الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد
وآله وسلم تسليما كثيرا أما بعد :
فهذا مسألة لطيفة ، وهي : هل يجوز الحلف على غلبة الظن أو لا بد من اليقين ؟
لعل الصواب: هو جوازه عند غلبة الظن ، وتأمل معي هذين الحديثين :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم
إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت ! قال: ما لك ؟
قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم .. [إلى أن قوله]
فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله ؟
فوالله ما بين لابتيها ـ يريد الحرتين ـ أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك النبي
صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال: أطعمه أهلك.
رواه البخاري (1936) ومسلم (1111).
وجه الدلالة: أنه لا يعلم يقينا أنه أفقر الناس بل قاله بناء على غلبة ظنه ،
وأقره النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي
..
[إلى أن قال رجل: زوجنيها ]
فقال: هل عندك من شيء ؟
فقال: لا والله يا رسول الله . قال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ؟
فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئا .
قال: انظر ولو خاتما من حديد ، فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ، ولا
خاتما من حديد.
رواه البخاري (5030) ومسلم (1425).
وجة الدلالة: انظر كيف قال: لا والله يا رسول الله، ثم يقول له النبي صلى الله
عليه وسلم اذهب .. ويتكرر ذلك مرتين ، فهو يحلف والرسول صلى الله عليه وسلم
يقول له: اذهب.
والله أعلم .