|  | 
   
	دعونا نتجاوز محيط الحوار حول التيار السلفي العلمي والتيار السلفي الجهادي ، 
	فهذه الأطروحة امتلأت بها المنتديات والساحات وكثر فيها القيل والقيل والبحث 
	والنقاش حتى دخلت المساحة الممنوعة من التنابز والاتهام في النيات ، وصار الحق 
	عند هؤلاء وأولئك لازما أن يكون في إطار الأفهام والقرائح التي لها انتماء لهذا 
	الفصيل أو ذاك ، وغدا كل من من يعارض حتى ولو في فرع بسيط كأنه خارج على 
	إجماعات الأئمة وقطعيات الأمة ، وبدا التباحث بين الأخوة في هذا الباب كأنه 
	تكريس للنزاع والخلاف وليس خروجا منه . . 
	
	إن وجود التيار الذي يزعم نفسه تيارا جهاديا لا خلاف فيه ، وكذلك التيار الذي 
	يزعم نفسه ليس جهاديا أو أنه علمي دعوي فقط لا خلاف في وجوده أيضا ، ولكن إنكار 
	وجود تيار سلفي آخر في الساحة لا يعدو أن يكون عماية عن الواقع الذي تحياه 
	الأمة ، أو تعامٍ عن المحيط الذي نعيشه ، إنه كمثل تصريح بعض قادة الدول الذي 
	أراد أن يخدع الغرب بطريقة حكمه الموالية لأهداف الحضارة الغربية والصليبية 
	الحديثة فقال : الإخوان المسلمون لا وجود لهم في بلادي ، ! بينما هم يملئون 
	السهول والبقاع ، أو على الأقل تمتلي بهم سجون بلاده !! أو كمثل تصريح بعض قادة 
	الأخوان أنفسهم في بعض البلاد أن وجود الأخوان هو الوجود الطاغي المسيطر على 
	مجريات الحركة الإسلامية ، بينما إذا تلفت في المساجد لم تجد لهم خطيبا إلا ما 
	ندر ( أعني في تلك البلاد ) ، إنها عقدة التجاهل التي يلجأ إليها من أحاطت به 
	خطيئته واستيقن من تقصيره وعلم أنه مسئول لا محالة عن شيء تراه عينه وتسمعه 
	أذناه ، فلو أثبت كان مغلوبا ، وقال لا أعرف لكان جاهلا ، فلا وسيلة أجدى من أن 
	يتجاهل ، فيظن أن الناس أنه يعرف ولكنه يحتقر من حوله ويستصغر شأنهم ، ومثل هذا 
	عند الحمقى بطل ، وعند الأذكياء مهلكة ، وكل فطن يعرف أن من كان له عدو فلا بد 
	أن يعد له العدة حتى ولو  كان صغيرا حقيرا ، وقد قيل : إذا كان عدوك نمله 
	، فلا تنمله . . 
	
	إن هناك تيارسلفي آخر هو التيار السلفي الشعبي ، وهو ما أستطيع أن أصفه بأنه 
	روح الصحوة وماؤها ورواؤها ، إنه التيار السلفي عقيدة ومنهجا ومشربا وموردا 
	ومصدرا ، ولكنه متواضع من حيث الإمكانيات العلمية ، إنه ذلك الشاب المتواضع 
	الذي جرفته المدنية يوما في مدها وجزرها القوي الهادر ، وإذا بخشبة لا يحسب 
	الناس لها حسابا تعترضه وهو يغرق في لجج الشهوات والشبهات ، فيتعلق بها فتنجيه 
	من غمرة الورطة التي وقع فيها ، إنها خشبة الهداية المتواضعة التي يذللها الله 
	تعالى لملايين الشباب والفتيات ، دون تدخل هيئة أو جهة أو وساطة عالم أو طالب 
	علم ، فيتدارك ذلك الشاب أوتلك الفتاة نفسها ، فترى ألا مرجعية لها إلا لكتاب 
	الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسط هذا البحر الهادر ، فحنينهم 
	دوما لأول منزل ، وعشقهم دوما للحبيب الأول ، هؤلاء السلفيون البسطاء ، هم وقود 
	الصحوة ، وهم النماء الطبيعي والتطور الحقيقي للتيار السلفي الذي يقود الصحوة 
	الآن في كل مكان . . 
	
