|
ح 257 ، 258
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال : قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم وَنَحْنُ نَقُولُ : لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ . فَأَمَرَنَا رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ . فَأَمَرَهُمْ
أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ
الْحِلِّ ؟ قَالَ : الْحِلُّ كُلُّهُ .
فيهما مسائل :
1= في رواية للبخاري لِحديث جابر : قَال : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَبَّيْنَا بِالْحَجِّ ، وَقَدِمْنَا مَكَّةَ
لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ وَأَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً ، وَنَحِلَّ إِلاَّ مَنْ كَانَ
مَعَهُ هَدْيٌ .
2= فسخ الحج إنما يكون قبل التلبّس بشيء مِن أعماله ، وإن كان ذلك بعد التلبية
.
قال ابن قدامة : إدخال الحج على العمرة بعد الطواف غير جائز .
وقال : إدخال الحج على العمرة جائز بالإجماع من غير خشية الفوات ، فمع خشية
الفوات أوْلَى . قال ابن المنذر : أجمع كُلّ مَن نَحفظ عنه من أهل العلم أن لمن
أهَلّ بِعمرة أن يُدخل عليها الحج ما لم يفتتح الطواف بالبيت . اهـ .
وهذه المسألة عكس فسخ الحج إلى عمرة . إلاّ أن الشاهد من قوله هو : أن يكون
الإدخال أو الفسخ قبل الشروع في أعمال الحج أو العمرة .
3= قول ابن عباس رضي الله عنهما : " صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ " أي : صُبح اليوم
الرابع ، أو :صُبح الليلة الرابعة .
4= هل في حديث ابن عباس دليل لِمَن تمسّك بأن الإقامة ثلاثة أيام ؟
الجواب : لا
وذلك لضعف هذا الاستدلال ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَزل يقصر حتى رجع
إلى المدينة ، وما صَحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه أتمّ في سفر ، ولو كان
أتمّ بعد ثلاثة أيام أو أربعة لأمكن حَمْله عليه .
والقول بأن الأربعة أيام – أو الثلاثة – حدّ بين السفر والإقامة ، فليس معه
إلاّ مفهوم هذا الحديث ، وهو ضعيف مِن وُجوه ، سبق ذِكرها في شرح حديث ابن عمر
في " باب قصر الصلاة في السفر " .
5= سبب اختيار النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأصحابه : أنه الأفضل ، ولإبطال ما
كانت تراه الجاهلية :أن العُمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور .
ففي الصحيحين زيادة في أول الحديث : قال ابن عباس رضي الله عنهما : كَانُوا
يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ
فِي الأَرْضِ ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا ، وَيَقُولُونَ : إِذَا
بَرَا الدَّبَرْ ، وَعَفَا الأَثَرْ ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ ، حَلَّتْ
الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ .
ولذلك تساءل الصحابة رضي الله عنهم عن نوع ها الحِلّ . قال ابن عباس :
فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ
الْحِلِّ ؟ قَالَ : حِلٌّ كُلُّهُ .
وفي رواية لمسلم : قال : الْحِلّ كُلّه .
قال ابن دقيق العيد : وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى فَسْخِ
الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ . وَفِيهِ زِيَادَةٌ : أَنَّ التَّحَلُّلَ
بِالْعُمْرَةِ تَحَلُّلٌ كَامِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ مَحْظُورَاتِ
الإِحْرَامِ . اهـ .
والله أعلم .