الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله 
    فهذه مسألة مهمة يكثر جداً السؤال عنها ، أحببت أن أفرد لها مقالا – على حسب 
    طلب بعض الأفاضل – لعل فيها منفعة . 
    وهذه المسألة هي " جمع النيات في العمل 
    الواحد " . 
    فأقول :
    
    1. 
    يجب أن نعلم أولا الأعمال التي هي قائمة بذاتها ، ولها فضلها ، والأخرى المطلقة 
    التي ليست كذلك .
    
    2. 
    فمثلا : صلاة الضحى وصلاة تحية المسجد : 
    إذا تمعنا في الأحاديث النبوية : نجد أن صلاة الضحى لها حكم مستقل وفضل خاص ، 
    فهي بذلك قائمة بذاتها . 
    وصلاة تحية المسجد : ليست كذلك ، فمن دخل المسجد وصلى فريضة سابقة أو سنة الفجر 
    أو صلاة الاستخارة أو وجد الجماعة قائمة فصلى معهم : فإنه أدى ما عليه ولم يقع 
    في المحذور ، وليس عليه أن " يقضي " صلاة تحية المسجد . 
    والمسألة هنا : 
    أن الشارع الحكيم نهى الداخل إلى المسجد عن الجلوس إلا بعد أن يصلي ولم يأمره 
    بصلاة معينة ! فأي صلاة أداها خرج من النهي وامتثل للأمر . 
    فمن دخل المسجد وصلى بنية تحية المسجد – وحدها – لم تجزأه عن سنة الظهر – مثلاً 
    - . 
    وإذا دخل فصلى بنية سنة الظهر : لم يقع في النهي عن الجلوس قبل الصلاة ، وليس 
    عليه قضاء تحية المسجد ! 
    وهذا بخلاف الصورة الأولى : 
    فإنه لو صلى بنية تحية المسجد ، ثم أقيمت صلاة الظهر فإن له أن يقضي صلاة السنة 
    بعد الفرض !
    
    3. 
    وإذا علم الإنسان ما يشابه " تحية المسجد " وما يشابه " صلاة الضحى " : انحلت 
    له إشكالات هذه المسألة .
    
    4. 
    ومما يشبه صلاة تحية المسجد : 
    أ. الأمر بالصلاة مع الجماعة لمن كان قد 
    صلى . 
    وفي ذلك الحديث المشهور في " السنن " 
    وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على من دخل معهم الفجر ولم يصل بحجة أنه 
    قد صلى في رحله . 
    فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصليا مع الجماعة وتكون لهما نافلة . 
    والمقصود : 
    أن هذا الداخل لو صلى مع الجماعة بأية نية أجزأته ، إذ ليس المقصود أن يصلي 
    صلاة الجماعة ، إنما المقصود أن لا يجلس في المسجد والناس يصلون . 
    وعليه : 
    فلو أدرك هذا الداخل ركعتين ثم سلم الإمام : 
    فله أن يسلم معه ! 
    ولو أدرك ركعة واحدة – في العشاء مثلا – أو ثلاث : فله أن يسلم معه – بنية صلاة 
    الوتر - . 
    ب. صيام الاثنين والخميس . 
    وذلك لأنه ليس هناك فضل خاص بصيام هذين 
    اليومين – كصيام عرفة أو عاشوراء مثلاً - ، وإنما 
    المقصود : 
    أن الأعمال ترفع إلى الله كل اثنين وخميس ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب 
    أن يرفع عمله وهو صائم ! 
    فلو كان صائماً قضاءً أو نذراً أو كفارةً أو من شوال أو من أيام البيض : فكل 
    ذلك يصدق عليه الحديث ، فرفع عمله وهو صائم ! 
    ولذلك : 
    نستحب لمن أراد أن يصوم " الست من شوال " أن يتحرى الاثنين والخميس . 
    ولا نقول هنا بجمع النية ! لأن صيام الاثنين والخميس ليسا قائمين بذاتيهما ، بل 
    المسألة أصلا لا ترد ، إذ كيف سيجمع نية مطلقة مع نية مقيدة ؟ ! 
    
    5. 
    والأصح : أنه لا يجوز للمسلم أن يجمع بين 
    عبادتين لكل واحدة منهما فضل خاص ، أو أمر مستقل خاص . 
    
    فمثلاً : 
    لا يجمع بين قضاء رمضان والنذر .
    ولا كذلك بين قضاء رمضان والست من شوال ، وذلك لأن المقصود من الحديث أن يصوم 
    الإنسان ( 36 ) يوم – أو شهراً وستة أيام – فإذا جمع بين النيتين صام شهراً 
    واحداً فقط ! 
    
    وهذا مخالف لمقصود الحديث وهو أن يصوم شهراً وستة أيام ، وقد جاء في السنة ما 
    يوضح أن هذا هو مقصود الحديث ، فقد روى ابن ماجه بسندٍ صحيح أن النبي صلى الله 
    عليه وسلم قال : من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، من جاء بالحسنة 
    فله عشر أمثالها ".
    
    
    والله أعلم