|  | 
   
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
  
	الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما 
	بعد؛
	فليس عيباً أن تكون فقيراً ..
	فإنك ما افتقرت إلا بقدر الله ، أوما قدَّر الله عليك أن تكون فقيراً ؟ أولا 
	نؤمن بأنَّ مقادير الخلائق قد فُرغ منها قبل خلق السماوات والأرض ، وخلق الخلق 
	بخمسين ألف سنة ؟ فأين العيب في ذلك ؟!
	يقول الوليد ابنُ الصحابي الجليل عبادة بن الصامت  رضي الله عنه  : 
	دخلتُ على أبي وهو مريض أتخايل فيه الموت ، فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي . 
	فقال : يا بني ، إنك لن تَطْعَمَ طعمَ الإيمان ، ولن تبلغ حقَّ حقيقةِ العلم 
	بالله تبارك وتعالى ، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره . فقال له الوليد : يا أبتاه ، 
	فكيف لي أن أعلم ما خَيْرُ القدر وشرُّه ؟ قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن 
	ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه 
	وسلم يقول :«إنَّ أولَ ما خلق الله تبارك وتعالى القلمُ ، ثم قال: اكتب ، فجرى 
	في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة» ، يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت 
	النار [1].
	ليس عيباً أن تكون فقيراً ؛ لأن الله هو الذي فاضل بين عباده في الرزق ، لحكم 
	عظيمة قد تخفى علينا .
	قال تعالى :}وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ{ [النحل 
	: 71] ، وقال: } قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ{ 
	[سبأ: 36] .
	ليس من العيب في شيء أن نكون  – أخي وأختي- من الفقراء ؛ لأن المال ليس بمعيار 
	للتفاضل عند الله تعالى .. } وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي 
	تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى{ [سبأ :37] ، وثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  
	رضي الله عنه  أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم 
	:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ 
	يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»[2].
	إنّ الناس يتفاضلون عند الله بالتقوى ، لا بحسب ، ولا بنسب ، ولا بجاه ، ولا 
	بمكانة ، ولا بمال ، ولا بولد ، ولا برئاسةٍ ، فقط : }إن أكرمك عند الله 
	أتقاكم{ [الحجرات :13]، التقوى ، ولا شيء سواها .
	أوليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ 
	الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ 
	بَعُوضَةٍ»[3]؟
	ما من عيبٍ في ذلك ؛ لأن الفقر الحقيقي هو فقر القلب ، وليس قلةَ المال ، 
	ولكننا في زمان انتكست فيه المفاهيم ، وطغت الماديات ، واستحوذت على الكثير 
	منَّا استحواذ السبع الضاري على فريسته التي لا تملك من أمرها شيئاً!
	
