بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كم رأيت من شاد للثقافة منهك القوى ، قد احتطب من معارف الأرض سنين عددا ؛ ينقض
ظهره بالكتب رجاء أن تدفئه في ليلة يجمد بها قلبه ، ويعلوه الجليد ، يعلل نفسه
بعسى ؛ وعسى تفتح عمل اﻹنسان .
يدير عجلة أيامه بحثا عن الهداية ، فتارة تصيبه نشوة المعرفة ؛ فيقول : الهداية
ثم ، وتارة يجثو على ركبتيه يائسا ، معترفا بعجزه وضعفه .
هذا السيل المعلوماتي الجرار أصاب بعض القناعات فمالت عند بعضهم ، واقتلعت من
الجذور عند آخرين ، وصار سؤال الهداية حاضرا عند من يرجو الله والدار اﻵخرة .
أمسك مصحفك وتتبع آيات الهدى والهداية ؛ ستدلك أن للهداية طريقا معبدا غايته
"القرآن" ، فقد وصفه الله -جل وعﻻ- في أكثر من موضع بأنه "هدى ورحمة " ، ووعد
سالك طريقه بالهداية فقال " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " وقال " نزله على
قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى " وفي وصف دقيق لمﻻمح الهداية كما
يريدها الله قال " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود
الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله "
هذه البشرية كلها محتاجة لكتاب الله ولذلك أنزل الله هذا القرآن "هدى للناس"
لكل الناس ، أنزله نورا تبدد ظلمات الكون الأعمى " وأنزلنا إليكم نورا مبينا *
فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم " وقال
"قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السﻻم "
هذه الدنيا مفتقرة إلى العدل ؛ والعدل كل العدل في كتاب الله ، وما عداه فلن
يخلو من ظلم وهوى " آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت ﻷعدل بينكم " وقال سبحانه
" وأن احكم بينهم بما أنزل الله وﻻ تتبع أهواءهم " وقال "فاحكم بينهم بما أنزل
الله وﻻ تتبع أهواءهم " وقال " تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد
ظلما للعالمين "
كتاب تﻻوته هداية وأمان من الكفر " وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي
لنفسه " وقال عز من قائل " وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله "
أعرفتم سر اقتران الهداية بالقرآن ؟ تحدثوني عن العطش المعرفي أحدثكم عن بئر
تروي الصادي للحقيقة والمعرفة ؛ لكننا نكسل عن المتح منها ، أو نتغافل في أحوال
أخرى .
ﻻ قيمة لموعظة خلت من اﻹنذار بالقرآن ؛ فالله سبحانه وصف القرآن بأنه "موعظة من
ربكم " ، وتكرر الحديث عن اﻹنذار بالقرآن في سورة الأنعام وحدها ثﻻث مرات كما
في قوله " وأوحي إلي هذا القرآن ﻷنذركم به ومن بلغ " وفي قوله "وأنذر به الذين
يخافون " وفي قوله " وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر به أم
القرى ومن حولها"
لذلك صرت أقول لكل من استنصحني بشأن البناء المعرفي والثقافي :
" يا صديقي ؛ القرآن أوﻻ .. القرآن أبدا "
|