|
بسم الله الرحمن الرحيم
نهى الإسلام الحكيم عن الغش في جميع صوره ومظاهره , بل وتوعد الإسلام أهله
بالويل والخسران , قال تعالى : { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ . الّذِينَ إِذَا
اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو
وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين:1-3].
وكذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغش وتوعّد فاعله، وذلك أن النبي
صلى الله عليه وسلم مر على صُبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً.
فقال: « ما هذا يا صاحب الطعام؟ » قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: «
أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني » وفي رواية « من
غشنا فليس منا » وفي رواية « ليس منا من غشنا » [رواه مسلم].
والغش الذي حرمه الإسلام هو الذي عرفه ابن حجر الهيثمي فقال : \"الغش
المحرم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشتر فيها شيئاً لو اطلع عليه
مريد أخذها ما أخذ بذلك المقابل\".
وقال الكفوي: \"الغش سواد القلب، وعبوس الوجه، ولذا يطلق الغش على الغل
والحقد\".
وللغش مظاهر كثيرة منها :
الغش في البيع والشراء .
تطفيف الكيل والميزان .
الغش في الامتحانات .
الغش في الزواج .
الغش في النصح للناس .
الغش في الحكم والولايات .
عن معقل بن يسار المزني- رضي الله عنه- أنه قال في مرضه الذي مات فيه: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت
يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة » [رواه البخاري ومسلم
واللفظ له].
ولقد حرم الإسلام الغش لما له من مضار كثيرة منها :
1- أن الغش طريق موصل إلى النار.
2- دليل على دناءة النفس وخبثها، فلا يفعله إلا كل دنيء نفسٍ هانت عليه
فأوردها مورد الهلاك والعطب.
3- البعد عن الله وعن الناس.
4- أنه طريق لحرمان إجابة الدعاء.
5- أنه طريق لحرمان البركة في المال والعمر.
6- أنه دليل على نقص الإيمان.
7- أنه سبب في تسلط الظلمة والكفار، قال لابن حجر الهيثمي: \"ولهذه
القبائح- أي الغش- التي ارتكبها التجار والمتسببون وأرباب الحرف والبضائع
سلط الله عليهم الظلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم ، بل وسلط عليهم
الكفار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً.
وصدق من قال:
ولا ترجع الأنفس عن غيِّها *** ما لم يكن منها لها زاجر
فالمسلم إذا جعل الله رقيبا وحسيبا عليه وعلم أن هناك قصاصا
عادلا يوم القيامة فان نفسه تنزجر عن غش الناس وخداعهم .