|
كانوا عشرة من فتيان المشركين ..
كانوا بقرب مخيم الرسول لدى عودته من غزوة حُنيْن ، فراحوا يقلّدون الأذان
ساخرين ! ..
سمع الرسول أصواتهم ، فقال لأصحابه :
( لقد سمعتُ في هؤلاء تأذينَ إنسان ٍ حسنَ الصوت .. ائْتوني بهؤلاء الفتيان
) ..
ولما مثلوا بين يديه ، طلبَ منهم أن يؤذّنوا أمامَه ..
كان آخرَهم أبو مَحذورة ، صاحبُ الصوتِ الجميل .
فلما أذّن ، قال له الرسول : تعالَ .
فأدناه منه ..
وأجلسَه بين يديه ..
ومسحَ على ناصيته بيده ..
وباركَ عليه ثلاث مرات ..
وعلّمه كلماتِ الأذان ، وقال له :
( اذهبْ فأذّن عند البيتِ الحرام ) !.
فأسلم الفتى أبو محذورة ، وراح يؤذن في الكعبة المشرفة !
مِن فتىً مُشرك يلهو بنداء الإسلام ، إلى مؤذّن البيت الحرام ؟!
لم يحقد الرسولُ عليه ..
بل نظر إلى موهبة الجمال لديه ..
هكذا يكتشفُ الرسولُ الطاقات ، فيَهبُها انعطافاً يرفعها إلى أقصى الدرجات
، ليوظّفها في خدمة الدينوالحياة .
لم يكن أبو محذورة يدري أن صوته الجميلَ سيتجاوز الأرض ليبلغ آفاق السماء ،
بل ليبلغ أعماق قلبالرسول !
عليه الصلاة والسلام ..
وعاش أبو محذورة عمرَه المؤمنَ يؤذّن في مكة بصوته الجميل ، لتجاوبَ أذانَه
الجبال ..
ومات أبو محذورة ، رضي الله عنه ، وهو أطول الصحابة ناصية !
فقد حرّم على المقص شعراتٍ مسّتها يد الحبيب الأعظم ، صلى الله عليه وسلم
..
...
- ( روى القصة الإمام أحمد في المسند ) .