّ المعصية وعار
الجريمة يُطاردها طوال حياتها ، وربما بعد مماتها إن لم تندم وتتُب .
ولذا كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق : لا تدخلن امرأة مسلمة الحمام إلا من
سقم ، وعلموا نساءكم سورة النور . رواه عبد الرزاق .
وذلك لما اشتملت عليه من الآداب التي يجب أن تُراعيها المرأة ، وأن تبتعد عن
مواطن الشُّبُهات.
وأن تبتعد عن كلّ ما يُثير الغرائز ، فإن أعداء الإسلام ما يَودُّون لها خيـر ،
ويُريدونها أن تكون لقمة سائغة ، وفريسة سهلة المّنال ، فهم يُتاجرون بالغرائز
، ويتفنّنون في عرض الصور والأفكار التي هي سبيل وطريق للفاحشة .
وإن الفتاة متى ما درات حول الحمى وقعت فيه ، كما أخبر بذلك من لا ينطق عن
الهوى ، أما من ابتعدت عن الشبهات وعما تشابه عليها فقد استبرأتْ لدينها
وعِرضها ، بمعنى أنها طَلَبَتْ البراءة لدينها وعِرضهــا ، فتبقى بريئـة الدين
، نقيّة العِـرض ، طاهـرة الأردان .
أما مَنْ عَبَثَتْ فإنها حامتْ حول الحِمى ، فهي توشك أن تقع فيه ، فتُدنِّس
دينها وعرضها ، وتبقى ملوّثة السُّمعة ، قلقة النفس ، مضطرة .
وهذا بالإضافة إلى أن نتيجته عار في الدنيا ، فإن مآله ومردَّه في الآخرة عذابٌ
أليم وخزيٌ عظيم ، إن لم يُتَبَ منه .
أُخيّتي :
قبل أن ترفعي سماعة الهاتف تذكّري ماذا يُراد بك ؟
وقبل أن تخضعي بالقول تذكّري أن الله مُطّلع عليك فلا تجعليه أهون الناظرين
إليك .
إن استتـرت عن أبيكِ وأخيك ، فتذكّري مَنْ لا تخفى عليه خافية ، وقد قال سبحانه
وتعالى في شأن المنافقين : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ
مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) [النساء:108].
وقد ورد الوعيد الشديد في ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : لأعلمن أقواما من
أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها الله عز وجل
هباء منثورا » قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلِّهم لنا أن لا نكون منهم
ونحن لا نعلم . قال : « أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما
تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها » رواه ابن ماجه ، وهو
حديث صحيح .
إذا خلوتَ بريبــة في ظلمةٍ **** والنفسُ داعيةٌ إلى الطُّغيانِ
فاستحيي من نظر الإله وقل لها : *** إن الذي خَلَقَ الظلام يراني
وقد قيل : ربَّ كلمةٍ قالت لصاحبها دعني .
كم هي المآسي نتيجة كلمة واحدة ، كانت البداية والانطلاق في مغامرات نفق مظلم
يُرى أولُه ولا يُعلم على ماذا ينطوي .
إن الشاب الذي يتّصل بالفتاة ويطلب منها مُحادثته مُدّعياً براءته ، وأنه لا
يُريد سوى التحدّث والدردشة – كما يُقال – ثم يُظهر لها إعجابه بها ، ويُثني
عليها ، فتغتـرّ بذلك وهي كما قيل :
خدعوهـا بقولهم حسناءُ *** والغواني يغرّهـن الثنـاء
وتنساق الضعفية ، كما تُساق الشاة إلى مكان الذّبح ، وهي لا تشعر .
فتُصبح كما قيل :
وليس يَزجُرُكم ما توعظون بـه والبَهْمُ يزجُرُها الراعي فتنـزجرُ
أصبحتم جُزُراً للموتِ يقبضكم كما البهائم في الدنيا لها جَــزَرُ
إن كثيراً من شباب المعاكسات يقولون : إن مَنْ انساقت وراء كلمة مِنِّي ربما
تنساق وراء كلمة أخرى مِنْ شخص آخـر .
