الطموح نحوَ الكمال من دواعي النفس الشامخة ، و الرغبة في التقدُّم على
الأقران غريزة و جِبِلَّة ، و ليس هذا إلا في مقام المحامد و الممادح ، لكن
أن يكون السعي إليها إخلالاً من حيث ألاّ شعورية فهو مكمنُ الآفات ، و موطن
الزلات .
إن من علائم الناجح أن يكونَ مَرِناً في تسييرِ برنامج أهدافه ، و أن يكون
مُسدِّداً مقارباً ، فلا هو الأخاذُ بالأمور بشدة ، و لا هو المتساهلُ
بإتمامها .
و حقيقةُ المثالية ليست في إتمامِ العمل كمَّاً ، بل هي في أمرين ذوَيْ بالٍ
:
الأول :
إتقانه كيفيةً ، و هو الأساس و الأصل .
الثاني :
في احترامِ العمل و نتائجه .
فهذان الأمران هما من الأمور التي تُمثِّل حقيقة المثالية في أداء العمل ،
أما ما يكون من المباهاة في الكماليةِ و الصورة الحسنة _ مع الإخلال بأحد
هذين _ فليس من المثالية إلا في الدعوى .
و من هنا نعرف أن كثيراً من الإداريين واقع في شِباك الزيوف المثالية ، فليس
هو الذي ظفر بإتقان العمل في كيفيته ، و لا هو الذي احترمَ نتائجَ عمله .
و
لكلٍّ من الأمرين مهام مختصةٌ به :
فمن مهام الإتقان أشياء :
1.
رَسْمُ معالم العمل و أهدافه .
2.
تحديدُ آليَّاته و إمكانياته .
3.
مرونةُ التعامل مع العمل .
و من
مهام الاحترام :
1.
السرعةُ في اتخاذ القرار ، مع معرفة
بواعثه .
2.
نظرةُ التقدير لنتيجةِ العمل ، و اعتبارُ الفشل فيها خطوة نجاح جبار ، و كما
قيل : النجاح في أحضان الفشل .
3.
احترام عملِ الآخرين ، فليس كلُّ عاملٍ أخطأ في نظرك هو مخطيءٌ في ذاته ، و
ليس كل محسنٌ محسناً .
و هذه من أسس النجاح في العمل _ أيَّاً كان _ ، و إن أبعدَتْ ففي العملِ خللٌ
كبيرٌ لن يُؤْتي نتيجته .
إن قضية المثالية من القضايا الإدارية التي عُكِسَ الفهم لها ، و معالجتها من
الأمور المهمة جداً ، و هذا مدخلٌ بسيط .
و قد كان من جميلِ التفاؤل أن جُعلَ الفشل ممتعاً ، ومن قبيح ما يستعمل أن
يكون لمبدأ المثالية طابع الفشل .
متى ؟!
إذا استعملَ في غير حق .
|