|
قصة النجاحِ قصةٌ جميلةٌ ، لذيذةٌ على لسان القاريءِ ، ذاتُ نَغْمةٍ أخَّاذةٍ ،
لا يَمَلُّ الشَّخْصُ قراءتَها ، و لا يسأمُ مِن مُعاوَدَتِها ، لأنه يجدُ فيها
مُتْعَتَه ، و يَلْتَقِطُ بُغْيَتَه .
النجاحُ كلمةٌ لها معانٍ ساميةٍ في نفسٍ ترْغَبُ في أن تكون ذاتَ أثرٍ في
الوجود .
النجاح قيثارةٌ تتراقَصُ على نغماتها روحٌ اتخذَتْ السماءَ أرضاً لها .
النجاح شمسٌ أشرَقَتْ في أُفُقِ شخصٍ لم يعرف سوى أنْ يكونَ هو نفسُه كما يعرفُ
عنها .
أروعُ قِصَصِ النجاح تلك القصة الطويلة التي أخذَت زمناً طويلاً ، و جُهْداً
كثيراً ، و حُبِّرَتْ كلماتها ، و سُطِّرَت عباراتها ، حتى غَدَتْ كتاباً
مألوفاً ، و قِصةً تُحكى في كل ميدانٍ و على كلِّ لسان ، وَضَعَ تلك الأوراقَ و
ما احتوتْ على أرض الوجود صانعُ النجاح الفريد ، مُؤَسِّسُ الإنجاز العجيب ،
الواثقُ في سِيْرَتِه ، المؤمنُ بقدرَتِهِ ، الثابتُ في خطوته .
إنَّ كتاباً كهذا الكتاب الذي أتكلَّمُ عنه تتطلَّعُ إليه كلُّ شخصية تَعْشَقُ
النجاح ، و تَتُوْقُ نحوَ التميُّزِ ، و ليس كلَّ أحدٍ من الناسِ ، بل لن
يقتنيه إلا مَن كانتْ أحاديثُ نفسِهِ النجاحُ و الناجحون .
مِن خلال قراءتي للكتاب وجدتُ المؤلِّفَ ذاكراً أصولَ نجاحه ، و قواعد نبوغه ،
و مباديءَ تفوُّقِهِ ، فهو لم يَكن صِدفة جاءَ على حين غفلةٍ منه فكان شيئاً
بعد أللاشيءَ .
كلا ، بل هو بجهدٍ ، و على مباديءَ ، و مِن أصولٍ .
حقاً أعجبتني تلك الركائزُ التي ذكرها مؤلف الكتاب ، و أعتقدُ أنها سِرُّ نجاحِ
كلِّ شَخْصٍ في هذه الأرض ، فإلى تلك الركائز التي ذكرها المؤلفُ ، و بَعْدَ
ذلك أذكرُ لك اسم المؤلف .
الركيزة (1) :
عَرَفْتُ مَن ( أنا ) ، إنَّ أَوُلَى قواعد نجاحي
_ كما يقول المؤلف _ هي معرفتي بذاتي ، لأنَّ معرفتي بذاتي نُقطةُ الانطلاقة
الكُبرى في حياة النجاح ، و لأنها السبيلُ الأوحد الذي أسْلُكُه نحو تحقيق ما
أريد ، و بدون معرفتي بذاتي لَنْ أصِلَ إلى أيِّ هدفٍ ، لأنَّ معرفتي بذاتي
تعني :
1_ معرفتي بقدرتي على تحقيق ما أريد .
2_ معرفتي بقوتي العقلية .
3_ فهمي لنفسيتي و إعطائها ما تستحق .
كثيرون الذين لم يصلوا و لم يبلغوا أمانيهم بسبب أنهم لم يعرفوا ذواتهم ، إذن ،
فالسرُّ الأول من أسرار النجاح معرفةُ الذات .