ويقولون : إن كانت كلّمتني وطاوعتني لأجل مالي فسوف تجد مَن هو أكثر مالاً
مِنِّي .
وإن كانت كلّمتني لجمالي فسوف تجد مَن هو أجمل مِنِّي .
وأن كانت كلّمتني وهي لا تعرفني فما الذي يمنعها أن تُكلّم غيري ؟
وقائل ذلك مُحقٌّ في ذلك ، فإن مَنْ خانتْ أهلها ، وحادَثَتْ شخصاً لا تعرفه ،
فعهودها مستحيلة ، فما الذي يضمن له ألا تخونه .
فهو ينظر بعين عقله وهي تنظر بعين عاطفتها التي عليها غشاوة .
واللّومُ يقعُ عليها هي ، ولذا فهي التي تُعطيه الإشارة إلى أن يُكلّمها ، وأن
يُعاود الاتصال ، ومِن ثمّ يُسجِّل صوتها ويُهددها به إن لم تُطاوعه أن يُبلغ
أهلها ، وهذا دليل على بداية الخيانة ، فتُطاوِعَه المسكينة ، وتظنّ أنه لقاء
واحد برئ ، ولكن الأمر – كمـا قيل - : رحلة الألف ميل بدايتها خطوة واحدة .
خرجت والْتَقَتْ به في السوق أو في السيارة دقائق معدودة ، ثم عاود ( قيسٌ )
الاتصال ، وأظهر لها إعجابه بها ، وانه لم ينم تلك الليلة ، و… ، وطلب اللقاء
مرة ثانية وتحت ضغط التهديد طاوعته ، ولم يكن اللقاء في هذه المرّة دقائق فقد
يطول ، وربما التُقِطَتْ فيه الصور التذكارية والتي هي عبارة عن بداية قاصمة
الظهر ، ثم تُصبح تلك الصور والأشرطة التي سُجِّلتْ بصوتها وسائل تهديد وضغطٍ
حتى تقع في الفخّ ، ويأخذ منها أعزّ ما تملك ، فأخذ منها شرفها وعفّتها ، وأعظم
من ذلك دينها .
فقد أصبحت في عِداد الزواني ، اللوتي لا ينكحهن إلا زانٍ مثلهن أو مشرك ، كمـا
قال تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً
وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)[النور:3].
فيا أُخيّــة : إحذري
إن المعاكــس ذئبٌ *** يُغري الفتاة بِحِيلَة
يقول : هيّـا تعالَيْ *** إلى الحياة الجميلة
قالت أخاف العـ *** ـار والإغراق في درب الرذيلة
والأهل والإخوان *** والجيران بل كلّ القبيلة
قال الخبيث بمكـر *** لا تقلقي يا كحيلـة
إنّا إذا ما التقينا *** أمامنا ألف حيلـة
متى يجيء خطيبٌ *** في ذي الحياة المليلة
ألا ترين فلانة *** ألا ترين الزميلـة
وإن أردتِ سبيلاً *** فالعرسُ خيرُ وسيلة
وانقادت الشاة *** للذئب على نفسٍ ذليلة
فيا لِفُحشٍ أتته *** ويا لِفِعالٍ وبيلة
حتى إذا الوغد أروى *** من الفتاة غليلَة
قال اللئيم : وداعاً *** ففي البنات بديلة
قالت : ألَمّا وقعنا *** أين الوعود الطويلة
قال الخبيث وقد كـ *** شّر عن مكرٍ وحيلة
كيف الوثوقُ بغـرٍّ *** وكيف أرضى سبيلَه
مَنْ خانت العرض يوماً *** عهودها مستحيلة
بكَتْ عذابـاً وقهراً *** على المخازي الوبيلة
عارٌ ونارٌ وخـزيٌ *** كذا حياةٌ ذليلة
مَنْ طاوع الذئبَ يوماً *** أوردَهُ الموتَ غِيلة
وقد قال بعضهم لما وقعت الفتاة ، وانتَهك عِرضَها
، قال شامتاً :
اسكتي يافتاة . أقصد يا امرأة !