	أيها الأكارم :
	عند ابن حبان في صحيحه سؤالٌ طرحه نبينا صلى الله عليه وسلم على أبي ذر  
	رضي الله عنه  .. قال صلى الله عليه وسلم :« يا أبا ذر ، أترى كثرة المال 
	هو الغنى » ؟ فقال أبو ذر  رضي الله عنه  : نعم يا رسول الله  ، فجاء 
	السؤال الثاني : « فترى قلة المال هو الفقر» ؟ قال : نعم يا رسول الله . فقال 
	صلى الله عليه وسلم :« إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب » .
	الله أكبر ..
	وفي رواية الطبراني في الكبير : «الْغِنَى فِي الْقَلْبِ ، وَالْفَقْرُ فِي 
	الْقَلْبِ ، مَنْ كَانَ الْغِنَى فِي قَلْبِهِ لا يَضُرُّهُ مَا لَقِيَ مِنَ 
	الدُّنْيَا، وَمَنْ كَانَ الْفَقْرُ فِي قَلْبِهِ فَلا يُغْنِيهِ مَا أَكْثَرَ 
	لَهُ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّمَا يَضُرُّ نَفْسَهُ شُحُّها» .
	وفي الصحيحين :« «ليسَ الغِنى عن كثرةِ العَرَض [4] ، إنما الغِنى غِنى 
	النّفس».
	إن المرء لو جمع من الدنيا ما جمع قارونُ منها ، ولم يقنع بما قسم الله له فهو 
	فقير قد أتعب نفسه ، ونأى بها على موطن راحتها ، فلم يعرف الشكر لقلبه سبيلاً ؟ 
	ولا الطمأنينة لنفسه طريقاً .
	أعود بك – أيها القارئ الكريم – إلى حوار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر 
	فإنّ فيه لَبقيةً ، وباقيه كسابقه ، في الدلالة على أنه ما من عيب في أن نكون 
	من الفقراء ..
	قال أبو ذر  رضي الله عنه  : ثم سألني عن رجل من قريش ، قال :« هل 
	تعرف فلاناً» ؟ قلت : نعم يا رسول الله . قال : «فكيف تراه»؟  قلت : إذا سأل 
	أُعطي ، وإذا حضر أُدخل» - لأن له جاهاً ومالاً - قال : ثم سألني عن رجل من أهل 
	الصفة فقال :«هل تعرف فلاناً» ؟ قلت : لا والله ما أعرفه يا رسول الله . فما 
	زال يجليه وينعته حتى عرفته ، فقلت : قد عرفته يا رسول الله . قال :«فكيف تراه» 
	؟ قلت : هو رجل مسكين من أهل الصفة . فقال :«هو خير من طِلاعِ الأرض من الآخر» 
	.
	وطلاعها : ملؤها ، فلو امتلأت الأرض بمثل هذا القرشي لكان ذاك الفقير خيراً 
	منهم .
	وشبيه بهذا خبر سهل  رضي الله عنه  ، قال : مَرَّ رَجُلٌ عَلَى 
	رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا» ؟ 
	قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ ، 
	وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ . قَالَ : ثُمَّ سَكَتَ ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ 
	فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ :«مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا» ؟ قَالُوا 
	حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ ، 
	وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه 
	وسلم :«هَذَا – يعني الفقير - خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا»[5].
	ومثله كذلك حديث الترمذي :«كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ [6] ، 
	لَا يُؤْبَهُ لَهُ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، مِنْهُمْ 
	الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ» .
	أين العيب في فقرنا وإن الفقير من أهل الجنة ليدخلها قبل الغني بأعوام طويلة ؟ 
	قال نبي الله صلى الله عليه وسلم :« يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ 
	الْأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِ مِائَةِ عَامٍ» [7].
	وإنَّ ألمّ بقلبك شكٌّ ، أو رابه ريبٌ في نفي العيب عن كون المسلم فقيراً فتأمل 
	هذه النصوص ..
	هل سمعتم بأكرم ثلاثة على الله أخرجهم الجوع من بيوتهم ؟
	لنفسح المجال لأبي هريرةَ صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدثنا عنهم ..
	قال  رضي الله عنه  : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم 
	ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَالَ :«مَا 
	أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ» ؟ قَالَا : الْجُوعُ يَا 
	رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ :«وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي 
	الَّذِي أَخْرَجَكُمَا» [8].
	يدخل عمر  رضي الله عنه  على نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول : 
	رَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ ، فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ :«مَا 
	يُبْكِيكَ» ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا 
	هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ! فَقَالَ :«أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ 
	لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ»؟ [9].
	وهذا الذي أبكى عمرَ رآه ابنُ مسعود – رضي الله عنهما – فقال له : يَا رَسُولَ 
	اللَّهِ ، لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً ؟ فَقَالَ :«مَا لِي وَمَا 
	لِلدُّنْيَا ؟ مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ 
	شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» [10] .
	أعجيبٌ هذا ؟ فاسمعوا إلى ما هو أعجب منه .. 
	هل تعلم أيها القارئ الكريم أنّ بيوت النبي صلى الله عليه وسلم تدور عليها 
	ثلاثة أهلة في شهرين كاملين ولا توقد نار فيها ؟ شهران ولا نار توقد للطبخ في 
	بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم !! تحدث عائشة رضي الله عنها بذلك [11] ابنَ 
	أختها عروة ، فلما سألها : ما كان يُعيشُكم ؟ تجيب : الأسودان ؛ التمر ، والماء 
	.
	أتمنى أن يرجع كل واحد منّا بهذا السؤال لنفسه : لو أنّ أحدنا حدث له ذلك في 
	أسبوع كيف سيكون حاله ؟ إن أفقر واحد منّا لا يمكن أن يبلغ به الحال مثل ما بلغ 
	بنبينا صلى الله عليه وسلم .
	خبر لا يقل غرابة عن سابقه يخبر به أبو هريرة  رضي الله عنه  ، قال : 
	جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : إِنِّي 
	مَجْهُودٌ[12] ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي 
	بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ،  ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى 
	فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ : لَا 
	وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ [13].
	ما هذا ؟ بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلو من لقمة العيش ! بيوت خليل 
	الحق وسيد الخلق لا يوجد فيها سوى الماء ! لا إله إلا الله .. ما أحقرَ هذه 
	الدنيا ! وما أكثرَ الغرورَ بها !!
	قال أبو طَلْحَةَ  رضي الله عنه  : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ 
	صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ ، وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ 
	، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَجَرَيْنِ [14].
	إنّ أبا هريرة  رضي الله عنه  - وعاء العلم - كان يتلوى من الجوع على 
	الأرض ، اسمعه وهو يحدث عن نفسه فيقول :" لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي 
	لَأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  إِلَى 
	حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَيَجِيءُ الْجَائِي ، فيضع رِجْلَهُ 
	عَلَى عُنُقِي وَيُرَى أَنِّي مَجْنُونٌ ، وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ ، مَا بِي 
	إِلَّا الْجُوعُ" [15].
	 وابن مسعود كان فقيراً تنفق زوجته عليه [16] ، وأهل الصفة من أفقر الناس ، فما 
	العيب في ذلك ؟
	يا أيها الفقراء ، ختام كلمتي ببيان واجب ، وعزاء :
	أما الواجب فأن نقنع بما قسم الله لنا ..
	فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما ، أَنَّ 
	رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ : «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ ، 
	وَرُزِقَ كَفَافًا ، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ» [17] .
	ما الفقر بعيبٍ ، إنما العيب أن يسخط الإنسان على قدر الله .
	العيب أن ننظر إلى من فوقنا .
	 العيب أن نتبرّم من حالنا ولا نشكر ربنا .
	العيب أن نأكل حراماً يهلكنا .
	العيب أن نتعرض لسؤال الناس ونريق ماء وجوهنا .
	يذكر الذهبي رحمه الله في ترجمة  الكرخي [18] أنه أُصيب بالفالج في آخر عمره ، 
	وحضر أصحابه فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج، والشيخ مقل ، ولا ينبغي أن 
	نبذله للناس، فكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان ، فأحسَّ الشيخ بما هم فيه ، فبكى 
	، وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني ، فمات قبل أن يحمل إليه شيء .
	وأما العزاء فحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  رضي الله عنه  قَالَ : قَالَ 
	رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا 
	مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً 
	، ثُمَّ يُقَالُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ 
	بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ . وَيُؤْتَى 
	بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، 
	فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ 
	رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا 
	وَاللَّهِ يَا رَبِّ ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً 
	قَطُّ» [19] .
	
