بعض المراجعات الفكرية التي نشاهدها بين الفينة والأخرى هي في حقيقتها تراجعات
لا مراجعات، ودخيلات لا أصيلات، وإلا متى أصبحت الثوابت تُغير وتستبدل بمجرد
مشاهدة مقطع، أو قراءة قصاصة، أو مشاهدة مشكك، أو مجادلة مشاكس، ورحم الله
الإمام مالك حين قال: (كلما جاءنا رجل أجدلُ من رجل تركنا ما نزل به جبريل عليه
السلام على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله؟!).
وروي عنه أيضًا أنه قال لرجل أراد مجادلته: (أنت رجل شاك فاذهب إلى رجل شاك
مثلك!).
إنَّ المراجعات التي تقربك إلى الله تعالى، وتزيدك قناعة بأصالة دين الله وشرعه
وحججه، وتُحبب فيك الطاعات والمسارعة في الخيرات= هي المراجعات الحقيقية، أمَّا
المراجعات التي تُفسد أنوار الإيمان في قلبك، وتجعلك تتكاسل عن فرائض الله
ومندوباته، وتُضعف فيك عبادة الخلوات فهي تراجعات لا مراجعات، وهي من تلبيسات
أبالسة الثقلين، فلا خير في مراجعة تفسد الخلق، وتبعد الصديق، وتفرح العدو،
وتقلل العبادة، وتوحش القلب، والله لا خير فيها أيها الشاب، لا خير فيها ..
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا
تتبع أهواء الذين لا يعلمون﴾.