الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن
بهداه اقتدى . . أما بعد :
فالكل يسمع بمنظمة الرفق بالحيوان ، وهي في الظاهر منظمة ترعى حقوق الحيوان ،
كما يبدو للرائي والسامع حين يشاهد ويسمع ، إلا أن الحقيقة أن هذا الاسم بعيد
كل البعد عن ظاهره ، فهي في ظاهرها تحمل الرحمة والرفق وفي باطنها تحمل القسوة
والرق ، فمن تأمل حال الحيوان في الغرب لوجد عجبا إذ كيف يدعون للرفق وهم
يصعقون الحيوان بالكهرباء ، ويصوبونه بالطلق الناري ، ويضربونه بالآلات
الحديدية على أم رأسه حتى يخر ميتاً ، بل وتسلخ جلود الحيوانات وهي لم تمت ،
وهذا ما شهدت به وسائل إعلامهم ، وما رآه الأطباء وأهل المعرفة من أبناء
الإسلام ، الذين وفدوا إلى تلك الدول الغربية ، فأي رفق يدعونه ، وأي رحمة
يزعمونها ، وهم أبعد ما يكون عن الرحمة والرأفة ، فكم طالعتنا وسائل الإعلام
المختلفة بالهجمات الشرسة التي تقوم بها تلك المنظمات اليهودية والنصرانية التي
تريد إبعاد المسلم عن عقيدته ، وتنحيته عن دينه . وذلك بتشكيكه في أعظم ما
يعتقده المؤمن من دينه ، ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه ، ألا وهو الذبح
لله ، والتقرب إليه بإراقة الدماء فقد قال جل شأنه " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين " وقال تعالى " فصل لربك وانحر " ، وقال تعالى " لن
ينال الله لحومها ولا دمائها ولكن يناله التقوى منكم "
فلقد أمر الله تعالى عباده بأن يكون ذبحهم له سبحانه ، وأن يخلصوا في ذلك ،
فيقول الذابح عند ذبح بهيمته " بسم الله ، اللهم هذا منك ولك " ، فهذه البهائم
والنَعَم من فضل الله تعالى على عباده ، فمنها يأكلون ومنها يركبون ، وعليها
يحملون أمتعتهم وبضائعهم .
قال تعالى : " ومن الأنعام حمولة وفرشاً كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات
الشيطان إنه لكم عدو مبين " ، وقال تعالى " والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع
ومنها تأكلون " وقال تعالى " أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً
فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب
أفلا يشكرون " فهذه الآيات دلت دلالة قاطعة على أن الله تعالى بحكمته البالغة ،
وعلمه الذي وسع كل شيء قد خلق هذه الأنعام التي بين أيدينا وجعلها طعاماً لنا
وجعل منها مركباً ، ومنها زينةً يتخذها الناس ومنها ما يحرث الأرض ، ومنها ما
يحمى الزرع ومناه ما يستخدم في الصيد وغير ذلك كثير ، فمنافعها كثيرة جداً ،
ومنها ما سخره الله تعالى لنا لنأكله ، ونتقرب بذبحه إليه سبحانه فالهدي
والأضاحي والعقيقة والصدقة العامة ، كل تلك الأنعام تقع من الله بمكان قبل أن
يقع دمها على الأرض ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وقدوة
طيبة ، ومثالاً يحتذى به ، فهو أرحم بنا من أنفسنا ، وشفقته بنا عظيمة ، وحرصه
علينا كبير . قال تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو
الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً " ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أعظم
الناس رحمة بالبهائم ، واعطف عليها من الخلق جميعاً ، وسنته مليئة بذلك ، أخرج
الشيخان وغيرهما من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " عُذِّبَتِ
امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا
النَّارَ ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا ، إِذْ حَبَسَتْهَا ، وَلَا
هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ " ، وأخرج البخاري وأبو داود
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ
عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ ،
فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ ، فَقَالَ
: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي ، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ
أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ ، فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ
، فَغَفَرَ لَهُ " قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَإِنَّ لَنَا فِي
الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : " فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ " ، الله
أكبر ما أعظمه من دين إسلامي ، رعى حقوق الإنسان والحيوان ، وأعطى كل ذي حق حقه
، وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ : "
لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ " ، وأخرج أبو داود ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا ، لَا أُحَدِّثُ
بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا ، أَوْ حَائِشَ
نَخْلٍ ، قَالَ : فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَإِذَا
جَمَلٌ ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ
وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ ، فَسَكَتَ ، فَقَالَ : " مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ ؟
لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : لِي يَا
رَسُولَ اللَّهِ ! فَقَالَ : " أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ
الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا ، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ
أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ " ، فهل هناك أعظم من هذه الرحمة منه صلى الله
عليه وسلم ، الذي يمثل الإسلام وصورته المشرقة ، بل ومن اهتمامه صلى الله عليه
وسلم بالبهائم أنه حث على سرعة ذبحها ، وإزهاق روحها ، حتى لا تتألم ، فعَنْ
شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ : " ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ
كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا
الْقِتْلَةَ ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ
أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " [ أخرجه مسلم وغيره ] ، دين
عظيم ، دين كامل من لدن حكيم حميد ، دين صالح لكل زمان ومكان ، لا يأتيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، حث على الرحمة والتراحم ،
والمحبة والألفة ، أمر بالتكافل الاجتماعي بين المسلمين ، وحذر من أذية الإنسان
والحيوان ، ومن عظيم اهتمام الإسلام حتى بالحيوان أنه نهى عن قتل بعض الحيوانات
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ
النَّمْلَةُ وَالنَّحْلَةُ وَالْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ " [ أخرجه أبو داود وابن
ماجة واحمد والدارمي ] ، وعلى العكس من ذلك فقد أمر الإسلام بقتل دواب وحيوانات
أخرى لما تسببه من مفاسد وأضرار ، ولما تلحقه من أذى بالناس كافة ، عن
عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ ، يُقْتَلْنَ فِي
الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ
الْعَقُورُ " [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له ] ، وفي لفظ لمسلم : قال صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ
وَالْحَرَمِ : الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ
الْعَقُورُ وَالْحُدَيَّا " ، فشرع قتل هذه الدواب لما يتحقق به مصلحة الناس ،
لا سيما إذا صدر منها أذى لبني آدم ، والغالب على هذه الدواب أنها مؤذية بطبعها
، فإذا لم يصدر منها أذى فلا حاجة لقتلها ، وإزهاق روحها .
ومع هذه الرحمة العظيمة التي كان يوليها النبي صلى الله عليه وسلم للحيوان ،
ومع ذلك العطف الكبير عليها فقد كان يذبح الهدي والأضحية ويأمر بذلك ، وليس في
ذلك أي تعد على الحيوان ، وليس في ذلك أي ضرر عليه ولا على نسله ، فالبشرية منذ
بدء الخليقة وهم يتغذون على الحيوان والنبات ، ومع ذلك فهي في تكاثر وتنامٍ
وتزايد ، ما لم يكن القتل عشوائياً ، بلا هوادة ولا رحمة ولا تؤدة بالحيوان ،
فإن حصل ذلك فلا غرو أن تباد بعض السلالات ، وتنقرض أخرى ، وتتناقص ثالثة ، لكن
لما كان الأمر من الله جل وعلا ، العالم بحقائق الأمور ، وخفايا الصدور ،
واتباعاً لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا شك أن هناك حكمة علمها من علمها ،
وجهلها من جهلها ، ومن أعظم ذلك أن في إزهاق روح بعض الحيوان تقرباً إلى الله ،
وفي بعضها دفعاً لأذاها ، وهكذا تتضح الحكمة ، وتزال الغشاوة .
ولقد أمرنا الله بذبح الهدي للقارن والمتمتع في الحج ، قال تعالى : " فمن تمتع
بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " ، ولقد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم
في حجة الوداع مائة من الإبل نحر منها ثلاثة وستين بيده ، وأعطى الباقي لعلي بن
أبي طالب لينحرها ، وذبح عن نسائه البقر ، وكان يقلد الغنم ويشعرها ويرسلها إلى
بيت الله تقرباً إلى الله عز وجل ، ومنذ بزوغ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا
والمسلمون في كل مكان يؤدون هذه الشعائر العظيمة متبعين كتاب ربهم ، ومقتفين
سنة نبيهم ، وما زالت أعداد تلك البهائم في نمو وتناسل طبيعي .
ثم يأتي الكفار والمنافقون والمرجفون في الأرض ليثنوا الناس عن عقيدتهم
ويشككوهم في دينهم ، ويبعدوهم عن ثوابتهم ، ومن أعظم ذلك ما تزيفه منظمة الرفق
بالحيوان وما تدعيه باطلاً وزوراً من أن المسلمين يريدون أن يفنوا السلالة
البهيمية ، وسبحان الله ، كيف لم تفن منذ أكثر من 1400 سنة ، حتى تفنى الآن ،
لقد أمرنا الله بذلك ، وأمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وهو إراقة
الدماء تقرباً إلى الله تعالى في الحج بالهدي والأضاحي ، وعند ميلاد المولود
بالعقيقة ، وغير ذلك من الأمور والعادات والتقاليد العربية الأصيلة ، كقدوم
الضيف ، ووليمة العرس وغير ذلك .