فالمعاكسُ لا يَهمُّه شرفك ولا عرضك ولا سمعتك ، إنما يَهُمُّه أن يتمتّع بك ،
ثم يَرْمي بك على قارعة الطريق ، إن لم يتّخذك – أجارك الله وحماك – وسيلـةَ
تسليـة ومُتعـة لـه ولأصدقائه ، وعندها لا تستطيع الفتاة أن تتخلّص من تلك
الورطة ، ولا أن تنجو من تلك المصيبة ، فقد وقعت في الفخّ ، وارتمت في الشِّباك
، وأصبحت بغياً – أجاركن الله – بعد أن كانت في عليائها لا تُنال إلا بأغلى
المهور ، ولا ترتضي أي خطيب ، بل تَشْتَـرِط أو يُشترط لها شروطاً معيّنة .
ما الذي أنـزلها مِنْ عليائها وأبراجها إلى الحضيض الأسفلِ إلا خُطوةٌ من خطوات
الشيطان ، وعبثٌ تَعُـدُّه بعض البنات عبثاً بريئاً بزعمها :
أنتِ أعلى أنتِ أغلى أنتِ أنقى يا أُخيّـهْ
فاحذري أُخيّة :
وفكّري في عواقب الأمور قبل أن تضعي رقماً ، أو تخضعي بالقول لـوغدٍ مُتلاعبٍ
بأعراض المسلمين ، والشواهد على هذا كثيرة ، والحقائق والوقائع أشهر من أن
تُذكر ، وأكثر من أن تُحصر في عجالة .
إن العلاج الناجع ، والحل الناجح لمثل هذه القضايا ، إلا تخوض الفتاة غمارها ،
ولا تقـترب حولها ، ولا تُفكّر بذلك مجرّد تفكير ، ولتعلم أنها اليوم تملك
أمرها ، وتحفظ شرفها ، وتحمي عرضها ، بامتناعها عن سماع كلمة واحدة ، وإغلاق
سماعة الهاتف في وجه كل عابث ومُتلاعِب ، وألا تجعل للشيطان عليها سبيلاً ، فلا
تجعل الهاتف في غُرفتها فهي بذلك تقطع سُبُلَ الشر ، وتغلق طُرُقَ الغواية ،
وتدفع الريبة عن نفسها .
ووالله إن الشاب إذا واجهته الفتاة بصرامة فأغلقت في وجهه السماعة ، وإن عاود
الاتصال أسمعته ما لا يُرضيه ، والله إنه لا يجرؤ على الاتصال أو العبث .
وعلى سبيل المثال : فتاة سَمِعَتْ مُتّصلاً يُحاول الخضوع لها في القول ،
فأغلقت السماعة ، ثم حاول مرة ثانية فَدَعَتْ عليه دعوةً شديدة ، فما عاود
الاتصال .
فمثل تلك الفتاة يقول عنها الشباب : لا فائدة فيها ، ما يُمكن الوصول إليها .
وأذكر لك شيئاً من وسائل المعاكسين لتكوني منها على حذر .
من وسائل المعاكسين :
الاتصال أول مرّة ثم يُبدي اعتذراً لطيفاً ، يكون مثار إعجاب الفتاة .
الاتصال بدعوى أنهم اتّصلوا عليه سواء على الجوال أو النداء ( البيجر ) ثم يسأل
عن البيت أو يدّعي تقديم خدمة .
الاتصال بزعم أنه لديه مشاكل ، وأنه يحتاج من يقف بجانبه ، وإلى من يستمع منه ،
ليستدرّ عطف الفتاة ، لتشاركه في حلّ مشكلاته ، وكأنها حلاّل المشاكل .