	يا فقراء المسلمين :
	ليكن في بالكم أنّ الله إنْ حرمنا فقد أعطانا ، وإن منعنا فقد حبانا ، كم في 
	المرضى بفشل الكُلى من ينظر إلى الماء وقد مُنع منه إلا بقدر ما يتناول به 
	دواءه ، وكم من الناس من كُتب عليه أن يلازم فراشه إلى موته، أسأل الله الشفاء 
	لمرضى المسلمين .
	إنّ رجلاً من الأغنياء عدّد له الأطباء ما يجب أن يمتنع عن أكله في قائمة طويل 
	ذيلها ، مما سرّب الكآبة إلى نفسه، والحزن إلى قلبه ، فقال : والله لو أجد من 
	أُعطيه كلّ مالي على أن يُخلَّى بيني وبين ما تشتهيه نفسي لفعلت غير حانث!
	
	معشر الفقراء : أكثروا من حمد الله ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 
	:«إذا قال العبد : الحمد لله كثيراً ، قال الله تعالى : اكتبوا لعبدي رحمتي 
	كثيراً» [20] .
	لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ  
	رضي الله عنه  إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا ، وَكَانَ 
	رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ ، 
	وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ ، فَقَدِمَ أَبُو 
	عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ ، فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ 
	، فَوَافَتْهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، 
	فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله 
	عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ :«أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي 
	عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ» ؟ قَالُوا : أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ 
	. قَالَ :«فَأَبْشِرُوا ، وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللَّهِ مَا 
	الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ 
	عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، 
	فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ» 
	[21]، وفي طريق أُخرى:«فتهلككم كما أهلكتهم » .
	أسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه ، وأن يغنينا بفضله عمن سواه ، وأن يفرج 
	همّنا ، ويقضي ديننا .
	وصل اللهم وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
	
	
	
  ------------------------------------
	[1] / مسند الإمام أحمد.
	[2] / مسلم .
	[3] / البخاري ومسلم  .
	[4] / ما يُنتفع به من متاع  الدنيا .
	[5] / البخاري ومسلم .
	[6] / الطمر : الثوب البالي .
	[7] / الترمذي .
	[8] / مسلم .
	[9] / البخاري .
	[10] / الترمذي .
	[11] / في الصحيحين .
	[12] / أعياني الجوع وأجهدني .
	[13] / صحيح مسلم .
	[14] / سنن أبي داود .
	[15] / صحيح البخاري . 
	[16] / البخاري ومسلم .
	[17] / مسلم .
	[18] / سير أعلام النبلاء 15/426-427 .
	[19] / مسلم .
	[20] / ابن حبان في صحيحه .
	[21] / البخاري .