فهل نتبع قول الله وقول رسوله ، أم نركن إلى قول اليهود والنصارى وأذنابهم
وأعوانهم لا كثرهم الله ، قال تعالى : " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن
سبيل الله " ، وقال تعالى : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم
" .
إنهم يخفون وراء ذلك أموراً كثيرة ومن أهمها وأعظمها شأناً ، تشكيك المسلم في
دينه ، وزحزحته عن ثوابته ، فمن شك في دينه وخصوصا" ما هو معلوم من الدين
بالضرورة مثل أركان الإسلام وأركان الإيمان فقد كفر والعياذ بالله .
إن ما تدعيه مثل تلك المنظمات التنصيرية والتبشيرية ما هو إلا حقد وحسد على
المسلمين ، يريدون من ورائه أن يشرعوا لنا شرعاً غير شرعنا وقد قال تعالى : "
أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " . فالشرع شرع الله
ورسوله ، والحكم حكم الله ورسوله ، والحلال ما أحله الله ورسوله ، والحرام ما
حرمه الله ورسوله .
وما يثلج الصدور ، ويذهب غيظها ويزيد في ألم العدو ، ما تراه من تفاعل المسلمين
في كل مكان مع كتاب ربهم وتمسكهم بهدي نبيهم ، ونبذهم لشعار عدوهم ، وعدم
الاكتراث بأوهامهم وشبههم التي يدسونها ويبثونها . قال تعالى " وأطيعوا الله
والرسول لعلكم ترحمون " ، وقال تعالى : " ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً
عظيماً " ، فالمؤمن صادق مع ربه ، مخلص في إتباعه ، متوكل على ربه ، طائع لأمره
، حذر من نهيه ، قال تعالى " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله
ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " .
فمن تأمل الآيتين السابقتين وجد أن الله تعالى علق الفلاح والرحمة والفوز
بالجنة لمن اتبع كتاب ربه العزيز ، وتمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وعلى النقيض من ذلك ، فمن خالف الكتاب والسنة واتبع أهل الأهواء والزيغ والفساد
، أهل الكفر من النصارى واليهود وغيرهم ، فقد وقع في الإثم والمعصية ومأواه
النار وبئس المصير ، قال تعالى : " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين
فيها أبداً " .
فإلى ماذا يرمون ؟ وإلى ماذا يخططون ؟
إن المسلم العاقل الحصيف ، المنصف المقدر للأمور قدرها ، ليعرف حق المعرفة ،
أنهم يخططون لإبعاد المسلم عن دينه شيئاً فشيئاً ، فإذا تخلى المسلم عن أي أمر
من أمور دينه التي لا تقبل مساومة ، فليس ببعيد أن ينخلع من دينه ، ويخرج من
عقيدته .
فمن ترك الذبح لله ، فلا شك أنه سيترك دعاء الله ، ويتجه لدعاء المخلوقين ،
وربما أشرك بالله شركاً أكبر ، فمن تنازل عن قدر أنملة من دينه ، فلا عليه أن
يموت يهودياً أو نصرانياً والعياذ بالله .
وإني في هذه العجالة التي لا تحتمل الإطالة أنبه جمع المسلمين لخطورة الوضع
القائم اليوم ، فالأعداء قد كثروا ، وكشروا عن أنيابهم ، وأبانوا عن نواياهم ،
وأوضحوا مخططاتهم ، فلم يبق إلا أخذ الأهبة والاستعداد لمواجهة خطر الأعداء
واستحضار قول الحق تبارك وتعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط
الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم " ، والحذر كل الحذر من الشبهات التي يلقونها
في روع المسلمين ، ويقذفونها في نفوس الضعفاء منهم ، ويبثونها بينهم ، فلا عز
ولا فوز ولا نجاة إلا بالتمسك بشرع الله تعالى وشرع نبيه صلى الله عليه وسلم .
وعلى الجميع أن يكونوا قلباً واحداً في مواجهة مدلهمات الأمور ، وسد باب الشرور
، وأن يلتف الحكام والمحكومين حول العلماء الفضلاء الربانيين من هذه الأمة ،
فهم المخرج بعد الله من كل مأزق ، لأنهم ورثة الأنبياء .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، واجعل هذا البلد آمناً
مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا
وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم
الرحمين ، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا
اجتنابه ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، برحمتك
يا عزيز يا غفار ،سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين ، والحمد
لله رب العالمين .