الاتصال بزعم أنه يعرفها أو يعرف أهلها وأنه مُعجبٌ بها ، وقد يكون استقى تلك
المعلومات عن طريق أخته مثلاً ، أو عن طريق تصيّد أحد الأطفال عبر سماعة الهاتف
ليأخذ منه المعلومات الكاملة عن البيت وأهله ، وهذا من الأخطاء التي تتـرتّب
على ردّ الأطفال على الهاتف .
الاتصال والسكوت عدة مرات وتحمّل الكلمات الجارحة ، وإظهار سعة الصدر ، أو
الفرح بتلك الكلمات ولو كانت جارحة ما دامت منك !
الاتصال بدعوى أنه يبحث عن زوجة وأنه بحث وبحث ولم يجد ، فيرجو أن تُساعديه
وأنه سمِع عن حصافة عقلك ونباهتك ويُريد منك أن تخدميه .
وكل هذه محاولات لبدء الحديث واستماع الشكوى ، ومن ثم تسجيل الصوت كخطوة أولى ،
يليها ما بعدها من خطوات شيطانية آثمة .
ومهما يكن من أمر فلا تُخدعي ، وإياك أن تُستدرجي ، وحذار من الخطوة الأولى ،
فهي الزلة المُهلِكة ، وإن كنت وقعت في الخطوة الأولى ، فالرجوع أيسر من السقوط
في الهاوية ، واقطعي كل صلة ، ولا تـتـركي لـه فرصة ليُهددك بصوتك أو صورتك ،
لا تستمعي إليه ، وفي كل مـرة أغلقي السماعة ، وإن أردت الخلاص فلا تردّي على
الهاتف إلا بقدر الحاجة من غير خضوع بالقول .
وإن كان صادقاً في تهديده فإنه سيفضح نفسه ، وإن تجـرأ وفضحك بين أهلك أو عند
إخوانك بإرسال شريط بصوتك أو حتى أشرطة ، فو الله لأن يَفتضح أمر الفتاة بين
أهلها أنها اتّصلت أو كلّمت شاباً غريباً ثم يؤدِّبوها على غلطتها خير لها ألف
مرة من أن تَفتضح أنها زانية –أجارك الله -
مع العلم أن كثيراً من الشباب إنما يهددون فقط ؛ لأنهم سيُفتضح أمرهم ، وربما
تُعرف أصواتُهم فينالهم من العقاب ما ينالهم .
وإن كنت وقعت في اول حُفرة فكلّمك شاب أو كلّمتيه ، فاتركيه واهجريه فـــوراً
فلا هو مُحبّ ولا هو عاشقٌ ولهان ، ولا أدل على ذلك من أن الفتاة لو ادّعت أنها
أُصيبت بسرطان مثلاً أو فشل كلوي لقطع علاقته معها ، وفرّ منها فراره من الأسد
.
وإذا أظهر الشاب أنه ( قيس ) القرن العشرين ! وأنه يذوب وَجداً في محبوبته
فلتُجرّب الفتاة ، ولتطلب منه إثبات صدق دعواه ، بأنها مريضة وتحتاج إلى عين
–مثلاً – أو كِلية ، أو أن والدتها – مثلاً – أو والدها في المستشفى ويحتاج إلى
عين أو كِلية !
فلا شك أنه سيُثبت أنه لا هو بـ ( قيس ) ولا هي ليلى ! وفي البنات بدائل !
ولو وقعت فتاة في شباك المكالمات فأظهرتْ للشاب أن أهلها عزموا على تزويجها وإن
عليه أن يتقدّم لخطبتها ، فَسَتـرى النتيجة بعينها .
ويُصبح الأمر كما قيل :
إذا اشتبكت دموعٌ في خدود *** تبيّن مَن بكى ممن تباكى
إذاً كلّ ما تحلمين به من معاكس أو يُصوّره لك إنما هي احلام يقظة عما قليل
تستيقظين منها ، فأفيقي أُخيّة قبل أن تُفيقي على صفعة قويّة .
