|
قد تكون عودة للورقة والقلم .
قد تكون عودة للعبارة والهمسة .
قد تكون عودة للكلمة والمقالة .
ولكن هي عودة للورقة والقلم والعبارة والهمسة والكلمة والمقالة .
وعودة للدمعة والحزن والألم .
وعودة للإيمان الكامل والتسليم الكامل والخضوع الكامل .
عودة مع الحزن ولكنها عودة مع العودة لرب العباد .
عودة مع الفراق ولكنها عودة مع الخضوع والذل لرب العباد .
عودة مع الألم ولكنها عودة مع تصحيح الحال والإعتبار .
عودة وعودة و عودة .
وهمسة ودمعة وحرقة .
وخضوع وذل واستسلام .
هذه كلماتي وهذه عباراتي وهذه همساتي .
وتلك حال الدنيا عودة مع كدرها و أحزانها .
أكتب هذه الكلمات وأخط تلك العبارات وأهمس تلك الهمسات لسماعي بخبر وفاة إنسان
.
وكم من إنسان في حياتنا لم يحمل من هذه الكلمة سوى الكلمة وليس غير الكلمة .
كم من إنسان ظلم وطغى وتجبر .
كم من إنسان انشغل بالدنيا وزينتها وفتنتها .
ولكن الإنسان الذي أتكلم عنه .
هو غير هؤلاء ومختلف عن هؤلاء .
هوصورة الإنسان في أحلى صور الإنسانية .
هو إنسان تمسك بكتاب ربه حفظاً وتعلماً .
هو إنسان تمسك بالصحبة الصالحة .
هو إنسان كانت له صولات في الدعوة رغم صغر سنه وبداية شبابه .
كم من شاب إنغرّ بهذه الدنيا ولكن هذا الإنسان كان بفضل الله وليس غير الله ،
بعيداً عن لهو الشباب
أتكلم عن فهد .
كان اللقاء في أول سنة عينت فيها مدرساً في مدينة الرياض .
كان فهد في الصف الثاني ثانوي ، قسم العلوم الطبيعية .
في فصل 2/5 .
كان بهي الطلعة ، مبتسماً دائماً ، منشرح الصدر ، مهتم بالدعوة والخير .
كان مع نادي التوعية في المدرسة .
ومرت الأيام وانتقل للصف الثالث ، ثم انتقل من المدرسة .
ولم ينسى أبداً معلميه فقد التقيته في العام الماضي عندما حضر للسلام علينا .
وكان قد بدأ في دراسته الجامعية في هذه السنة.
وفي هذا العام كنت على موعد مع تدريس أخيه عبد العزيز ، الذي كان مثل أخيه قمة
في الخلق والأدب .
كان هذا نتاج تربية صالحة من أب صالح وأم صالحة .
وفي إحدى الليالي جاءني اتصال من أحد الأبناء .
قال : لقد مات فهد في حادث مروري أثناء عودته من الجامعة .
عندها توقفت الكلمات .
وذهبنا للعزاء وقابلنا والده فكان يعطينا وصية فهد والعبرة تسبق الكلمة .
دعونا نبحر في وصية فهد و أدعو له مع كل كلمة رحمك الله يا فهد .
....
( الوصية ) تقرأ وتعطى للشباب .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله الذي جعل الموت راحة للأبدان لينقلهم من دار الهموم و الغموم و
الأكدار الى دار الفرح والسرور والإستبشار وبعد .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فأشهد الله على أني أحبكم فيه واسأل الله أن يجمعنا بهذه المحبة تحت ظل عرشه
يوم لا ظل إلا ظله .
هاهي سنة الحياة أفراح وأحزان لقد أمضيت معكم أجمل الأوقات وأمتعها واستفدت
منكم استفادة كبرى ، أسأل الله أن تكون صحبة لنا لا علينا .
إخواني تشبثوا بالصحبة الصالحة فوَ الله إنها لنعمة كبرى و احذروا من وسواس
الشيطان في الإغراء بالتفريق بين الإخوان وبث النزاع والفرقة .
إخواني احرصوا على نشر الدعوة ولا تنتظروا تلقي الأوامر فقط , ولتكن لديكم
ذاتية ومرجعية لأعمالكم .
إخواني أوصيكم بالتمسك بكتاب الله وعدم الانقطاع عنه , بل اجعل لك وردا محدداً
وخصص له وقتاً وستجد الثمرة بإذن الله .
إخواني أطلب منكم أن تسامحوا وتعفوا وتصفحوا عن أخوكم المقصر ، فمن آذيته بكلمة
أو بلمز أو أو ديناً أو غيره , فليعفوا وليصفحوا ( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون
أن يغفر الله لكم ) ، خاصة في الدين فمن أراد حقه فليرجع للأهل ومن سامح فإن
الله لا يضيع أجر المحسنين .
كما أحذركم من الفتور و إتباع الهوى والخوض في الفتن وفي لحوم العلماء ، فان
هذه ظاهرة منتشرة بين شباب الصحوة .
وتمثلوا قوله عليه الصلاة والسلام ( قل خيراً أو اصمت ) .
إخواني ادعوا لي بالثبات عند السؤال وأكثروا من الدعاء لي ؛ فإني والله بحاجه
لدعائكم .
وأنا أخبركم أني قد عفوت عن كل من تكلم في عرضي أو أساء إلي أو استدان مني ،
طلباً في ما عند الله وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
إذا لم نلتقي في الأرض يوماً ** وفرق بيننا كأس المنون .
فموعدنا غداً بدار خلد ** بها يحي الحنين مع الحنون .
أخوكم فهد
الاثنين 14/10 /1424 هـ
--
رحمك الله يا فهد وأسكنك الفردوس الأعلى .
هــــدى :~
قال تعالى { كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون }
نور من السنــــة :~
قال صلى الله عليه وسلم : "أَكْثِرُوا مِنْ ذكر هادم اللَّذَّاتِ". رواه
الترمذي .
بقلم : عبدالله بن محمد بادابود
A.Badabood@gmail.com