	هؤلاء لا يتميزون بزي ، وليست اللحية أو النقاب هو سيماهم الوحيدة، ففيهم هذا 
	وذاك ، وهذه وتلك ، ولكن الذي يجمع آصرتهم ، حب الدين ، وحب منابعه الأصيلة ، 
	وحنينهم للرعيل الأول ، وشوقهم للمجد الذي تأثله آباؤهم وأجدادهم من الصحابة ، 
	إذا ما قرأوا سيرة الصحابة والرعيل الأول هاجت نفوسهم ، والتاعت شوقا لذلك 
	الماضي الفخيم ، والتاريخ العظيم . . . هؤلاء هم التيار الهادر الذي يغذي 
	الصحوة ، بل هم لبابها وجوهرها وسر أسرارها ، هؤلاء هم الذي يغذون كل الجماعات 
	الأخرى والتيارات المختلفة العاملة في الصحوة ، هات لي شابا في اي جماعة لا يحن 
	للصحابة ولا يعتبرهم قدوته في الجملة ، هات لي شابا أو فتاة في أي ميدان لا 
	يعتبر القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما ورثه عن الرعيل الأول منهاجه 
	في حياته ، بل إن الجماعات إذا ما أرادت خطب ود هؤلاء الشباب وأولئك الفتيات 
	فلا مدخل لقلوبهم إلى سير السلف الصالح ، وكل من دعى إلى فكر أو منهج جماعة فلا 
	مدخل إلى قلب أحد إلا بأن يتذرع أنه يريد إعادة أمجاد السلف الصالح 
	وحياة السلف الصالح ، فلعمرالله إن المنهج الذي يغذي كل تيارات الصحوة هو منهج 
	السلف وروح حياة السلف ، والسلفية في حقيقتها هي ما عاشه السلف من منهج القرآن 
	والسنة ، وهذا في حد ذاته هو بؤرة تفكير كل شاب وفتاة . ينتمون لهذه الصحوة 
	المجيدة . . . . 
	
	من هذا المنبر . . أدعو كل علماء الأمة . . أن يتحملوا مسئولية هذا الدين 
	بالدعوة إلى المنهج الأصيل الذي يمثل يمثل الدين حقيقة ، ويمثل التاريخ 
	الإسلامي أصالة ، أدعو علماء الأمة أجمعين أن يكون لهم دور في معايشة واقع 
	الشباب والفتيات والخوض في جزئياتهم حياتهم ، ألا ينتظروا أن يأتي الناس إليهم 
	، أن يتوغلوا في عمق الحياة في المجتمع ، في عمق المشكلات عندهم ، أدعوهم أن 
	ينأوا عن مشكلات وخلافات المعتقد والفروع وأن يجعلوا في محيط البحث العلمي 
	المتخصص ، وألا ينزلوا بها إلى الاهتمام الشعبي ، فإنها تستنزف الجهود ، 
	وتستهلك القوى ، وتزلزل الأرض تحت الزحف الهادر الماضي بعزمه في بعث الأمة 
	الغارقة . . 
	
	إن التيار السلفي الشعبي هو الممثل الحقيقي للصحوة ، وهو الذي يجب أن نعطيه 
	اهتمامنا ونصب في بعثه وتطويره جهودنا ، كفانا فرقة وتشرذما ، كفانا خلافا 
	وتنازعا ، هلموا بنا نعد هذا الجيش المحمدي الزاحف إلى القدس ، إلى بغداد ، إلى 
	كابل ، إلى كل بلد محتل ، وعقل مختل ، هلموا بنا نردد 
	فصفوا الكتائب آساده . . . ودكوا به دولة الباطل