أفيقي من سكرة الحب الموهوم ، والزواج المزعوم ، قبل أن تندمي وحينها لا ينفع
الندم .
إن شباب المعاكسات نسخة واحدة ، يتّفقون في أنهم مخادعون ، محتالون ، وللحبِّ
يدّعون ويُظهرون ، وأنهم للزواج يسعون ويُريدون ، وهم كذّابون أفّاكون .
ويتّفقون في أنهم ينصبون شباك الوهم في طريق بنات المسلمين .
يرمون الأرقام أمام الأقدام ، وهذا دليل على الخسّة والوضاعة ، فليست هذه أفعال
الرجال ، والرجال منهم براء ، ولكنهم تعوّدوا الاصطياد في الماء العكر .
إن مَن يُريد الزواج يأتي البيوت من أبوابها ، لا أن يتسوّر بيوت المسلمين عبر
الأسلاك ، فهذه أساليب الأراذل من بني الإنسان .
فكيف ترتضي الفتاة معاكساً ساقطاً يكون زوج المستقبل ، وشريك العمر .
إن شاباً كهذا لا عهد له ولا ذمّة ، فالذي رمى لك اليوم رقماً رماه لعشرات غيرك
.
والذي اتّصل بك اليوم اتّصل بغيرك .
والذي زعم حُبّكِ زَعَمَه لسواك .
والذي وعدك بالزواج وَعَدَ به أُخريات .
فمثل هذا عهوده مستحيلة . ولا تقول الفتاة عن مَنْ يُكلّمها إنه يختلف عن
الآخرين .
يا بنت الإسـلام استمعي *** نغماً أشدوه
بإشفـــاقِ
صُـوني بحيائكِ مملكـةً *** مِنْ شَهْدِ جمـالٍ دفّــاقِ
الــدُّرَةِ أنتِ فلا تَدَعِي *** كَفّـاً تَمْسَسْكِ بـلا واقِ
كوني بالحشمة شامخــةً *** بجمالكِ فـوقَ الأعنـاقِ
كوني حـــوريّةَ جنّتِنا *** في الخُلد جِـوارِ الْخَـلاقِ
ما طاب الحُسْنُ من امرأةٍ *** تَرْمِـيهِ بوحْـل الأسـواق
بل حُسن المرأة حِشمتُها *** يَكْسُـوه جَمَـالُ الأخلاقِ
أخيراً :
إياك وصُحبة السوء ، ومَنْ تدعوكِ لخوض تجربةٍ مريرة يُسمّونها الحب !
أو من تدعوك للتعرف على صديقٍ لها أو على أخيها ، فإنما هي من أتباع الشيطان
الذي يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير .
إن بعض الفتيات تفعل هذا بزعمها أو بتلبيس الشيطان عليها لتضمن زوجـاً ، أو
لتحدد فارس احلامها ، أو لتعيش الحب .
وكل هذه أوهام وخيالات ، هي في حقيقتها سراب بِقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا
جاءه لم يجده شيئاً ، ووجد عنده الحسرة والندامة .
أخيّتي :
اتقي الله وراقبيه في السر والعلانية ، واعلمي انه سبحانه أنعـم عليك بِنعمٍ
شتّى ، فلا تعصيه بنِعمه ، ولا تُحاربيه بها ، واستعملي تلك النعم والجوارح في
شكره وفي مرضاته .
قال ربُّك ومولاك : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ
كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا) [الإسراء:36]
واعلمي أن رسولك قال صلى الله عليه وسلم : البِرّ حسن الخلق ، والإثم ما حاك في
صدرك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس . رواه مسلم .
فأنت ولا شك تخشين وتكرهين أن يطّلع عليك أحد من أهلك وأنت تتصلين اتصالا
مُريباً .