|
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسة مميزة مع والداي
1/جلس مع والديه .. يريد أن يتقرب إلى الله بهذه الجلسة مع أقرب الناس إلى
قلبه وأحبهم إليه , كانت جلسة مختلفة عن غيرها حدث فيها نفسه كثيراً .
2/كان يتأمل فيهما في عينيهما في نطقهما في كل جزء من جسميهما , وكان يذهب
ويعود للحديث مع نفسه متأوها مجروحا حزينا .
3/يقول : لا أدري مالذي جعلتي أتأمل بتركيز في تلك التجاعيد المتراكبة على
وجنتي أمي الغالية , وأركز في صوتها المبحوح من التعب والكبر .
4/يالله .. أهذه أمي تلك التي كانت تغمرنا بحيويتها في البيت وبنشاطها
اللامحدود في الاهتمام بي وبأخوتي وأخواتي من وقت استيقاظنا حتى ننام .
5/أهذه أمي التي كن نساء القرية يمدحن فيها طيب تواصلها ومبادراتها
الاجتماعية بيننا , وكن يرجعن إليها حينما تحصل بينهم مشكلة أسرية أو
تربوية .
6/أهذه أمي التي لم تعد قادرة على مفارقة فراشها إلا للحظات تذهب فيها
لقضاء الحاجة بعد سنوات عطاءها وبذلها لزوجها ولأبنائها .
7/ويعود صاحبنا إلى التأمل في والديه يذهب به النظر مركزا على والده فيرى
تلك الشيبات التي بدأت تغطي على عارضيه ويسمع تلك الآهات المتكررة .
8/نعم آهات متكررة من صدر والدة مع كل حركة يتحرك بها يمنة أو يسرة , يجد
في والده حب البقاء جالسا في البيت متعذرا بأن راحته في بيته .
9/يعود إلى نفسه قائلاً .. يالله .. أهذا والدي الذي كان يطوف البلاد إما
تاجراً أو عابداً أو سائحاً , أهو هو ؟ صاحب الشكيمة القوية الفذة .
10/أهذا والدي الذي علمنا ويسر لنا كل عسير بعد توفيق الله تعالى , الذي
أمدنا من عطفه وحنانه وأيضا ربانا بحزمه وجديته على كل شي جميل .
11/ألم أقل لكم إنها جلسة مميزة , كل تلك المشاعر الناتجة من ذلك التأمل
خرجت في تلك الجلسة التي أرى فيها والدي وقد بلغ منهم السن مبلغة .
12/لم أشعر بتلك المشاعر من قبل , لأن جلساتي معهما كانت ضمن برنامجي
اليومي والذي لا أقدر أن أرسمه دون تسجيل زيارتي لهما فيه .
13/أصدقكم القول .. وإن كانت زيارتي لأغلى الناس متكررة ودائمة إلا أني لم
أكن أشعر بشي خلال تلك الزيارة وأيضا بعدها .
14/كانت زيارتي لهما زيارة سطحية للغاية فلا تفاعل ولا سؤال ولا مناقشة أو
حوار , كنت فقط أجلس معهما فقط .. فعلا كنت سلبياً معهما .
15/كنت أجلس معهما إما تضييعا للوقت أو مصلحة أريدها منهما أو اجلس مضطرا
بطلب منهما أو من أحدهما , والمصيبة أني أعلم حاجتهما الماسة لي .
16/يستمر صاحبنا في اعترافه ويقول : لا تتوقع مدى رغبتهما في أن يسمعا
حديثي وينصتا إليه وكأني صاحب الفضل عليهما بالجلوس معهما .
17/لا أعلم عن سر تلك الجلسة التي كشفت لي كثيراً مما يخفيه الشيطان عنّي
عن والداي , ولعلها النية الصادقة التي لم أكن استصحبها مسبقا هي السبب.
18/تلك الجلسة التي اكتشفت فيها بأني فعلاً أمارس أنواع شتى من العقوق هجر
, جفاف عاطفي , تهميش , سطحية في التعامل , .. الخ .
19/تلك الجلسة التي قررت بعدها أن أكون بارا بوالداي مطيعا لهما ليّنا سهلا
في التعامل معهما مخلصا بذلك رضى الرب سبحانه . خاصة في هذه المرحلة .
20/نعم هما في أمس الحاجة لي الآن فهما في مرحلة الكبر وحاجاتهم زادت
وشعورهم بالوحدة بدأ يقلقهما ومناداتهم لي تضاعفت عن السابق .
21// أدركت الآن قوله تعالى " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا
تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما "الآية
22/ تلك الجلسة كانت عظيمة .. ثقيلة .. رائعة .. مغيّرة .. تحركت كل
المشاعر والشجون والقرارات والخطة المستقبلية نحو أن أكون باراً بوالداي
23/اللهم اغفر لتقصيري معهما وتجاوز عن عقوقي لهما وأحسن منّي القول والعمل
لهما وارحمهما كما ربياني صغيرا .
24/ختم صاحبي قصة تلك الجلسة مع والدية بقوله أدعو جميع الأبناء والبنات أن
يعودوا باريّن بآباءهم وأمهاتهم ويكفي هجراً وعقوقا .
25/تلمسوا رضاهما , اسعوا في برهما , اجتهدوا في العمل من أجلهما , قد تأتي
لحظة يتمنى أحدنا أن يرى والديه ليبرهما فلا يجدهما .
26/قال عليه الصلاة والسلام:(رغِم أنفه،رغم أنفه،رغم أنفه،قيل من يارسول
الله؟قال:من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة).
غرد بها
حسين بن سعيد الحسنية
5/2/1434هـ