الركيزة (2) :
الإيمان بقُدراتي ، بعد أن عرفتُ ذاتي ، و تعمَّقْتُ في فهمها قادني ذلك إلى
السر الثاني من أسرار نجاحي ، و هو : الإيمان بِقُدراتي ، إنَّ إيماني
بِقُدراتي جعلني أُوْقِنُ بأني أملكُ ما يملكه غيري ، و بأنَّ نجاح الغير لم
يكنْ بخاصِّيَّةٍ له دون الناس ، بل كان بسببِ أنَّه أدرَكَ أنَّ له قُدرةً
تُمَتِّعُه بالإبداع و الإنتاج و النجاح .
انعدامُ الإيمان بالقدرةِ سببٌ كبيرٌ و رئيسٌ في التفافِ الفَشَلِ حول الإنسان
، لأنَّ الإنسان لَن يستطيعَ أن يتقدَّمَ خطوةً نحو هدفه لأنه لم يُؤْمِن
بِقدرته على ذلك ، و هذا وَحدَه كافٍ في أن تعرِفَ لماذا أنَّ آلافاً من الناسِ
يَقْبَعُون في براثِن الفَشلِ .
إضاءةٌ : ثِقْ بأنَّ قدراتك ليس لها حَدٌّ .
الركيزة (3) :
العزيمةُ ، لمَّا آمنتُ بِقدراتي و أيْقَنْتُ بأنني قادرٌ ، اتَّخَذْتُ ركيزةً
ثالثةً هي نُقطةُ تحوُّلٍ لي ، و بلوغٍ لما أطمَحُ إليهِ ، و هي العزيمةُ ، فقد
عزَمْتُ على أن أكونَ شيئاً ، و أن أُحْدِثَ أثراً ، إنَّ العزيمةَ هي الوقودُ
و هي المُحرِّكُ الضابط لمسيرة النجاح ، و آفةُ مَن تراجَعَ أو تقاعَسَ عَن
طريقِ النجاحِ و بلوغِ هدفِهِ ضعْفُ عزيمته .
عَزَمْتُ فاتَّخْذْتُ القرارَ بالمغامرةِ نحو الهدفِ ، لأنَّ حياتي إما أن تكون
مغامرةٌ شريفة أو لا شيءَ ، و رغبتي الجامحة أنْ أكون شيئاً يُذكرُ ، لذا
اعزِمْ بقوةٍ فقدرتك جبَّارةٌ .
الركيزة (4) :
تحديد الهدف ، حَدَّدْتُ ما أريدُ ، و ما الذي أرْغَبُهُ ، و ما غايتي ، لأنَّ
عزيمتي لنْ تكونَ إلا نَحو شيءٍ محدَّدٍ ، نَحو شيءٍ معروفٍ ، و راعيتُ في
أهدافي :
1_ الوضوح ، فالغامضُ نتيجته غامضة ، و إيضاحُ الهدفِ باعثٌ لي على قوةِ
الوصولِ إليه .
2_ الإيجابية ، فلم أضع هدفاً سلبياً ، بل وضعتُ أهدافاً إيجابية ، أريدُ كذا .
3_ المُسْتَقْبَلِيَّة ، تجاوزتُ الماضي و تركته ، فلم أعُد أنظر إليه ، و
بَقِيَتْ نظرتي نحو الأمام ، و على ذلك كان تحديدُ أهدافي .
4_ الكتابة ، فهدفٌ ليس على وَرَقِ العملِ كلامٌ فارغٌ ، اكتب أهدافَك لتعمل
على تحقيقها .
إضاءة : هدفُكَ المُحدَّد نورٌ يجْذِبُك إليه .
الركيزة (5) :
التخطيط ، التخطيط هو الطريق المُمَهِّدُ المُوْصِلُ إلى الغاية و الهدف ، الذي
يسيرُ بدون تخطيطٍ كَمن يسيرُ و هو مُغْمِضٌ عَيْنَيْهِ ، فحتى تصلُ إلى هدفك
المنشودِ كُنْ لَه مُخَطِّطاً ، و دارساً ببصيرةٍ الطرقَ المُوْصِلَةِ إليه .
