بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام
على رسوله وسلم أجمعين :
في مرات يكثر الحديث عن بعض القضايا ويطولها النقاش أكثر من غيرها ، وذات
مرة جاء الحديث عن غربة الدين فقال أحدهم لصديقه : هل من لازم الصبر ألا
تتألم قلوبنا ، ولا تثور مشاعر القلق في نفوسنا ، ولا تخرج من أفواهنا
تأسفات حول ما نراه في واقعنا ؟ فالتفت إليه صديقه وقال له : من قال لك هذا
؟ لعلك فهمت من الحديث عن الفأل والأمل في أيام الأزمات هذا اللازم !
يا صاحبي : القلوب التي لا تتوجع ، والنفوس التي لا تتألم ، والمشاعر التي
لا تقلق على واقعها قلوب تفتقد الحياة !
حكى لنا القرآن عن أعظم الرسل صلى الله عليه وسلم أنه كاد يهلك حسرة لإعراض
الناس عن الهداية في زمانه ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين)
وأعظم الأجيال التي رافقته شكت ذات مرة ( ألا تدعو لنا ، ألا تستنصر لنا )
؟
يا صاحبي :
من حقك أن تتوجّع والواجب عليك في ذات الوقت أن تلوذ بالصبر كما أمر الله
تعالى نبيك صلى الله عليه وسلم يوم تكالبت عليه الظروف وامتلأ واقعه
بالأزمات ( فاصبر إن وعد الله حق )
كان يقول له :
﴿فاصبر إن وعد الله حق)
حتى لو كانت الحقائق مرة ، والأحداث كبيرة ، والعالم كله يموج بالخراب !
﴿فاصبر إن وعد الله حق)
حتى لو رأيت أن كل شيء غير ممكن ولا سبيل إلى الإصلاح ، ولا تجدي المحاولة
.
﴿فاصبر إن وعد الله حق)
حتى لو بلغ الطوفان الأرض وتخيّل لك أن كل شيء قد انتهى .
( فاصبر )
وليس من لازم الصبر أن تقعد على عتبة بابك باكياً متأسفاً متألماً !!
واجبك أن تفرغ على قلبك وهمومك ومشاعرك من وعد الله تعالى ( إن وعد الله حق
) حتى تتيقن ذلك الوعد .
( إن وعد الله حق )
فلا يمكن أن يديل الباطل على الحق إدالة مستمرة .
( إن وعد الله حق )
في نصر دينه وحزبه وأوليائه وإن طال زمان الليل واشتد ظلامه .
( إن وعد الله حق )
في خذلان العدو ، وزهوق الباطل ، وتحقيق مراده .
ومن لازم هذا الوعد أن تقوم بدورك ، ولا تبرح ثغرك ، وتجهد وسعك في بناء
مساحة ودائرة تأثيرك .
والله يتولانا وإياك .
مشعل الفلاحي
حديث الجمعة
١٤٣٩/٧/٢٠
|