|
|
شرح أحاديث عمدة
الأحكام
الحديث الـ 116 في الإبراد بالظهر |
|
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم |
ح 116
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ
فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ . فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ .
في الحديث مسائل :
1=
الأمر هنا للاستحباب ، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان يُصلي في شدّة الحر .
وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في شدّة الحر ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكِّن جبهته من الأرض بَسَطَ ثوبه
فسجد عليه . رواه البخاري ومسلم .
وسيأتي شرحه – إن شاء الله – .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنت أصلي الظهر مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفِّي أضعها لجبهتي أسجد عليها
لِشدّة الحر . رواه أبو داود .
وعن خباب رضي الله عنه قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في
الرمضاء فلم يُشْكِنا . رواه مسلم .
2=
كيف يُجمَع بين حديث الباب وما في معناه من الإبراد بالظهر ، وبين ما تقدّم
ذِكره من أحاديث في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في شدّة الحرّ ؟
الجواب :
أن يُقال : هذه رُخصة ، والنبي صلى الله عليه وسلم أخذ بالعزيمة .
كما أنه عليه الصلاة والسلام واصل في الصيام ، ونهاهم عن الوصال .
أو أن أمره للرخصة وفِعله لبيان الجواز .
3=
فأبْرِدوا بِالصَّلاةِ :
( ال ) هنا في الصلاة هي للعهد ، وهي صلاة الظهر ، لأنها هي التي تكون في شدة
الحر .
وتقدم في رواية حديث خباب أنها في الظهر .
روى الإمام مسلم عن زهير قال : حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب قال :
أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكونا إليه حرّ الرمضاء ، فلم يُشكنا .
قال زهير : قلت لأبي إسحاق : أفي الظهر ؟ قال : نعم . قلت : أفي تعجيلها ؟ قال
: نعم .
4=
قوله : " فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " وهذا يدل على أن
أشد ما يجِد الناس من الحرارة من نَفَس جهنم
وأن النار تُسعّر في وقت الظهيرة .
أما الأول فيدلّ عليه حديث أبي هريرة ، وفيه : وذَكَرَ أن النار اشتكت إلى ربها
فإذِن لها في كل عام بنفسين: نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف .
وفي رواية : قالت النار : رب أكل بعضي بعضا ، فأذَن لي أتنفّس ، فإذِن لها
بنفسين : نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فما وجدتم من برد أو زمهرير فَمِن
نَفَس جهنم ، وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه :
ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ، ثم أقصر عن الصلاة فإن
حينئذ تُسجر جهنم ، فإذا أقبل الفيء فَصَلّ فإن الصلاة مشهودة محضورة . رواه
مسلم .
5=
جاءت الشريعة لمراعاة أحوال الناس صيفاً وشتاء .
أما صيفاً ففيه الإبراد بالظهر ، وأما شتاء ففيه الأمر بالصلاة في الرِّحال في
الليلة المطيرة .
6=
مراعاة أحوال الناس ، فلا يُقال : أبرِدوا بالظهر ، والناس قد اجتمعوا في
المسجد ، وفي ظل ومكان بارد أصلاً .
وهذا ممكن في أهل مسجد يتفق جماعته على ذلك ، أو في حق جماعة في سَفر .
ففي أبي ذر الغفاري قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأراد المؤذن
أن يؤذّن للظهر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبرِد . ثم أراد أن يؤذّن ،
فقال له : أبرِد . حتى رأينا فيء التلول ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن
شدة الحر من فيح جهنم ، فإذا اشتد الحر فأبرِدوا بالصلاة . رواه البخاري ومسلم
.
7=
في الحديث التخفيف عن هذه الأمة ، وأن الدِّين يُسْر .
والله تعالى أعلم .
|
|
|
|
|