التخطيطُ لا يقومُ به إلا الجادُّوْن من الناس ، و الساعون نحو الأهدافِ بدون
تخطيطٍ ليس لديهم أيّ جدِّيَّة ، و لو كانوا جادين لما وصلوا ، و لو وصلوا
لكانوا على خَلَلٍ .
الركيزة (6) :
العملُ ، لَم يَبْقَ لي بَعْد أن حدَّدْتُ هدفي و خَطَّطْتُ له سوى أن أبدأ
العمل ، فَشَدَدْتُ خُطوتي ، و بدأتُ بالتطبيق ، هذه هي الجوهرةُ الحقيقة
للنجاح أن تبدأ العملَ في تحقيق أهدافك ، دَعْ عَنك الأمنيات فليسَ لها شأنٌ
عِند الجادِّين ، الحياةُ لا تقبلُ إلا أعمالاً لا آمالاً ، أعرِضْ _ كما
أعرَضْتُ _ عَن مغازلةِ الآمال ، و معاكسةِ الأمنيات ، و عليكَ بالتشميرِ و
الجِدِّ ، و كُن في تشميرِكَ مُلاحظاً تقصيرَك ، لتبلغَ النجاحَ الأكبر .
الركيزة (7) :
قيادة الزمن ، الزمن هو ظرف العمل على تحقيق الهدف ، و بلوغِ قمة النجاح ،
فالحرص على ضبطه و إدارته على أفضلِ وجهٍ يجعلُ الشخصَ يُثَمِّنُ كلَّ دقيقةٍ
من وقته ، و يَعمُرُ وقتَه بكلِّ ما هو خادمٌ لنجاحه و أهدافه .
بكلِّ تأكيد أنَّك تَثِقُ كما أَثِقُ بأنَّ مَن لا يُديرُ وقْتَه لن يصِل إلى
هدفه ، إذنْ ماذا تنتظر ، إلى متى و نحنُ نصرفُ أوقاتاً هَدَراً فيما لا
يُسْعِف في تحقيق غاياتنا و أهدافنا .
إضاءة : وَقْتك حياتُك .
الركيزة ( 8 ) :
التخيُّلُ ، التخيُّلُ أولُ الحقيقة ، صَرَفْتُ وقتاً كلَّ يومٍ في تَخَيُّلِ
أهدافي و كأنها قَد تحقَّقَتْ ، رأيتُ صُورَها ، سَمعتُ أصواتاً داخليةً و
خارجيةً تُشَيِّدُ بنجاحي ، أحْسَسْتُ بالمشاعر الفياضةِ التي انتابتني و أنا
أعيشُ تلك اللحظات ، فرَحاً و طرَباً ، جمالاً و حُسْناً ، أصواتاً موسيقية
تنادي بأهازيج التهاني و الفرح ، ما أجملها من لحظات ، كم أتمنى لو كنتَ مَعيَ
تعيشُ ما أعيشُ ، بل أتمنى أن أكون معكَ في لحظاتك أنتَ أراك فرِحاً مسروراً .
الركيزة (9) :
التوافقُ التام ، إنني بشَرٌ مُكَوَّنٌ مِن :
جسَدٍ ، و روحٍ ، و عاطفةٍ ، و عقلٍ ، و لكلٍّ مِن هذه الأربعة حقُّ عنايتي و
رعايتي و اهتمامي ، لأنَّ صَرْفَ شيءٍ من ذلك يُثمرُ لي تحقُّقَ التوافقَ و
التصالُح بينَ مُكَوَّنات بَشَريتي ، و كلها راجعةٌ إلى الاهتمام بالعقلِ ،
لأنه محلُّ الثقافةِ ، و مَجْمَعُ الفِكرِ و التأمُّلِ ، و ما أُحَصِّلُهُ مِن
ثقافةٍ تَعودُ على الكلِّ بالإيجابية ، فأعرفُ كيفيةَ الرعايةِ ، و مدى العناية
، و سِرَّ التنمية ، و الجهلُ بذلك يُنتجُ لي اضطراباً لأنَّ الجهلَ مرَضٌ .
الركيزة (10) :
التفاؤل ، و هو نظرةٌ إيجابيةٌ لكلِّ شيءٍ في كلِّ شيءٍ ، خاصةً السلبيات ، كما
أنَّ التشاؤمَ نظرةٌ سلبيةٌ لكلِّ شيءٍ ، خاصةً الإيجابيات .
التفاؤلُ يَبعثُ في النفسِ أُنْسَاً و سعادةً ، و هي غايةُ ما أريد و ما أقصِد
، التفاؤلُ سِرُّ الناجحين ، لأنَّه يدفعهم خطواتٍ نحو الهدف ، و ينقلُهم نحو
النجاح ، كما أنَّه يُشْعِرُهم بأنهم ما زالوا يَخْطونَ بقوةٍ نحو ما يريدون .
ماذا لو تشاءمَ الناجح ؟
حتماً سيرى في ضوءِ النهارِ الليلَ ، و من يَرة الحديقةَ ناراً يرميه الناسُ
بالجنون ، و سيجد ضَنكاً و ضيقاً ، و إذا ضاقتْ نفسُ الناجحِ فَتَر عَن هدفه ،
و ربما انخذلَ عنه ، أرأيتَ شُؤْمَ التشاؤم ؟.
تفاؤلي في حياتي بَعَثَ لي ابتسامةَ الكونِ ، فهل ستتفاءل في حياتك ؟
الركيزة (11) :
التآلُفُ ، كُنتُ في مسيرةِ نجاحي أصْحَبُ أناساً متآلِفاً معهم ، أَزِنُ كلاً
بما يناسبه ، لم أنظر إليه كذاتٍ ، و إنما اتخذتُ منه صفات أصحبها ، فحقَّقْتُ
التآلُفَ مع الكلِّ ، فصارَ تآلُفي معهم خادماً لي في تحقيق نجاحي ، و بلوغي ما
أريد .
لن تعيشَ وحدك ، ثِقْ بذلك ، و لن تجِدَ من لا يأتيكَ منه ما يُكَدِّرُك ، ثِقْ
بذلك أيضاً ، و لن تصبرَ على ذلك كلِّه ، ثِق ثالثةً ، إذنْ لَم يبقَ لك سوى أن
تكون متعايشاً مع الكلِّ على قانون المحبةِ دون شَرْط ، لا تنتظر مِن أحدٍ أن
يُعطِيَك ، بل كُنْ أنتَ المُعطي ، لأنَّك ناجحٌ ، و الناجحُ رفيعٌ عالٍ .
مَن لا يُوافِقُك في شيءٍ ، و يُسَلِّطُ عليكَ وسائلَ إيذائه كُنْ محتوياً لَه
كما يُريد ، مِنها تُسْكِتُه و منها تسلمُ منه .
إضاءة : رضا الناس غايةٌ لا تُدْرَك .
هذه ركائزُ و أصول ذكرها صاحبُ الكتابِ ، كانت سِرَّ نجاحه في حياته ، و هي
سِرُّ نجاحِ كلِّ ناجحٍ ، عجباً إنها ركائز عظيمة ، و أصولٌ كبيرة ، منبعثةٌ من
مدرسةِ الحياةِ ، و جامعةِ الكون .
أما زِلْتَ تنتظر اسمَ المؤلف لهذا الكتاب الخطير ؟
لن أطيل عليك ، إنَّه : أنتَِ ، فهو يحكي قصةَ نجاحك ، و تاريخَ تألُّقِكَ ،
هكذا كانتْ خطواتك نحو النجاح ، ما أروعك ، و ما أبدَعك ، حقاً أفتخرُ بِكَ .
عزيزي : إنَّه كتابَك ، فَكُن محافظاً عليه ، كتَبْتُه على لسانك ، و بيَّنْتُ
فيه أسرارَ نجاحك ، فعذراً لقد تطفلْتُ فَحكيتُ عَنْك ، لكن لإعجابي بِك .
دمتَ سعيداً .
انتهتْ قصةُ كتاب : " تاريخ النجاح الكبير " .
كَتَبَ
عبد الله العُتَيِّق
6/4/1428هـ
الإثنين ، الرياض